يهل علينا شهر أبريل من كل عام، وتمتلئ شاشات التلفاز بالإعلانات عن الجمعة الأولى من أبريل للدعوة إلى الاحتفال بما يسمى "يوم اليتيم"، والهدف هو إدخال الفرحة والسرور على هؤلاء الأطفال الذين فقدوا آباءهم ويعانون شعور الحرمان والفقد، ولكن في حقيقة الأمر هذا الهدف النبيل قد يتسبب في الحزن وترك أثر نفسي سلبي في نفوس هؤلاء الأطفال كونهم يشعرون بالاختلاف عن غيرهم، ناهيك عن نعت الطفل طوال هذا اليوم بلفظ "اليتيم" وتسليط الأضواء عليه وكأنه "فاترينه" معروضة أمام الزوار.
اليتيم في اللغة يُطلق على من فقد أباه قبل البلوغ، والمقصود هنا انفصال الصغير عمن يرعاه ويدبر أموره ويقضي حوائجه، فيقال للصبي "يتيم" وللأنثى "يتيمة".
وعن حديث سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، حيث تشير الشريعة الإسلامية إلى وجوب رعاية اليتيم والحفاظ على حقوقه.
وهناك الكثير من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي توضح ذلك، ولكن الأمر هنا يختلف ففي "يوم اليتيم" يتوافد الكثير من الأشخاص على دور الأيتام، محملين بالهدايا والحلوى ويغمرون الأطفال بالحب والعطف والأحضان ثم يختفون حتى العام التالي من الاحتفال، وكأن الاعتناء بهذه الفئة يوم واحد فقط في العام.
من أنتم؟ ولماذا هذا الاحتفال؟ ولما يختفي كل هذا الحب والعطاء باقي العام؟.. عجبا لكم تأتون يوما واحدا في العام كله تمسحون على رؤوسنا، وتتبادلون معنا الصور، تعلقونا بكم، ثم تتركونا لأوجاعنا ولا نراكم إلا العام التالي، وكأنكم تحتفلون بيوم "يُتمنا".
هذه الأسئلة تظل عالقة في أذهان الأطفال بعد الانتهاء من الاحتفالية، فلا يستطيع أحد إنكار أن إحساس المساندة شعور جميل يحتاج إليه الكبير قبل الصغير، ولكن هنا يؤكد خبراء علم النفس أن هذا الشعور مؤقت لأنه عند انتهاء اليوم ينتاب الأطفال الشعور بالحزن والاكتئاب بسبب اختفاء كل محبينهم مجددا فلا يرونهم إلا بعد مرور عام في مثل هذا اليوم.
وأخيرا.. اليتيم يا سادة لا يحتاج لشعارات تستفز مشاعره ويوم واحد في العام للاحتفال به، كل ما يحتاجه هو تنشئة سوية وحياة كريمة، يحتاج لمبادلة مشاعر الحب والعطف الحقيقية والمستمرة، يحتاج لرعاية وكفالة كاملة حتى يكبر ويستطيع أن يدير أمور حياته بنفسه ويقوم برعاية الأخرين، ما الفائدة أن تقوم بزيارته يوم واحد في العام وباقي العام لا تسأل عنه ولا تشارك في رعايته وكفالته، ما ذنب هؤلاء الأطفال في سماع ومشاهدة إعلانات تثير الحزن في نفوسهم وتشعرهم بالنقصان!.