تلعب المسلسلات الوطنية دورًا كبيرًا في تشكيل وعي الشعوب، حيث تُمكنهم من قراءة المشهد كاملا مدعومًا بالمعلومات والوثائق الحقيقية، وهو ما تحقق في مسلسل "الاختيار" بأجزائه الثلاثة، وتحقق خلال الموسم الحالي من دراما رمضان، بعرض مسلسل "الكتيبة 101" الذي استعرض بطولات القوات المسلحة في دحر تنظيم ولاية سيناء الإرهابي "أنصار بيت المقدس سابقا".
اختتم المسلسل أحداثه باستهداف زعيم تنظيم ولاية سيناء المدعو أبو دعاء الأنصاري، مع عرض مادة وثائقية لمجموعة من الشهادات لضباط ومجندين ومدنيين من أبناء قبائل سيناء، ومُسعفين وخبراء في شئون الجماعات الإرهابية، وذلك بهدف تقديم المادة الفنية مشفوعة بشهادات من قلب الأحداث، حيث تنجح الدراما في اختراق عالم التنظيمات الإرهابية لتكشفها وتجعلها عارية أمام المواطن الذي يتساءل كثيرًا عن طبيعتها.
من جانبه، قال الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، إن تنظيم "ولاية سيناء" انتهى وجوده الفعلي أمام بطولات القوات المسلحة المصرية، أي أن التواجد الخطير الذي كان موجودا قبل العام 2014 انتهى تمامًا، بعدما تغلبت عليه القوات المسلحة بشكل كامل وفرضت سيطرتها وبسطت قوتها على كامل سيناء.
وأضاف "فايز" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن التنظيم انقطع به التواصل مع جهاته الخارجية، وبعض الدول التي كانت تدعمه بشكل فج وصريح، وذلك أمام الجهد المخابراتي المصري، وأيضا أمام النفوذ السياسي الذي توسع شيئا فشيئا.
مستكملا، أن القضاء على الإرهاب في سيناء لا يعني انتهاء المؤامرات، لكننا نراه نوعًا من الكمون والضعف أمام التواجد القوي للدولة المصرية، وما نراه من كشف لحقائق هذه العمليات في دراما رمضان يثبت قوة الدولة، فالأعمال الدرامية مثل "الاختيار" و"الكتيبة 101" تبرز تفاصيل المعركة، ومن غير المنطقي أن تعرض الدولة لمثل هذه المواجهات وهي لم تنته بعد، لكن الدولة أصبحت في موقف قوة، تخلصت من تهديدات التنظيمات الإرهابية، والآن تعرض قصص بطولات المصريين من أبناء القوات المسلحة والمدنيين، والمعنى الذي تحمله دراما رمضان يتمثل في ثبوت ورسوخ الدولة بما يسمح لها أن تقف لتحكي وتسرد كيف تحملت المؤسسة العسكرية وباء مثل هذه التنظيمات الإرهابية، وكيف ضحى الأبطال بأرواحهم، ليتمكن المواطن العادي في هذه اللحظة أن يخوض أكبر معركة له على السوشيال ميديا وهي "خروج جعفر العمدة من السجن"، وقبل سنوات كانت السوشيال ميديا تعج بالشارات السوداء التي تنعي ضحايا الجرائم الإرهابية في سيناء.
وأوضح "فايز"، أن دور هذه النوعية من الدراما مهم للغاية، فمن العام 2017 والإعلام والدراما والميديا ظهر عليها إدراك خطورة هذه المعركة، ليس فقط معركة إعلامية، بل معركة تكنولوجيا المعلومات، لأن الوسائط نفسها اختلفت، وسائط الإعلام والميديا اختلفت، فلم تعد قناة في التلفزيون أو جريدة ورقية تباع على الرصيف، فالدراما هنا تلعب دورا في تشكيل وعي المواطن، حيث تعمل على توضيح وشرح حقائق من الصعب تقريبها للمواطن، لكنها هنا في الدراما تجتمع المعلومات لتصنع صورة متكاملة، وتظهر دور شهداء بالمئات في المؤسسات الأمنية المصرية.
وقال "فايز"، إن الحلقتين الـ17، والـ18 من "الكتيبة101" أظهرتا الدور الكبير الذي قامت به القوات المسلحة في إحباط استيلاء التنظيم على الشيخ زويد وإعلانها إمارة لبضع ساعات يمكن أن يستخدموها في الترويج للتنظيم الإرهابي، ورغم عرض العملية بتفاصيل كبيرة وتوضيحها للناس فإن ما حدث في الواقع يفوق التصورات، لأن التنظيم هاجم أكثر من كمين في نفس الوقت، وعمل على تفخيخ المنازل والشوارع، استهداف المدنيين والجنود والضباط خارج وحداتهم الأمنية، كما أن عملية الشيخ زويد استمرت لساعات، ونحن لا نعرف ماذا يحدث في سيناء، وفي نفس الوقت بادرت العناصر الإرهابية بتداول منشورات عن سقوط المدينة.
وشرح الكاتب والباحث، أن الجيش المصري حارب أكبر تنظيمين عالميين في وقت واحد، واجه في الصحراء الشرقية تنظيم ولاية سيناء الذي بايع تنظيم داعش الإرهابي وقاده الإرهابي أبو دعاء الأنصاري، وفي الوقت نفسه واجه تنظيم "المرابطون" الذي بايع تنظيم القاعدة الإرهابي وقاده الإرهابي هشام عشماوي والإرهابي عماد عبدالحميد الملقب بـ"الشيخ حاتم"، وكأن الدولة المصرية محاصرة من أكبر تنظيمين إرهابيين في وقت عدم استقرار، ووسط تحديات على كل المستويات ثقافية واجتماعية وسياسية، مع أكاذيب وشائعات منتشرة على السوشيال ميديا في محاولة للتقليل مما تقوم به الدولة، الآن وبعد نحو 8 سنوات من عملية الشيخ زويد، يمكننا أن نعود ونحكي تفاصيل ما وقع، مع الاستمرار في بناء الوطن والدفاع عنه.