يعتبر د.فابريس بالانش، الحاصل على دكتوراه فى الجغرافيا السياسية والباحث الميدانى، أحد أعظم المتخصصين الفرنسيين والدوليين فى الشرق الأوسط، ونشر مؤخرًا كتابًا بعنوان "سوريا ولبنان.. الطائفية والسلطة"، الذى صدر عن جامعة رين والدانوب.
فى الحقيقة، أحد البلدين "سوريا" كان يعيش فى عزلة، والآخر "لبنان" كان منفتحًا على مصراعيه على العالم، على الرغم من الحرب الأهلية. أحدهما يظهر اشتراكية سياسية غير مقيدة عفا عليها الزمن، والآخر يخفى وراء القشرة الأيديولوجية للقومية العربية شكلًا من أشكال الطائفية المتفاقمة حيث تشعر السلطة بالخطر.
استشعارًا بتلك الفجوة بين رؤية الأكاديميين الفرنسيين عن الاشتراكية وبين ما هو على ارض الواقع، يقدم فابريس بالانش، قراءة واضحة وصريحة للحقيقة المجتمعية المطبقة فى سوريا ولبنان الذى عاش فى أرجائهما طوال ثلاثين سنة.
تتميز سوريا ولبنان بنزاعات عرقية ودينية وقبلية تبدو غير قابلة للاختزال. إذ أن أنظمتهم المجتمعية تمثل شبكة قراءة أساسية هى سبب فشل البنية الوطنية. فقد أخطأ حافظ الأسد عندما قال إن لبنان وسوريا يشكلان شعبًا واحدًا فى دولتين.. لكن ليس للأسباب التى نعتقدها.
يختلف فابريس بالانش مع االتراث الفكرى والأيديولوجى لإدوارد سعيد ويفند تلك الأفكار الواردة والقصص العظيمة عن الثورة السورية. فهو يقدم لنا مفاتيح واضحة للفهم على أساس ثلاثة عقود من العمل الميداني. ذلك أن بعض البحث العلمى مضلل وتفسيراته مبتورة وكان هذا السبب وراء الغياب الكبير للاستشراق. البحث الأكاديمى معيب بعماه وتفسيراته المبتورة فيما يتعلق بالصراعات التى تؤجج الشرق العربى إذ أننا نعانى من الاحتقان فى سياق خفوت الهوية. وسوف نقرأ هذا العمل بيقظة شديدة الانسيابية أثناء قراءة كتاب فى الجغرافيا السياسية يضع مؤلفه بين الأسماء العظيمة لمدرسة الواقعية الفرنسية.
معلومات عن الكاتب:
تيجران يجافيان.. باحث فى مركز المخابرات الفرنسى، ومؤلف كتاب الجغرافيا السياسية لأرمينيا، يشير إلى أحدث أعمال د. فابريس بالانش، وهو كتابه عن سوريا ولبنان، الذى نشره بعد رحلة بحث استمرت ثلاثين عامًا، قضى معظمها فى البلدين.