علق الأستاذ في جامعة دهوك العراقية وخبير الاستراتيجيات والسياسات المائية، رمضان حمزة؛ على قرار انضمام بلاده مؤخرًا لاتفاقية "هلسنكي" لحماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود؛ قائلًا: إن انضمام العراق لأي اتفاقية دولية بشأن المياه في صالح العراق؛ خاصة وأنه سيكون هناك جزء إلزام على الدول التي تتشارك في الأنهار الدولية سيكون هناك نوع من العدالة والإنصاف؛ لا سيما في ظل الأزمة المائية الخانقة التي يعيشها العراق.
وأكد في حديثه لـ "البوابة نيوز" أن العراق تخطى مرحلة الأزمة والمُعضلة المائية وبات على شفى كارثة إنسانية، تزامنًا مع استمرار مواسم الجفاف وتحكم الجارتين إيران وتركيا بحصص المياه الواردة للعراق دون وجه حق؛ مشيرًا إلى أن التحكم بملف المياه جعل الوضع المائي في العراق كارثيًا؛ فقبل أيام جفت الأهوار من المياه؛ مما أدى لزيادة كبيرة في نفوق الثروة الحيوانية والسمكية؛ ومن الصعب جدًا أن يكون مُوسم الشتاء ناجحًا؛ ومُتوقعًا صعوبة الموسم الصيفي المقبل من حيث الجفاف.
وحول خطورة الاستخدام الخاطئ للمياه الجوفية في العراق؛ أكد مُدير مركز دراسات الطاقة والمياه أن بلاده ليس لديها دراسات تفصيلية حتى الآن؛ بشأن حجم مخزون المياه الجوفية؛ ولكن يُشاع أن هناك بحار من المياه الجوفية تحت الصحراء الغربية؛ وهذا نوع من المُبالغة؛ فلا بد أن تستند هذه الأقاويل إلى دراسات دقيقة تحتوي على أرقام ودلائل حول الأعماق والاحتياطي وطُرق تغذية وإنعاش هذه المياه. مُحذرًا من اعتمد العراق بشكل رئيسي على المياه الجوفية، فقد يكون هذا خطيرًا على الأمن القومي العراقي مُستقبليًا.
وحذر الأكاديمي العراقي من إهمال المُشكلة الأساسية بشأن الحقوق المائية لنهري دجلة والفرات؛ واللجوء إلى المياه الجوفية فهذا أمر قاتل يُهدد الأمن القومي العراقي مُستقبليًا، وهي ما تحُاول الحكومة العراقية في الموسم الصيفي القادم الاعتماد على زراعة حوالي 5 ملايين دونم زراعة من المياه الجوفة. مُشيرًا إلى أن المياه الجوفية مثل النفط لا يمكن أن تخضع لاستغلال جائر؛ ولكن يمكن الاعتماد على المياه الجوفية في بعض المناطق كجزء مُساعدًا وليس رئيسيًا.
وعن نفاد الخزن الاستراتيجي من المياه؛ أكد "حمزة" أن نفاد الخزين الاستراتيجي أمر واقعى فخزانات السدود باتت فارغة وتُقارب من "الصفر"؛ وما يستخدم هو جزي من الخزين الميت من مياه بحيرة الثرثار شمال غرب محافظة تكريت؛ وهي مياه مالحة تغذي جزءا من نهر الفرات؛ وهذه ليست عملية صحيحة؛ ولكن العراق اضطر للجوء إليها ليكون هناك مياه في الفرات؛ ولكنها تؤثر في المُستقبل على التربة الزراعية .
وأكد خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية، أن العراق ليس بمعزل عن التغيرات المناخية التي طالت عدد من دول الشرق الأوسط؛ ولا يمكن أن نُحمل التغيرات المناخية السبب الرئيسي في أزمة مياه العراق؛ فالعراق لديه مُشكلة وضعف كبير في إدارة الموارد المائية الموجودة بشكل علمي؛ فلا يزال هناك ري الزراعة بطريقة تقليدية قديمة وغير مُحدثة؛ مما يؤدي إلى استهلاك كبير للمياه تزامنًا مع قلة الموارد المائية قلقلة وتوالي موسم جفاف؛ يأتي ذلك إلى جانب سيطرة إيران وتركيا على منابع دجلة والفرات؛ فإيران غيرت مجاري المياه وأعادت الروافد إلى داخل أراضيها؛ أما تركيا قننت المياه التي تصل إلى العراق وهي بالأساس لا تكفي ؛ في ظل معاناة العراق من الزيادة السكانية التي تصل لـ 2.3% سنويًا وهو أمر خطير؛ مؤكدًا أن كل هذه المعطيات مُجتمعة جعلت العراق 5 دولة هشاشة حسبما حددت الأمم المتحدة، ومن الممكن أن تصبح من الدول الأولى هشاشة عالمًا.
وعن جدية الاتفاقية الدولة بشأن حلحلة أزمة المياه في العراق؛ يرى "حمزة" أن الاتفاقيات الدولية تأخذ وقتًا طويلًا جدًا؛ وقد تكون سند أن يتحرك بمجال أوسع للحفاظ على حقوق العراق المائية؛ ولكن إذا عول العراق على الاتفاقيات الدولية فقط ، فإن الخسارة ستكون فادحة؛ فعلى العراق أولًا أن يُحاول إصلاح الملف المائي من الداخل بتقليل الفساد وإعادة النظر لإصلاح منظومة الري للحداثة؛ وسيكون هناك مردودًا كبيرًا للعراق من المياه؛ بالإضافة إلى مُعالجة التربة الزراعية؛ وإعادة مُعالجة مياه الصرف الصحي والمُستهلكة في غير محلها وتكون إما للزراعة أو إعادتها لشحن وتغذية آبار المياه الجوفية.
وعن قرارات وزارة الزراعة العراقية بشأن تقنين زراعة المحاصيل المُستهلكة للمياه مثل الأرز، يقول "حمزة" من الصعب أن تُجبر الحكومة الفلاح على ترك زراعة "الشلب - الأرز" وهي الزراعة الوحيدة في جنوب العراق؛ ولكن يُمكن تدريجيًا الاعتماد على استيراد بذور زراعية؛ والتي لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه مثل "الأرز الصيني والهندي" .
وتعليقًا على مُوافقة تركيا على مُضاعفة الإطلاقات المائية لدجلة والفرات لمدة شهر؛ يرى "حمزة" أن قبول قبول الحكومة العراقية هذا القرار خطأ كبير؛ مؤكدًا أن بلاده صحابة حق تاريخي وسياسي بشأن الملف المائي؛ خاصة وأن هذه الموافقة جاءت في خضم موسم الأمطار ومشروطة بمُدة زمنية مُعلمة ومُحددة؛ ولكن كان بالأحرى أن يكون هناك أسُس عادلة ومعلومة للعراق بشأن الإطلاقات المائية على مدار السنة وأن يكون هناك تقاسم للمنفعة بين البلدين على مدار العام تُقرن بمواسم الجفاف والأمطار ويشرف على ذلك خُبراء المياه من حيث الجوانب الفنية والهندسية.