الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الريادة المصرية.. أمس واليوم وغدًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قد يظل التاريخ في صفك لسنوات، وقد ينصفك بعض الوقت، نظرًا لما قدمته مسبقًا، ولكن أن تُسهم أنت في كتابته دومًا، بفضل استمرارك وجهدك، فهذا هو الأمر الذي يحير الآخرين، ويجعلك دائمًا في المقدمة. 

وبالنظر إلى تاريخ الإنتاج الدرامي العربي على مرِّ العصور، وتحديدًا منذ انطلاق البث التليفزيوني المصري عام 1960، يلاحظ أن المقدمة حُجِزتْ مبكرًا للدراما التليفزيونية المصرية، سواء من حيث الكمِّ الإنتاجي الضخم أو من حيث الجودة والاتقان، لتتوالى السنوات وتزداد الجرعة الإنتاجية التي تقدمها مصر في كل عام، وتصبح المسلسلات التليفزيونية بمثابة صناعة ضخمة تُدر العملة الصعبة، وتخطف قلوب وأذهان الجماهير العربية من المحيط للخليج، وتنتشر بسببها اللهجة المصرية بشكل كبير، وتُسهم بقدر واضح في توعية الجميع بفضل القضايا التي تتعرض لها.

أمس ومنذ بداية الستينيات من القرن الماضي وحتى نهاية العشرية الثانية من القرن الحالي حلَّقت الدراما المصرية في سماء الفن العربي، واستحقت أن تكون الرائدة بفضل العنصر البشري الموهوب المنتشر بكثافة في كل عناصر هذه المهنة التي تعتمد في أساسها على الإبداع والموهبة، وقدمت الدراما المصرية أجيالًا عديدة ناجحة في مجال الكتابة والإخراج والتمثيل والتصوير والديكور وكل فروع الدراما المختلفة والمتنوعة، وقامت الفضائيات العربية التي انتشرت بكثافة على سواعد هذه المسلسلات التي انتشرت بسرعة البرق ودخلت البيوت العربية بكافة شرائحها. 

ورغم ظهور العديد من الأعمال الأخرى التي نجحت، وحفرت لنفسها مكانة ضمن الدراما القريبة من الجمهور العربي، وخاصة الدراما السورية، ووقتها ظهرت نبرة جديدة تقول: إن الأعمال السورية بدأت تسحب سجادة الريادة من تحت أقدام الدراما التليفزيونية، إلا أن هذا الأمر لم يستمر طويلًا، لتحافظ الدراما المصرية على مكانتها طوال هذه الفترة. 

واليوم ومع بدايات العشرية الثالثة من القرن الحالي تستمر المسئولية الضخمة المُلقاة على عاتق صناع الدراما التليفزيونية المصرية، حيث تنوعت القضايا التي تطرحها الأعمال الدرامية، ورسمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية خريطة التطوير للحفاظ على هذه الريادة، لتزدان الشاشات المصرية والعربية بالعديد من الأعمال المتنوعة من حيث موضوعاتها، وأعادت الدراما التاريخية والدينية مرة أخرى، واستمرت في تقديم الأعمال التي تُسهم بقدر كبير في توعية الشباب المصري ببطولات القوات المسلحة، بالإضافة إلى تقديم الأعمال الكوميدية والعودة مرة أخرى إلى تقديم الأعمال التي تنتمي لنوعية الـ 15 حلقة والـ 10 حلقات. 

وضمت الخريطة الدرامية ايضًا الموضوعات الاجتماعية التي تهم الأسرة المصرية، وازدادت جرعة الأعمال الصعيدية التي تهم شريحة كبيرة من المشاهدين، ومنحت هذه الخريطة الفرصة لعدد كبير من المؤلفين والمخرجين بجانب الممثلين الشباب والوجوه التي تظهر على الشاشة للمرة الاولى، وقبل كل هذا وذاك اختفت النبرة السائدة على مدار عدة سنوات والخاصة بأجور النجوم الكبار، حتى أصبحت هذه الأجور متوازنة وغير مبالغ فيها، كما تم فتح مواسم أخرى بخلاف الموسم الرمضاني الذي كان بمثابة موسم للصراع الغير معلن بين عدد من الشركات للحاق بالعرض والحصول على جزء من التورتة الدرامية، وأخيرًا وجود منصة إلكترونية يتم إنتاج عدد كبير من الأعمال لها بصفة خاصة بجانب عرض بعض الأعمال الأخرى، هذه المنصة أسهمت بقدر كبير في توفير فرص عمل كثيرة لمن يعملون وراء الكاميرا، بعد أن كانوا يحاولون التواجد في الموسم الرمضاني بأي شكل، ولو لم يصادفهم الحظ بالعمل في هذا الموسم كانوا يجلسون في منازلهم. 

وغدًا يبقى الأمل موجودًا في الحفاظ على هذه الريادة، ولكن لابد أن يصاحب هذا الأمل جهد مكثف من جانب المسئولين عن هذه الصناعة، حتى تستمر الريادة مصرية، هذا الجهد يجب أن يكون خلفه خطة وإستراتيجية منظمة تتابع رغبات المشاهدين، وتمدهم بالموضوعات التي تهمهم، مع الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة والاهتمام بجودة الصورة، وفتح الطريق أمام مواهب جديدة ورؤى مختلفة تسهم في صنع الفارق بين أقرب المنافسين للدراما المصرية.