أهرامات الجيزة العظيمة تُضاء ليلًا لتؤكد مكانتها ضمن عجائب الدنيا السبع ولترمز إلى حداثة البلاد
البابا تواضروس الثانى يهتم بتقوية الروابط بين الكنائس القبطية والأديان والطوائف الأخرى ويعمل على تعزيز التعليم والتنمية فى البلاد
لم تكن ولادة مصر الجديدة بدون تحديات وصعوبات، لكن البلد الآن فى طريقه لأن يصبح رائدًا اقتصاديًا وثقافيًا فى المنطقة. تفتخر الحضارة المصرية الجديدة بتراثها الفرعونى، لكنها مصممة أيضًا على خلق مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
أصداء زيارة الوفد الفرنسى الذى استضافته مؤسسة «البوابة نيوز» خلال شهر مارس الماضى، ما زالت تشغل حتى الآن حيزًا فى الإعلام الغربى، وقد كتب أكثر من عضو من أعضاء الوفد عن إنطباعاته خلال الزيارة.. من بين ما نشرته الصحف الغربية، هذا المقال الذى نشرته مجلة الدبلوماسية الدولية السويسرية «ديفا»، تحت عنوان «حضارة مصرية جديدة تتقدم نحو الأمام!»، للسيدة ميشال صبان، رئيسة الصندوق الأخضر R20 Green Fundللنساء، الذى شاركت فى تأسيسه للعمل على كوكب الأرض فى مكافحة تغير المناخ وتنفيذ التنمية المستدامة، كما ترأست حتى ديسمبر 2015، الصندوق العالمى لتنمية المدن، وهو منظمة سياسية دولية لتعزيز التضامن والقدرات المالية، من قبل السلطات المحلية وفيما بينها.
خلال مهمة بحثية ودراسية نظمها الدكتور عبد الرحيم على، وهو شخصية ثرية وكاتب استثنائى، سفير الحضارة المصرية الجديدة، قمت باكتشاف مصر جديدة.. مبتكرة وحديثة ومحبوبة.
مصر الجديدة هى فخر المنطقة والشرق الأوسط.. منذ وصول الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى للسلطة عام ٢٠١٤، دخلت مصر مرحلة تحول حقيقية حيث أطلقت الدولة مشاريع بنية تحتية كبرى، وجددت مدنها، وأمنت حدودها، واستثمرت فى التقنيات المتقدمة.
هذه الحضارة المصرية الجديدة مستوحاة من الحضارة الفرعونية القديمة، لكنها تعيد تفسير قيمها ورموزها فى سياق حديث. أهرامات الجيزة العظيمة، على سبيل المثال، تُضاء الآن ليلًا لتؤكد مكانتها كواحدة من عجائب الدنيا السبع فى العالم القديم، ولكن أيضًا لترمز إلى حداثة مصر.
تحتل مصر اليوم مركز الصدارة فى مجال التكنولوجيا، مع مشاريع المدن الذكية قيد التطوير، ومراكز البحث والابتكار فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومبادرات رقمنة المرافق، وتطوير الشركات الناشئة.
مصر الحديثة هى أيضًا مجتمع نابض بالحياة، مع وجود مراكز ثقافية ومتاحف ومهرجانات أفلام وفعاليات رياضية دولية. أصبح السفر إلى مصر أكثر أمانًا وراحة من أى وقت مضى، مع الفنادق الفاخرة والمطاعم الذواقة والرحلات النيلية والرحلات المصحوبة بمرشدين لاستكشاف المواقع التاريخية.
لم تكن ولادة مصر الجديدة بدون تحديات وصعوبات، لكن البلد الآن فى طريقه لأن يصبح رائدًا اقتصاديًا وثقافيًا فى المنطقة. تفتخر الحضارة المصرية الجديدة بتراثها الفرعونى، لكنها مصممة أيضًا على خلق مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
كان لقاء إمام الأزهر أحمد الطيب فرصة مثيرة لمناقشة الإسلام ودوره فى العالم الحديث.. بصفته رئيسًا لواحدة من أكثر المؤسسات الإسلامية احترامًا فى العالم، يعد الطيب المحاور الرئيسى لمناقشة القضايا المتعلقة بالسلام والتسامح والتفاهم بين الأديان. يستمع إلى صوته الملايين من أتباع الإسلام فى جميع أنحاء العالم، مما يجعله زعيمًا مؤثرًا فى المجتمع الإسلامى.
وخلال هذه الزيارة التاريخية، أتاح لنا الاجتماع مع الإمام الطيب الفرصة لمناقشة الجهود المبذولة لتعزيز التناغم والتفاهم بين الأديان وكيف يمكن للإسلام الترويج للرسائل السلمية والقيم العالمية مثل المساواة والصلاح.. بالإضافة إلى ذلك، طرحنا أسئلة تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات الإسلامية فى جميع أنحاء العالم، مثل حقوق المرأة والتعليم والتطرف العنيف. الإمام الطيب من أشد المدافعين عن إصلاح الإسلام وتطوير الدين لمواجهة تحديات عصرنا.
باختصار، أتاح لنا هذا اللقاء مع إمام الأزهر أحمد الطيب مناقشة التحديات الحالية التى تؤثر على المجتمعات الإسلامية فى جميع أنحاء العالم.
وخلال الزيارة أيضًا شرفنا بمقابلة رئيس الوزراء المصرى حيث سمحت لى هذه المقابلة بمناقشته حول قضايا المناخ وأطفال الشوارع بطرح بعض أكبر التحديات التى تواجه مصر مثل الجفاف والتصحر والعواصف الرملية والفيضانات، وكلها تؤثر على الزراعة والصحة العامة. ومن جانبه، أطلعنا رئيس الوزراء على الجهود التى تبذلها مصر للتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ وكيف يمكن للشركاء الدوليين المساهمة فى هذه الجهود.
كما تطرق الحديث مع رئيس الوزراء إلى قضية أطفال الشوارع خاصةً أن الكثير منهم يعملون فى ظروف خطرة، أو يقعون ضحية سوء المعاملة والإهمال، وأكد لنا رئيس الوزراء خلال تلك المقابلة أن الحكومة تدعم هؤلاء الأطفال الضعفاء وتعمل على منحهم حياة أفضل.. وبالفعل رحب رئيس مجلس الوزراء بالعمل معى من خلال جمعيتنا المهتمة بهذا المجال للعمل مع الحكومة المصرية وطرح المبادرات لتوفير حياة أفضل لهؤلاء الأطفال وتحسين أوضاعهم.. باختصار كان هذا الاجتماع مع رئيس الوزراء المصرى فرصة ثمينة وغاية فى الأهمية لمناقشة التحديات التى تواجه مصر.
بعد كل ذلك نصل إلى الإسكندرية.. تلك المدينة الساحلية فى شمال مصر، تأسست عام ٣٣١ قبل الميلاد على يد الإسكندر الأكبر. كانت مركزًا للتجارة والثقافة فى العصور القديمة، حيث قيل إن مكتبتها الشهيرة احتوت على مئات الآلاف من المخطوطات. تشتهر الإسكندرية أيضًا بمنارتها، إحدى عجائب الدنيا السبع فى العالم القديم، والتى دُمرت فى القرن الرابع عشر. تعرضت المدينة للاحتلال من إمبراطوريات مختلفة وشهدت فترات من الازدهار والانحدار. تعد الإسكندرية اليوم مدينة حديثة وديناميكية تجذب السياح من جميع أنحاء العالم. كما أنها ثانى أكبر مدينة فى مصر بعد القاهرة.
وقمنا بعد ذلك بزيارة مكتبة الإسكندرية، وهى تجربة رائعة لمحبى الكتاب والتاريخ.. فهذا المكان أحد أكثر المواقع شهرة فى المدينة، وله تاريخ غنى وتأثير قوى على ثقافة وفلسفة العصور القديمة حيث تم افتتاح المكتبة عام ٢٠٠٢ للاحتفال بإرث مكتبة الإسكندرية الأصلية، إحدى أكبر وأشهر المكتبات فى تاريخ البشرية وتم بناؤها على نفس موقع مكتبة الإسكندرية القديمة التى دمرت فى حريق عام ٣٩١ م.
وتعتبر مكتبة الإسكندرية الكبرى تحفة معمارية حقيقية حيث تتميز بتصميم عصرى يمزج بين عناصر من الماضى والحاضر، كما أن لها طرازًا فريدًا يتميز بشكل دائرى وسقف مائل برفق، وتحتوى على أكثر من ثمانية ملايين كتاب ومخطوطة وأوراق بحثية بالعديد من اللغات، بما فى ذلك العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية. كما تضم المكتبة أيضًا قاعة محاضرات ومعارض كتب ومرافق سينما وأنشطة ثقافية أخرى. كما أنها مركز مهم للبحث والتعاون الدولى، مما يشجع التعاون بين المؤسسات والحكومات فى جميع أنحاء العالم.
وكانت فرصة زيارة مكتبة الإسكندرية تجربة فريدة ورائعة لمحبى التاريخ والكتب والثقافة، فمثل هذه الزيارة تجعلنا قادرين على اكتشاف التراث الثقافى الغنى للعصور القديمة والتطورات الحديثة فى البحث والتعليم التى تم تحقيقها فى مختلف العصور الحضارية والقديمة.
وكانت لحظة التأثر الكبرى خلال تلك الزيارة هى التجول داخل الجزء المخصص للرئيس أنور السادات.. رجل السلام والقيم الأساسية والحقيقة "فى القدرة على تغيير نفسك، هناك قوة لتغيير العالم من حولك".
وهنا نتحدث عن مقابلة البابا تواضروس الثانى بابا الأقباط، والتى تعتبر تجربة قيمة لأولئك الذين يسعون إلى فهم الدين والثقافة المصرية. كرئيس لجميع الكنائس القبطية الأرثوذكسية فى مصر وأفريقيا، البابا تواضروس الثانى هو شخصية بارزة فى الكنيسة القبطية، والتى تمثل نسبة كبيرة من السكان المصريين.
تم انتخاب البابا تواضروس الثانى فى نوفمبر ٢٠١٢ وعمل منذ ذلك الحين على تقوية الروابط بين مختلف الكنائس القبطية الأرثوذكسية وكذلك مع الأديان والطوائف الأخرى، كما عمل على تعزيز التعليم والتنمية فى مصر، وخاصةً للشباب وأتاحت لنا المقابلة مع البابا تواضروس فرصة حقيقية للتعرف على ثراء الليتورجيا والتقاليد القبطية، فضلًا عن التاريخ الرائع لهذه الكنيسة التى يعود تاريخها إلى زمن قديم.
وفى الحقيقة، لقد كان اللقاء مع قداسة البابا القبطى تواضروس الثانى بمثابة اللحظة الأساسية لفهم صحيح الدين والثقافة المصرية كما شرح لنا الدور المهم الذى يضطلع به باعتباره رئيسًا للكنيسة القبطية.
وفى النهاية، أود أن استعين بما قاله الرئيس السيسى خلال قمة المناخ ٢٧ فى شرم الشيخ: "معًا، دعونا نواصل هذه اللقاءات، من أجل حماية الحياة على كوكبنا، لأنفسنا وللأجيال القادمة".