فى هذا الكتاب «المرأة فى مسرح إسماعيل عبد الله» للدكتور نرمين الحوطى والصادر حديثا عن إضاءات للنشر والتوزيع، تبحر بنا عضو هيئة التدريس فى المعهد العالى للفنون المسرحية وأستاذ مشارك فى قسم النقد والأدب المسرحى فى عالم الكاتب الإماراتى الكبير إسماعيل عبد الله أمين الهيئة العربية للمسرح.
وتعد هذه الدراسة من الدراسات السيمائية والتى تعمل على إنتاج المعنى فى إطار مجتمعى، مع الاهتمام بالدلالة والتواصل، حيث قدمت الكاتبة خلال الدراسة التى تقع فى 353 صفحة بواقع ثلاثة أبواب رصدت خلالها أعمال الكاتب إسماعيل عبد الله المسرحية بمختلف تنوعاتها التى تضمنت التراثية والاجتماعية والسياسية، لكى ترصد صورة المرأة فى شتى مراحلها.
واعتمدت فى ذلك على العلامات والرموز والأصوات المختلة للمرأة، بل لم يقتصر بحثها على المرأة فى مسرحه وإنما تطرقت إلى صورة المرأة فى المسرح والمسرح الخليجى والمسرح الإماراتى والمسرح العالمى من شكسبير إلى سريالية غيوم أبولينير، ومكانة المرأة فى المجتمع الإنسانى، والمرأة والمجتمع والدين، وكيفية تعامل النصوص المختلفة مع المرأة فى كل نوع من الأنواع، هذا بالإضافة على تقديم عن المسرح النسوى ومسرح نصرة المرأة.
كما قدمت الكاتبة ببليوجرافيا شاملة لسيرة ومسيرة الفنان إسماعيل عبد الله بدء من سيرته الذاتية التى دمجتها بشكل بالغ الأهمية مع أعماله المسرحية والتى جاءت تعبيرا صادقا حوله النشأة والتكوين الفكرى للكاتب، ومدى انعكاس تلك النشأة فى أعماله الإبداعية والإرهاصات الأولى للكتاب والتى بدأت مع القصة القصيرة، ومن ثم بداية علاقته بالمسرح والكتابة المسرحية، هذا بالإضافة إلى عمله بالمسرح ممثلا ومؤلفا للإذاعة والتليفزيون والسينما، هذا بالإضافة إلى الجوائز والتكريمات والمناصب التى تقلدها خلال مسيرته المهنية.
فى واقع الأمر أن الدراسة تستحق الكثير من الحديث عنها وعرضها بما يليق بها ولعل من أبرز ما قدمته الباحثة خلال دراستها هى استلهام التراث فى مسرح إسماعيل عبد الله ومدى تأثره بالبيئة المحيطة والتى انعكست بشكل كبير على أعماله المسرحية وتقول فى هذا الصدد عن مسرحية البوشية: «اتكأ العرض على الحكاية الشعبية البسيطة، مستحضرة حقبة زمنية قديمة من الموروث الكريتى، وأطلق فى سياقاته المنطوقة احتجاجات المرأة المهمشة».
وأكد أن مسرح إسماعيل عبد الله يعرف بما يسمى بمسرح الفرجة الشعبية، أو المسرح الشعبى، والذى يعتمد فى مضمونه على الاستفادة من الموروث والفلكلور الشعبين والطقوس الشعبية المختلفة، وأن هذا الاستلهام لا يريد توثيق الفنون والأغانى الشعبية الإمارتية، بل يستخدمها لأجل توثيق مفهوم آخر متعلق بموضوع المسرحية وبالتالى يربطنا بالمسرح الاجتماعى.
كما لجأت الباحثة إلى البعد السيميائى فى تحليلها للنصوص متخذه فى ذلك الأبعاد الاجتماعية والسياسية والسوسيولوجية، بالإضافة إلى العلاقات الزمكانية فى مسرح إسماعيل عبدالله وهو ما أعطى ثقلا للدراسة من حيث ربط العناصر المختلفة بداخل النص المسرحى من حبكة وتصورات وحركات الافراد ووصولا للمرأة وصورتها فى مسرح إسماعيل عبد الله وبالتالى فى المسرح الإماراتى بشكل عام.
كما خلصت الكاتبة الدكتورة نرمين الحوطى فى نهاية دراستها النابهة إلى عدد من النتائج منها الأثر التاريخى والذى أدى إلى تأخر ظهور المسرح الإماراتى، واهتمام كتاب لامسرح بالمرأة كونها موضوعا ملحا يفرض نفسه، وتنوع شخصية المرأة فى النص المسرحى «الأم، الابنة، الزوجة، الحبيب».
كما أكدت الكاتب على أن إسماعيل عبد الله قد استطاع استدعاء الماضى وانعاش ذاكرة القارئ ببعض الأحداث التاريخية، كما أن نصوصه المسرحية قد جسدت معاناة المرأة الإمارتية التى أجبرتها الظروف الاجتماعية على تدنى مكانتها ووضعها، وأنه قد استطاع تمثيل القضايا التى تشغل العالم بأسره، كما أن المرأة ظهرت فى أعماله بالإيمان بقضايا وهموم الوطن وظهرت فى صورتها المساندة للرجل.
كما أشارت إلى أن صورة المرأة فى مسرح إسماعيل عبد الله قد ارتبطت بقضايا المرأة وقضايا المجتمع فى الوقت ذاته، كما أنه استطاع أن ينتهج أسلوبا متمايز يسلط من خلاله الضوء على القضايا المجتمعية، وظهرت المرأة بكافة تنوعاتها داخل المجتمع فظهرت المرأة المقهورة تارة وتارة أخرى المراة القوية القادرة على التحدى والتقدم والتمايز بين أفراد المجتمع وهو ما ظهر جليا فى شخصية «حور» بمسرحية «حرب نعل».
وأضافت الحوطى أن الشخصيات النسائية كانت الأكثر حضورا فى مسرح إسماعيل عبدالله واستطاع أن يقدم معالجة درامية للشخصيات النسائية من خلال طرحه لصورة المرأة وقضاياها بداخل المجتمع، وذلك من خلال إبراز الجانب الذكورى والسيطرة الأبوية، مشيرا إلى أن هذا الطرح كان الأكثر جرأة.
ثقافة
كتاب في سطور|«المرأة فى مسرح إسماعيل عبد الله».. دراسة سيمائية بتوقيع نرمين الحوطى
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق