نظرا لما يعانيه العالم بشكل عام من الإرهاب والتطرف والفكر الظلامي، وخصوصا فى منطقتنا العربية، سوف تقدم «البوابة» فى هذه النافذة وعلى مدار شهر رمضان المبارك بشكل يومي، واحدا من هؤلاء المخربين الذين عملوا طوال حياتهم على إرهاب الشعوب وتخريب أوطانهم.
جهيمان بن محمد بن سيف الضان الحافي الروقي العتيبي (١٦ سبتمبر ١٩٣٦ - ٩ يناير ١٩٨٠) وهو الموظف في الحرس الوطني السعودي لثمانية عشر عامًا.. درس الفلسفة الدينية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وانتقل بعدها إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. وفي المدينة المنورة، التقى جهيمان بـ محمد بن عبد الله القحطاني، أحد تلامذة الشيخ عبد العزيز بن باز. زوج جهيمان العتيبي أخته لمحمد القحطاني لتبدأ بعدها حادثة الحرم المكّي الشهيرة.
المهدي المنتظر
يؤمن المسلمون بقدوم مجدد للدين كل مائة عام بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمتي دينها" كما تؤمن بعض الطوائف بقدوم المهدي المنتظر والذي يوصف بأنه من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، واسمه "محمد"، واسم أبيه يوافق اسم أبي النبي، ويلوذ المهدي بالمسجد الحرام ليكون المنطلق الأول له من هناك ثم يتوجه للعراق.
أطراف المعادلة أصبحت كاملة من وجهة نظر جهيمان بمطلع قرن هجريّ جديد، وبصهر يسمّى "محمد بن عبد الله"، لم ينقص المعادلة إلا بيت الله الحرام ليلوذ إليه "المهدي المنتظر"، وهذا ما تمّ بعد صلاة الفجر في ٢٠ نوفمبر ١٩٧٩. دخل جهيمان وجماعته المسجد الحرام في مكة المكرمة لأداء صلاة الفجر يحملون نعوشًا للصلاة عليها صلاة الجنازة بعد صلاة الفجر، وما أن انفضّت صلاة الفجر، قام جهيمان وصهره أمام المصلين في المسجد الحرام ليعلن للناس نبأ المهدي المنتظر وفراره من "أعداء الله" واعتصامه في المسجد الحرام. قدّم جهيمان صهره محمد بن عبد الله القحطاني على أنه المهدي المنتظر، ومجدد هذا الدين، وذلك في اليوم الأول من بداية القرن الهجري الجديد.
قام جهيمان وأتباعه بمبايعة "المهدي المنتظر" محمد بن عبد الله القحطاني، وطلب من جموع المصلين مبايعته، وأوصد أبواب المسجد الحرام، ووجد المصلّون أنفسهم محاصرين داخل المسجد الحرام. يروي بعض شهود العيان إنهم كانوا قناصة ماهرين لدرجة إنهم يقنصون العسكر السعوديين من أعلى المنارة وكانت أحياء مكة ترى الأدخنة من جهة الحرم بكل وضوح نتيجة للمبادلة بالنار داخل الحرم ويروي آخرون بقاءهم في المسجد الحرام ٣ أيام والتي من بعدها أخلى جهيمان سبيلهم لمرافقتهم النساء والأطفال وبقى كمّ لابأس به من المحتجزين في داخل المسجد. ويذكر أنه بمساعدة الجيش الذي استخدم المياه والكهرباء لشل حركاتهم واستطاعت بعدها القوات دخول الحرم المكي وتخليصه، سقط على إثرها الكثير منهم ومن بينهم محمد القحطاني.
تأسيس الحركة
تأسست حركة جهيمان عندما وجدوا ثغرة الاحتساب فأنشأ جماعته التي هدد بن باز لاحقًا بإصدار فتاوى ضدها إن هي استمرت على منهجها لقيام ثورة المهدي المنتظر ولكن إصدار جهيمان لما سمي بالرسائل السبع المطبوعة في الكويت، ما كانت سوى محاولة لصد إصدار أي فتوى ضد حركته، قام جهيمان بحركة نشر واسعة لرسائله في محاولة لتأليب الرأي العام ضد الحكومة ثم وجد ثغرة أخرى كان يأمل أن تكون عاملًا مساعدًا للتمكن وهي المهدية، لاحظ جهيمان شخص يدعى محمد بن عبد الله القحطاني الذي استطاع إقناعه بأنه المهدي المنتظر مع بداية مئوية جديدة حسب التاريخ الهجري مطلع عام ١٤٠٠، كما استطاع توظيف عدد من أتباعه وإقناعهم بظهور المهدي حينها تم الاستئذان من وزير الدفاع لإلقاء محاضرات في مساجد الثكنات والقواعد العسكرية وحصلوا على الموافقة.
ويهدف التنظيم إلى التكفير بشكل عام واعتزال المجتمع وتقدمه وحضارته بشكل خاص بعد أن تم التوسع في بث العديد من البيانات والنشرات لاستقطاب المؤيدين واستغلال النساء والأطفال لتوزيعها على أفراد المجتمع لتوضيح فكرهم الظلامي الذي اعتنقوه في الوقت الذي كانت فيه خطى التعليم في بداياتها الأمر الذي سهل مهمتهم في استقطاب الأعداد الكبيرة التي آزرتهم في أفكارهم المنحرفة.
وبعد أن لمس التنظيم الذي قاده “جهيمان” تعاطفا من المؤيدين أعلن تهيئة صهره محمد بن عبدالله القحطاني لتولي منصب “المهدي المنتظر” ليواصل التضليل على المجتمع لتصديق أفكارهم مستشهدين بالعديد من الدلائل والقرائن التي نسجها خيالهم ليتم بعدها التشاور في آلية لتحقيق أهدافهم من خلال بث ما اعتنقوه من فكر أمام الملأ في المسجد الحرام بمكة المكرمة.
وفي موسم حج العام نفسه واصل التنظيم خططه باحتلال المسجد الحرام في مكة المكرمة مع بزوغ فجر اليوم الأول من القرن الهجري، مستغلين حرمة المكان وزيادة أعداد المسلمين لبث سمومهم وأفكارهم المنحرفة إلا أن رجال الأمن تصدوا لهم في معارك ضارية دارت رحاها في أقبية المسجد بعد أن نجحوا في التسلل للمسجد قبيل صلاة الفجر والتمويه على حراس أبواب المسجد بإدخال أسلحة وذخائر متنوعة كانوا يحملونها مع ملابسهم لتنفيذ جريمتهم.
تحرير المسجد الحرام
أول قوات حاولت تخليص الحرم المكي الشريف كانت قوات الأمن الداخلي وفشلت في ذلك، وسقط أكثر من ٦٠ جنديًا. فتم طلب الإمدادات من قبل قوات الحرس الوطني والتي تدخلت بالمدرعات والمدافع الرشاشة وكذلك تسميم جهيمان بالغاز السام باءت بالفشل، وتم قصف جماعة جهيمان المتحصنين في المآذن، وبعد ذلك تم قصفهم في سطوح المسجد الحرام ليختبئوا بعد ذلك في الدور الأرضي، وبعدها تم اقتحام المسجد الحرام، وقد هربت جماعة جهيمان وتحصنوا في بئر زمزم.
المحاكمة
تمت محاكمتهم في المحكمة المستعجلة، وصدر حكم المحكمة بقطع رءوس ٦١ من أفراد الجماعة، وكان جهيمان من ضمن قائمة المحكومين عليهم بالإعدام، ذكرت بعض الروايات أن السلطات في الحرم المكي الشريف منعت المصلين من الصلاة فيه لمدة ١٥ يومًا.