رأى رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية راعي أبرشية بعلبك دير الأحمر المارونية المطران حنا رحمه، أنه وبعد 48 عاما على انطلاق الحرب الأهلية، أثبتت الوقائع والحيثيات ان المشكلة بين اللبنانيين لم تكن لا طائفية ولا مذهبية ولا مناطقية، انما كانت وما زالت باستعمال لبنان صندوق بريد لتوجيه الرسائل بين اللاعبين الإقليميين والدوليين، وكان المطلوب إبقاء لبنان ساحة مشتعلة لتصفية الحسابات فيما بينهم، الأمر الذي ان دل على شيء، فعلى ضعف المناعة اللبنانية، وسهولة استعمال اللبنانيين كحطب في المواقد الدولية.
ولفت “رحمه” الى أن اكثر ما يدعو للأسف والقلق في آن، هو أن اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، لم يتعظوا بعد 48 سنة من تجارب الحرب ونتائجها، ولم يتمكنوا بالتالي من تنقية الذاكرة وإقفال الباب بإحكام على الحقبة السوداء منها، لذلك نرى ارتفاع المتاريس الطائفية والحزبية والمناطقية عند كل أزمة واحتقان سياسي، بما يعيد لبنان الى مربع الاقتتال بين شعبه، معتبرا ان المطلوب من السياسيين أسرى الحقد والضغينة، وتجار الغرائز الدينية الذين أوصلوا البلاد الى الموت السريري، إخلاء الساحة أمام قيادات شبابية جديدة تؤمن بثقافة الحياة والانفتاح والسلام والحوار، لأنه لا يمكن لمن صنع الحرب وقاد تفاصيلها، أن يصنع السلام ويقود مساراته.
وردا على سؤال، حول خلفية دعوته بهاء الحريري لقيادة الشارع السُني، أكد رحمه انه لابد للظلم من أن يولد انفجارا لا مفر منه، فمن كمال جنبلاط، الى الإمام موسى الصدر، فبشير الجميل والمفتي حسن خالد ورفيق الحريري، كلها محطات جلل أرادت منها يد الاغتيال والشر قتل كل إمكانية لقيام لبنان من تحت الرماد، فالمسيحيون على سبيل المثال ظلموا حين تعرضوا منذ العام 1975 لحرب ضروس، كان الهدف منها ترحيلهم ليس فقط من لبنان، انما من كامل الشرق والمنطقة العربية، ثم اغتالوا بشير الجميل في العام 1982، بسبب وقوفه في وجه هذا المخطط الشرير، وتمسكه بوحدة اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، ضمن صف وطني واحد لا فرق فيه بين عمر وعلي والياس ومعروف الا بعمق ايمان كل منهم بلبنان الدولة السيدة والكيان الرسالة، وكرت سبحة الاغتيالات لرجال الدولة، الى ان أتى رفيق الحريري «عراب الطائف» رجل التعليم والاقتصاد والطاقات والعلاقات العربية والدولية، وفي جعبته مشروع «لبنان سويسرا الشرق»، إلا أن مجيئه لم يرق لأهل ثقافة الموت والتدمير، فاغتالوه في العام 2005، واغتالوا معه عزيمة اللبنانيين بشكل خاص، وعزيمة الشارع السني بشكل أخص، الأمر الذي أدى بالشارع السني وبالرغم من صعود نجم وريثه السياسي سعد الحريري، الى حالة غبن وإحباط كبيرتين، ثم الى فراغ في القيادة السنية اثر انسحاب الأخير من الحياة السياسية، من هنا ضرورة تولي بهاء الحريري، الابن البكر لرفيق الحريري والشقيق الأكبر لسعد الحريري، قيادة الشارع السني، وذلك انطلاقا من مؤهلاته وقدراته في إعادة تجميع الطائفة السنية الكريمة، لكون غالبيتها تسبح في ضمير ووجدان المدرسة الحريرية الوطنية، وفي كمالية مشروعها ببناء لبنان الرسالة والنموذج، لبنان الواحد والموحد بمسلميه ومسيحييه، والذي من أجله اغتيل رفيق الحريري وقبله بشير الجميل وكمال جنبلاط والمفتي خالد، وغيب الإمام الصدر.
وختم “رحمه” داعيا النواب الى تحمل مسؤولياتهم أمام الله والتاريخ، وانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة من خارج المنظومة السياسية، حكومة إنقاذ قادرة على إخراج لبنان من النفق المظلم ووقف عذابات الشعب اللبناني، وبالتالي تطبيق اتفاق الطائف بالكامل، اذ لا يمكن للبنان ان يقوم الا بجناحيه المسلم والمسيحي، وعلى قاعدة وطن نهائي لجميع أبنائه.