الفن غدار ولهذا أختار أدوارى بعناية.. والدراما التليفزيونية هذا العام تسير فى الاتجاه الصحيح
سعيد بالنهضة الفنية فى السعودية.. والدراما الصعيدية أصبحت وجبة أساسية على مائدة رمضان بعد «ذئاب الجبل»
الفنان أحمد عبدالعزيز، فارس الدراما المصرية والعربية فى عصرها الذهبى، بدأ حياته الفنية من خلال السينما، وكانت أول أدواره فى فيلم «وداعًا بونابرت» للمخرج الراحل يوسف شاهين.
وبعد نجاح الفيلم انهالت عليه العروض السينمائية، وقدم عددًا كبيرًا من الأفلام السينمائية من أهمها «عودة مواطن» لمحمد خان 1986، «بابل حبيبتى» لفيصل الياسرى 1987، «العصابة» لهشام أبوالنصر 1987، «البدرون» لعاطف الطيب، «حالة تلبس» لبركات 1988، «حارة برجوان» لحسين كمال 1989، و«الجاسوسة حكمت فهمى» لحسام الدين مصطفى 1994.
وبالرغم من نجاحه فى السينما، إلا أنه وجد فى الأعمال التليفزيونية تواصلًا أكثر سهولة مع الأسر المصرية، فشارك فى بطولة حوالى سبعين مسلسلا تليفزيونيا فى أزهى عصور الدراما المصرية، أبرزها «الوسية، المال والبنون، ذئاب الجبل، الفرسان، السيرة الهلالية، من الذى لا يحب فاطمة، سوق العصر، البحار مندى، الإمام محمد عبده، الأب الروحى، وسره الباتع».
شغل أحمد عبدالعزيز، منصب مديرًا عامًا للمسرح الكوميدى فى عام 2008، وترأس الدورة الثانية عشر للمهرجان القومى للمسرح فى عام 2019 التى شهدت تميزًا كبيرًا.
كما حصد الكثير من الجوائز والتكريمات بمصر والدول العربية من ضمنها جائزة أوسكار الشرق الأوسط «الفارس الذهبى» كأحسن ممثل عن دوره بمسلسل الفرسان، وجائزة أحسن مسلسل من مهرجان الإذاعة والتليفزيون عن دوره بمسلسل السيرة الهلالية، وجائزة أوسكار الشرق الأوسط من الإذاعة المصرية، وتكريم عن مشواره الفنى بمهرجان عيون للإبداع العربى ببغداد فى العراق، وتكريم عن مشواره الفنى بملتقى السينما والدراما.
«البوابة» أجرت حوارًا مع فارس الدراما أحمد عبدالعزيز، للحديث عن الدراما هذا العام، وعن مشاركته فى مسلسل «سره الباتع» و«الكتيبة 101»، والفرق بين الدراما خلال فترة التسعينيات والفترة الحالية والحديث عن كيفية اختياره للأعمال الدرامية وما أدوات وعناصر نجاح العمل الدرامى من وجهة نظره، وإلى نص الحوار..
* حدثنا عن مشاركتك هذا العام فى مسلسل «سره الباتع»؟
- بكل تأكيد عمل جديد من نوعه، المسلسل يجمع الكثير من عناصر التميز والتشويق، حيث تمثلت فيه جميع عناصر الجذب التى تضمن نجاحه، وفى مقدمتها أنه مأخوذ عن رواية «سره الباتع» للكاتب الكبير يوسف إدريس، والمخرج خالد يوسف، كاتب سيناريو محترم، استطاع أن يمزج العصرين بسلاسة وترابط بين أحداث الزمنين وأوجه التشابه بينهما.
وعن دورى فى «سره الباتع» كنت مترددًا كثيرًا قبل تقديم شخصية «الحاج شهاب» حتى أننى فى البداية رفضته لكن إصرار المخرج خالد يوسف ومحاولاته لإقناعى بالعمل جعلتنى أقبل الدور.
أنا أول مرة أقدم هذه الشخصية، لأن شخصية «شهاب» شخصية سيئة جدًا، ويحمل من الموبقات الكثير، ولكنى قدمتها كتحدٍ جديد بمشوارى الفنى، وهى وتتناقض كليًا عن الأدوار التى قدمتها وأحبها الجمهور طوال السنوات الماضية.
نموذج شخصية «الحاج شهاب» موجودة، وهو رجل بخيل ويرفع منفعته ومصلحته فوق كل شىء، وهو من إحدى قرى محافظة المنوفية، فاللهجة معروفة بها نوع من كسر الحروف، وهو رجل رأسمالى يعمل فى التجارة والذى يستفيد من أى كارثة ليحولها لمصلحته، استفاد من وجود الفرنسيين وعمل معهم فى التجارة، وكان يحاول جعل الأوضاع هادئة بألا يكون هناك مقاومة للعدو حتى تستمر تجارته، ولا يفرق معه الاستعمار المهم مصلحته الشخصية.
وعلى الرغم من أن «شهاب» شخص لئيم ومكروه، لكن كانت هناك مشاهد كوميدية أضحكت الجمهور، الجزء الفكاهى الكوميدى فى شخصية «شهاب» خففت من حدة الشخصية وجعلت الجمهور يحب متابعتها، مثل الشخصيات التى قدمها الراحل استيفان روستى، كان شريرًا لكن كنا نحب مشاهدته ويضحكنا.
* لأول مرة تشارك فى عمل للمخرج خالد يوسف.. ما تعليقك؟
- فعلًا أول مرة أعمل مع المخرج خالد يوسف، وأنا سعيد جدًا بالعمل معه، لأنه مخرج متمكن من أدواته بشكل جميل ومبدع وعنده وجهة نظر، وأعتقد هذا هو سبب تميزه فى أعماله، وأنا بكل تأكيد سعيد جدا بالعمل معه.
* ما الفرق بين مخرجى هذا التوقيت ومخرجى التسعينيات مجدى أبوعميرة وغيره؟
- لا يوجد فرق بين خالد يوسف والأجيال السابقة، جيل التسعينيات بالتحديد مجدى أبوعميرة أو هانى لاشين، لا أظن هناك فرق، المخرج هو المخرج.
كما نستطيع القول بأن الدراما ووسائل التصوير والإضاءة والصوت وطريقة التصوير نفسها اختلفت عن زمان وكلها مسائل «تكنيكية».
* حدثنا عن مشاركتك فى الكتيبة 101؟
- مشاركتى فى المسلسل الحربى «الكتيبة 101»، دور ضيف شرف ووافقت عليه على الفور حرصًا منى على المشاركة فى هذه الأعمال المهمة، وتجسيد الشخصيات الكبيرة من القادة، وأجسد خلال أحداث مسلسل «الكتيبة 101» دور رئيس المخابرات الحربية.
ومن المهم علينا كفنانين أن ندعم هذه الأعمال الفنية الوطنية، فلا يصح أن يقوم بهذا الدور أى ممثل نظرًا لصغر مساحته، بل بالعكس لابد أن يقدمها الممثل المحترف حتى تظهر الشخصية بشكل مقنع وجذاب للجمهور.
* رأيك فى الدراما التليفزيونية هذا العام؟
- باختصار شديد، الدراما هذا العام إلى حد ما فى الاتجاه الصحيح من حيث التنوع فى الأعمال ضبط الإنتاج بالمعنى الأدق «الشغل واخد وقته نسبيًا»، لأن الحلقات لا تكتب على الهواء أثناء التصوير كما كنا نرى فى بعض الأعمال السابقة، والحلقات الآن جاهزة كلها ومكتوبة.
وعن التنوع، فهناك عمل دينى وعمل وطنى وأعمال كوميدى، وهذا التنوع مطلوب ويخدم الدراما بشكل متميز.
* كيف يتم اختيارك للأعمال الدرامية؟
- يتم اختيارى من خلال المخرج أو المنتج الفنى، وهكذا تجرى بدايات العمل بعد عرض الدور والورق، وأقرأ جيدًا الدور لو ناسبنى أوافق، كما أرفض العديد من الأعمال التى تعرض علىّ لأنها لا تليق بى أو بتاريخى الفنى، لأن «الفن غدار» والسبب هو أن الزمن يستهلك الفنان، وعلى الأخير أن يعى ذلك ويتعلم منه وأن يعلم بتقدمه فى العمر وبناء على ذلك تتغير معاييره فى اختيار الأدوار التى يؤديها.
* تألقك فى الأعوام الماضية والمشاركة فى البطولة مع نجوم دراما جدد بالرغم من اختلاف الأجيال.. ما تعليقك؟
- أُبدى اعتزازى بمشاركتى فى الأعوام الماضية بتقديم مسلسلى «كلبش» مع الفنان أمير كرارة و«الأب الروحى» ومسلسل «المداح» وهذه الأعمال الدرامية المتميزة لاقت نجاحًا كبيرًا، وتنوعت أدوارى فى هذه الأعمال بشكل يناسب تاريخى الفنى، والحمد لله أصبحت هذه الأعمال إضافة لتاريخى الفنى.
«أنا عديت مرحلة الفتى الأول وعملتها كتير والتاريخ معروف للجميع، والآن بمرحلة دور الجراند الكبير، وأحاول أختار من ضمن ما يعرض علىّ من أعمال المتميز فيها، وأن أجد فيها تحديًا ما أو جوانب جديدة بالنسبة لى لم أقدمها من قبل، وبشكل أدق أحاول أن أشارك فى أعمال أستمتع من خلال المشاركة فيها.
* ما هى أدوات وعناصر نجاح العمل الدرامى من وجهة نظرك؟
- يجب أن يكون هذا العمل على مستوى جيد ومهما للناس ويحترم المشاهد ولا يقدم أى ابتذال ويتوفر فيه البُعد الأخلاقى، فالعمل الدرامى الذى يعرض خاصة فى التليفزيون يختلف عن السينما، ويجب أن يكون ملائمًا كى يدخل كل البيوت ويناسب كل الأسر، ويمكن أن تشاهده كل الفئات العمرية.
* ما الفرق بين الدراما فى التسعينيات والدراما حاليًا؟
- هناك فروق كثيرة بين الدراما خلال فترة التسعينات وبين الدراما التليفزيونية الحالية، ففى التسعينيات، كان هناك عدد من الكتاب الكبار أمثال أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن ومحمد صفاء عامر وكرم النجار ومحمد جلال عبد لقوى ومجدى صابر وغيرهم.
وكان كل منهم لديه كتابات فى الأدب بشكل عام، وأعمالهم على مستوى عال وتمس المجتمع، ولكن للأسف بعد رحيل عدد منهم وتقدم عدد آخر فى العمر تأثرت الأعمال الدرامية، وقلت الأعمال التى تلامس مشكلات المجتمع وحياة الناس.
ومن بين الفروق أيضًا بين الزمنين الفروق التكنولوجية فى استخدام الأدوات والوسائل المساعدة والديجيتال والإضاءة وأدوات الصوت، حيث سهل هذا التقدم التكنولوجى كثيرًا للعمل الفنى، ويضاف إلى هذه الفروق عامل هام جدًا وهو الإنتاج وطبيعته، فخلال فترة الثمانينيات والتسعينيات وحتى نهاية القرن كانت معظم الأعمال لقطاع الإنتاج فى التليفزيون المصرى، وكان هناك تنسيق وترتيب واختيار بين الأعمال، وتوفر الميزانيات اللازمة لتنفيذ العمل، وخاصة الأعمال التاريخية والدينية، وهو ما كاد يغيب حاليًا، لأن القطاع الخاص له حسابات مختلفة عن حسابات الدولة، يدخل فيها العنصر المادى، لذلك قليلًا ما نجد منتجًا خاصًا يقدم عملًا تاريخيًا أو دينيًا، وهى أعمال ذات تكلفة إنتاجية ضخمة، لذلك قلت هذه الأعمال، وأنا سعيد جدا لعودة الأعمال الدرامية التاريخية والدينية.
* ما تعليقك على انتشار الدراما الخليجية بشكل ملحوظ والحالة الفنية التى تعيشها السعودية؟
- بالفعل منذ سنوات هناك حالة فنية نشطة وكبيرة فى منطقة الخليج ككل وخصوصًا فى السعودية، وأنا سعيد جدًا بهذه الحالة التى تسود المملكة العربية السعودية بين أشقائنا السعوديين وخصوصًا الفنانين.
وأتذكر منذ 5 سنوات كنت رئيس لجنة التحكيم فى مهرجان مسرح الشباب وكان من ضمن المشاركين فى المهرجان أعمال سعودية، ولاحظت أن هناك بذورًا طيبة ومحاولات لطيفة وأعمالًا فعلًا كانت متميزة.
والآن نحن جميعًا نرى النهضة والاتجاه الكبير ناحية الفنون والدراما بشكل خاص، وهذا من شانه أن يرتقى بالدراما فى المنطقة العربية ككل، الأمر سيعود بالنفع على المواطنين فى الأمة العربية وينعكس على ثقافتهم ووعيهم.