كشفت صحيفة “أوروبيان تايمز” الأوروبية، أن المعضلة الدائمة لباكستان هي أنها دائما ما تنظر شرقا باتجاه الصين رغم توجهها وتوددها للغرب، موضحة أن عدم الاستقرار السياسي في باكستان وعدم قدرة البلد على تحقيق أي تماسك استراتيجي خلال الـ ٧٥ عاما الماضية، يشير إلى أن سياستها الخارجية كانت دائما قصيرة النظر.
ويظهر تحليل السياسة الخارجية لباكستان منذ تأسيسها أنها دائما تنحاز إلى أي دولة يمكن أن تزودها بالدعم الاقتصادي والعسكري في تلك اللحظة بالذات، لذا فالدولة دائما في معضلة استراتيجية دائمة ولم تتمكن من حلها نتيجة لغايات الأمن الداخلي والميل الدائم للاعتماد بشكل كلي على مموليها في كل فترة، بحسب وصف الصحيفة.
تبين الصحيفة أنه على سبيل المثال، كانت الدولة معتمدة على الغرب في كل شيء خلال الخمسينات الماضية، رغم ادعائها بأن مواقفها محايدة وغير منحازة، وتغير الوضع في الوقت الحالي لتأخذ صف الصين، أكبر الممولين لها.
تضيف الصحيفة، أنه على مدار التاريخ، عانت النخب السياسية والعسكرية في باكستان من مخلفات الاستعمار، فهي تفكر وتعمل ضمن أطر التقاليد والثقافة البريطانية، وكان الإطاحة برئيس الوزراء السابق، عمران خان إعلان صريحا للنخب الباكستانية عن تقاربها مع الولايات المتحدة والغرب.
وتتابع الصحيفة، أنه لإرضاء الولايات المتحدة والحفاظ على علاقات جيدة معها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، اضطرت باكستان لتزويد أوكرانيا بالأسلحة في صراعها مع روسيا في ظل نفاد الإمدادات القادمة من الناتو إلى هذه الدولة.
تكشف وسائل إعلام أن باكستان زودت بالفعل ١٠ آلاف وحدة صاروخية عبر ميناء ألماني، كما توصلت إسلام أباد إلى اتفاق مع لندن من أجل إنشاء جسر جوي لنقل مزيد من الصواريخ إلى أوكرانيا.
تنقل الصحيفة عن خبر نشره موقع روسي أنه في فبراير الماضي، وقعت وزارة الدفاع البريطانية اتفاقية مع مصانع الذخيرة الباكستانية لإرسال ١٦٢ حاوية مليئة بقذائف المدفعية من ميناء كراتشي إلى أوكرانيا عبر ألمانيا.
علاوة على ذلك، ستصدر باكستان نظام الصواريخ المضاد للطائرات المحمولة على الكتف “أنا مارك ٢” إلى أوكرانيا، مقابل قيام هذه الأخيرة بتحديث مروحيات عسكرية باكستاني.
تلفت الصحيفة إلى أن هذا الميل إلى الغرب، يأتي في وقت تقارب باكستاني روسي في الفترة الأخيرة، فبالإضافة إلى ارتفاع التبادل التجاري بين موسكو وإسلام أباد، يتفاوض الباكستانيون مع الروس على عقد للحصول على نفط خام وديزل رخيصين يلبيان احتياجاتها من الطاقة.
إلى جانب ذلك، فقد امتنعت باكستان عن التصويت ضد روسيا في الأمم المتحدة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية العام الماضي، لاسيما في ظل التقارب الروسي الصيني، واعتبار الصين أكبر المستثمرين في باكستان في الوقت الحالي.
ورغم ذلك، يبدو أن باكستان مغضوب عليها من الجميع بسبب سياستها الملونة، فقد قررت روسيا تعليق العمل على إنشاء خط أنابيب غاز من كراتشي إلى بيشاور، نتيجة لتزويد أوكرانيا بالسلاح.
هذا التخبط، تقول الصحيفة، بين طلب النفط من روسيا وتسليم سلاح إلى أوكرانيا، يظهر قصور في توجهات السياسة الخارجية الباكستانية.
فمع الاقتصاد المتدهور والاعتماد المفرط على المساعدات من الدول الأخرى، فإن باكستان تبدو في وضع غير مستقر، لاسيما مع انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي لباكستان إلى ٤.٥ مليار دولار، في شهر يناير الماضي.
تختتم الصحيفة بالقول إن النخب السياسية في إسلام أباد تلعب لعبة مزدوجة خطيرة سيكون لها عواقب وخيمة على المواطنين في بلادها.