الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

سالفاتور ألبيليس يكتب: حكاية واشنطن.. سلوك البيت الأبيض تجاه الأوروبيين والعالم مثل قصة يهوذا مع المسيح (1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نحتاج اليوم فى فرنسا وأوروبا، وحتى فى العالم إلى عودة إميل زولا مرة أخرى إلى التاريخ الأدبى والسياسى وخطابه الشهير "أنا أتهم"! J'Accuse.. هذا الخطاب الذى كُتِبَ لعناية رئيس الجمهورية الفرنسية، فيليكس فور، من قبل الصحفى والكاتب الفرنسى إميل زولا فى شكل رسالة مفتوحة نُشرت فى 13 يناير 1898 فى صحيفة "لورور" الاشتراكية، وكان الاتهام الرسمى لزولا يقوم على التنديد العلنى بمضطهدى ألفريد دريفوس والمخالفات التى ارتكبت عند ظهوره القضائى على خلفية معاداة السامية.

والمطلوب هذه المرة إدانة علنية على المستوى الأوروبى والعالمى للظلم المرتكب ليس فقط ضد روسيا، ولكن أيضًا ضد شعوب العالم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع هذا الظلم مسموح به بفضل استعباد التلفزيون.. وتخضع وسائل الإعلام لأعداء أوروبا من الناحية الجيوسياسية والولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية.. دعونا نتذكر أن رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فون دير لاين، وزيرة الدفاع الألمانية السابقة لنحو 6 سنوات والتى تحافظ على علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أوروبا، وتسعى أيضًا إلى أن تصبح الأمين العام الجديد لحلف الناتو، جهاز هيمنة الولايات المتحدة على القارة القديمة.

أمريكا تخون حلفاءها خلال النزاعات

فى الصراع الأوكرانى، تعرضت أوروبا بالكامل للخيانة بطريقة ما، وليس فقط ألمانيا بالهجوم على نورد ستريم 2، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن خيانة شركائها تعد فى الواقع أمرًا عاديًا وطبيعيًا خاصةً عندما تخدم المصلحة الوطنية. لنتذكر على وجه الخصوص، فى عام 2021، الخيانة الأمريكية لآلاف الأفغان الذين تعاونوا مع واشنطن بشجاعة، مخاطرين بحياتهم، كما فعل الأكراد أيضًا فى سوريا والعراق على مدار العشرين عامًا الماضية. لكن الغزو الأمريكى لأفغانستان انتهى بالتخلى التام عن الحلفاء الأفغان للولايات المتحدة الذين عانوا أكثر من الإذلال المهين على أيدى الإمبريالية الأمريكية. وبعد عشرين عامًا من غزو أفغانستان، قوبلت أقوى قوة عسكرية عرفها العالم بهزيمة تامة على يد عصابة من المتعصبين الدينيين المتخلفين.

لكن قبل وقت ليس ببعيد، أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن للعالم أن طالبان لن تستولى على كابول وأن هذا البلد لن يقع تحت سيطرتهم؛ وسيكون هناك حكومة مصالحة وطنية كما تم الاتفاق مع طالبان. وقال بثقة "لقد زودنا شركاءنا الأفغان بكل الأدوات والتدريب والمعدات لأى جيش حديث". وهكذا كل هذه الوعود تم فضحها تمامًا خاصةً أن القوات الأمريكية لم تكن قد أكملت انسحابها المخطط وكانت طالبان تنقض مثل النمر على فريستها. وأثارت سرعة هجومها حالة من الذعر فى حكومة كابول، التى كانت تعيش بالفعل حالة من الفوضى الشديدة فى حين أنه تم التخلى عن الفقراء والمضطهدين ليتولوا أنفسهم بأنفسهم.
 

جو بايدن خان الأفغان

الحجج المعروفة بأن سلفه، دونالد ترامب، هو الذى اتخذ القرار المصيرى بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان باطلة تمامًا، ومن الواضح أن الولايات المتحدة لم تكن ستفعل شيئًا يذكر لمعظم أولئك الذين تعرضوا لقمع طالبان الوحشى، وخاصةً أولئك الأفغان الذين تعاونوا مع الجيش الأمريكى واندفعوا إلى الخدمات القنصلية، للحصول على تأشيرة سفر ورحلة خارج البلاد. وبالنسبة للغالبية العظمى، كان هذا الجهد أمرًا عبثيًا فلقد تم اجتياح مطار كابول عن طريق أشخاص يائسين حاولوا مغادرة البلاد فى اللحظة الأخيرة قبل سيطرة طالبان.. اليوم، يتم إعدام أو سجن آلاف الأفغان.

تخريب نورد ستريم 

أكثر ما يثير الدهشة هو صمت الألمان، خاصةً أن الولايات المتحدة تهاجم حلفاءها الألمان بتفجير أحد أهم البنى التحتية للطاقة لألمانيا، وبالتحديد خط أنابيب الغاز، وماذا يفعل الألمان؟ لا شىء، إنهم لا يفعلون شيئًا، وبدون رد فعل واحد.. بالفعل إنه أمر لا يصدق!.. الحلفاء يهاجمون أصدقاءهم، فالسؤال الذى يطرح نفسه هو: القادة الأوروبيون حلفاء لمن؟ هل يمكننا الوثوق بالولايات المتحدة الأمريكية؟ والحقيقتان الوحيدتان هما: خاتمة التحقيق المفصل الذى نشره الصحفى الحائز على جائزة بوليتزر سيمور هيرش يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت مسؤولة عن قصف نورد ستريم الأول والثانى، والحقيقة الثانية أن الولايات المتحدة هاجمت مصالح حليفتها ألمانيا.

آخر "خيانة".. فنلندا والناتو

علينا أن نتذكر هنا الاتفاق مع تركيا للسماح لفنلندا والسويد بالانضمام إلى الناتو.. وقد صدق البرلمان التركى على اتفاقية انضمام فنلندا إلى الناتو بشرط تسليم المعارضين الأكراد الأتراك الذين لجأوا إلى فنلندا إلى أنقرة. ويبقى الفيتو على السويد، لأن تركيا تطالب بعودة أكثر أو أقل من 200 لاجئ سياسى كردى موجود حاليًا فى السويد. وفى غضون ذلك، تستمر مذابح الأكراد فى كردستان فى ظل صمت الصحافة الدولية، لأنه بالنسبة للغرب، من الأفضل التستر على مساومة القادة الأوروبيين لدولة ما رغم أفعالها الخطيرة على الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء والعديد من الدول العربية وأرمينيا.

هيمنة عالمية ضد الصين

فى هذا السياق، تخون الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبى للدفاع فقط عن مصالحها والآن أصبح من الواضح، أو يجب أن يكون واضحًا للجميع، أن الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لأى شىء، وأن أوروبا لن تكون سوى كبش فداء يستخدم ضد روسيا لتجنب تحالف محتمل مع الصين.. تحالف من شأنه أن يضع الأوربيين فى مستوى الدونية المطلقة.

قوة روسيا مع أوروبا

ستبقى روسيا أقوى قوة عسكرية فى أوراسيا والقوة الوحيدة فى العالم القادرة على تدمير الولايات المتحدة وكذلك أنفسنا.. إن ثقافة "الدولة العميقة" المهيمنة داخل وزارة الخارجية الأمريكية هى المادة اللاصقة التى تسمح لأمريكا بالحفاظ على خط سياسى يتجاهل فى كثير من الأحيان الاستراتيجيات الرئاسية الديمقراطية والجمهورية المختلفة ويعين أو يحتفظ فى قائمة البلدان "المخزية أو المتمردة" التى تزعج الهيمنة الأمريكية أو حتى الدول التى، من وجهة نظرهم، يمكن أن تصبح أعداء لهم خلال عقود من الزمن. وفى هذا السياق، تعتقد واشنطن فى الواقع أن أوروبا وروسيا معًا يمكن أن يكونا مشكلة غير قابلة للحل فى المستقبل ويمثلا أيضا تهديدًا حقيقيا ومجموعة منافسة قادرة على تحدى الإمبراطورية الأمريكية العالمية.. وبلا شك  فإن الإستراتيجية التى تم استخدامها هى فصل روسيا عن الدول الأوروبية.. وبالطبع تمكنت الحرب فى أوكرانيا من تحقيق أهداف تلك الاستراتيجية!.
معلومات عن الكاتب: 
سالفاتور ألبيليس..  صحفى من صقلية، ورئيس الوكالة الصحفية "إيطاليان دي إيطاليا"، ينضم للحوار بهذا المقال، الذى ينتقد الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبرها خائنة لحلفائها ولا يعنيها سوى مصلحتها.