الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ألكسندر عون يكتب: تراجع إنتاج النفط.. رمز لـ"غرب" لم يعد له الكلمة الأخيرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد  القرار الذى اتخذته  منظمة (أوبك) فى أكتوبر بخفض إنتاجها من البترول، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول مرة أخرى خفض إنتاجها من الذهب الأسود. وكان هذا القرار الذى اتخذته المنظمة بقيادة السعودية رمز عهد جديد، إذ أنه يتعارض مع المصالح الغربية ويصب فى مصلحة المجهود الحربى لموسكو.

أليس الإعلان المفاجئ الذى اتخذته المنظمة فى 2 أبريل بخفض إنتاجها تأكيدًا لفكرة "الغرب ضد الباقى"؟. فى الواقع، قفزت أسعارالبترول فى اليوم التالى، وارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى إلى 80.01 دولارًا بنسبة 5.74٪، كما ارتفع سعر برميل خام برنت من بحر الشمال إلى 84.42 دولارًا بنسبة 5.67٪. سيبدأ هذا الانخفاض البالغ حوالى مليون برميل يوميًا فى مايو، وسيستمر حتى نهاية عام 2023 بالشكل التالى: المملكة العربية السعودية: 500000 برميل يوميًا أقل؛ العراق: 211 ألف برميل يوميًا أقل؛ الإمارات العربية المتحدة: 144 ألف برميل فى اليوم أقل؛ الكويت: 128 ألف برميل فى اليوم أقل؛ الجزائر: 48 ألف برميل يوميا أقل؛ عُمان: 40 ألف برميل يوميا أقل.

وقد جاء هذا القرار"بالتنسيق مع بعض الدول الأعضاء فى أوبك وغير الأعضاء" وفقا لتقرير وزارة الطاقة الجزائرية.

نعمة لموسكو     

وقد أعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الروسى ألكسندر نوفاك فى موسكو، خفض إنتاجها من النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميًا حتى نهاية العام. وبرر سبب هذا الانخفاض إلى فترة "عدم اليقين" فى سوق الذهب الأسود، واصفًا هذا القرار بأنه "إجراء مسؤول ووقائى". كما أكد مسؤول كبير بوزارة الطاقة السعودية أنه "إجراء احترازى يهدف إلى دعم استقرار سوق النفط".

وجاء هذا القرار، الذى اتخذته الرياض جزئيًا، ليضاف إلى خفض أكتوبر الماضى، حيث خفض أعضاء أوبك وشركاؤهم بقيادة روسيا إمداداتهم بمقدار 2 مليون برميل يوميًا، أو حوالى 4٪، لوقف هبوط أسعار النفط. على الرغم من ضغوط البيت الأبيض وطلباته بعدم خفض إنتاج النفط، فقد وضعت المملكة العربية السعودية واشنطن مرة أخرى على المسار الخطأ. وبغض النظر عن ارتفاع أسعار السوق، فإن هذا الانخفاض مرادف للفائض المالى لروسيا فلاديمير بوتين.

وقد وصلت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها فى عامين مع سعر برميل خام برنت أقل من 80 دولارًا، وقد جاء إعلان 2 أبريل ليسمح لموسكو بإنقاذ الخزائن وبالتالى تمويل مجهودها الحربى فى أوكرانيا. هذا القرار يعتبر بشكل أو بآخر إزدراءً للعقوبات الغربية التى تسعى جاهدة منذ فبراير 2022 لعزل الاقتصاد الروسى ماليًا وتجاريًا. علاوة على ذلك، فهو يؤكد كذلك الدور الأساسى والمهم الذى تلعبه روسيا فى قرارات المنظمة. وأخيرًا، وعلى الرغم من الاضطرابات الدولية والمطالب الأمريكية المستمرة، فإن هذا الانخفاض فى الإنتاج يؤكد صلابة الجانب الروسى والسعودى فى مجال الطاقة.

 فقد تحسنت العلاقات الثنائية بشكل مطرد بين الرياض وموسكو منذ ما يقرب من سبع سنوات حتى الآن. فى البداية، كانت هناك صفقة تاريخية لخفض الإنتاج فى عام 2016 لرفع الأسعار من 30 دولارًا للبرميل إلى 55 دولارًا وتضم حليفين جديدين من أوبك+ مع انضمام مسقط وموسكو إلى المنظمة.. فى أكتوبر 2017، كانت هناك الزيارة التاريخية  للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى موسكو، تلك الزيارة التى وضعت حدًا للخلاف الدبلوماسى حول الملف السورى. وقد تزامن ذلك مع استعادة حلب فى ديسمبر 2016 وانسحاب المعارضة الجهادية من إدلب.

دليل أخرعلى التفاهم الجيد، ألا وهو أول رسو فرقاطة روسية، الأميرال جورشكوف، فى 6 أبريل، فى ميناء جدة السعودى "لمدة يومين من الراحة وإعادة تزويد الطاقم بالوقود".

استقلالية الرياض

لكن هذا الاتفاق بين البلدين المنتجين للنفط جاء على حساب الإرادة الأمريكية التى أعلنت أن هذا الخفض المفاجئ فى الإنتاج جاء "فى الوقت غير المناسب"، فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المتسارع فى الدول المستهلكة. يعتبر قرارالسعودية بخفض الإنتاج إعلانًا لنهاية حقبة من التوافق غير المشروط مع أجندة البيت الأبيض. ففى مقال نشر فى "وول ستريت جورنال" فى 3 أبريل، أعلن أن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان أخبر مؤخرًا مساعديه أنه "لم يعد مهتمًا بإرضاء الولايات المتحدة". لا شك أن هذا الموقف هو جزء من التغيير الجيوسياسى الأكثر حرية واستقلالية، إذ لم يعد النظام الملكى السعودى يتردد فى الاقتراب من الصين.

وقد كشف الصراع فى أوكرانيا عن هذه التطورات السعودية الأمريكية. فقد توقعت واشنطن فى عدة مناسبات من الرياض أن تقوم بفرض عقوبات على روسيا. ولكن لم يحدث شىء، إذ أن النظام الملكى اقتصر على القيام بدور الوسيط للإفراج عن أسرى الحرب. ولم يغير تملق الغرب للسعودية  بالقيام برحلات عديدة إلى المملكة من الأمر شيئًا. ذلك أن ولى العهد فى المملكة العربية السعودية يتبنى سياسة واقعية تستجيب للمصالح الاقتصادية والأمنية لبلاده.

فى ظل تراجع إنتاج النفط، وحياد المملكة العربية السعودية تجاه الصراع فى أوكرانيا، وملاحقة أعدائها السابقين، تتبنى المملكة سياسة عملية تعتمد على الظروف، على عكس الولايات المتحدة التى تجمدت حول موقف بالٍ كان فيه الغرب يحكم العالم.

معلومات عن الكاتب: 
ألكسندر عون.. صحفى فرنسى لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يحلل قرار تخفيض إنتاج النفط الذى يبدأ سريانه أول مايو المقبل، ويرصد تداعياته التى تؤكد استقلالية القرار السعودى وغروب شمس الغرب.