تصحبكم «البوابة نيوز»على مدار 30 يوميا خلال شهر رمضان الكريم وقراءة فى أحدث إصدارات دور النشر على مدار العام، وفى كل يوم نقدم قراءة فى رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير.
فى هذا الكتاب «الخيال الشعبى فى الأدب العربى» للدكتور عبدالعزيز الأهوانى والذى صدر حديثا عن معهد الشارقة للتراث، ضمن سلسلة «عالم التراث» والتى يرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلم، وحرر الكتاب وقدمه الدكتور خيرى دومة أستاذ الأدب العربى، ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة.
ويضم هذا الكتاب الذى ينشر لأول مرة مجموعة من الدراسات الخاصة بالدكتور عبدالعزيز الأهوانى والذى رحل عن عالمنا فى عام ٢٠١٥، وهو أحد رواد الدراسات الأندلسية، وصاحب الإسهامات والإنجازات فى مجال الدراسات الأدبية المتنوعة التى تناولت التراث سواء العربى أو التراث العالمى، كما أن الأهوانى هو أحد تلاميذ الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى، وكان له اسهما ملحوظا فى تحقيق وإخراج ذخائر التراث الأندلسى.
جمع الدكتور خيرى دومة مجموعة بالغة الأهمية لبعض الدراسات الخاصة بالدكتور الأهوانى، وعلى الرغم من أن الكتاب يحوى بين ضفيته دراسات متنوعة حول التراث فى الأدب العالمى ومنها دراسته عن رواية دون كيخوتة، ودراسات لبعض النصوص الأندلسية حيث خصص الباب الثانى من الكتاب عن الأندلس وتراثها والذى تضمن خمس محاور ومنها اللقاء الحضارى فى الأندلس ونصوص عن الأندلس ودون كيخوته لسرفنتس، ومقارنة بين سرفنتس وسيدى حماده، وفن المدجنين، هذا بالإضافة إلى مجموعة الدراسات التى قدمها الأهوانى فى التراث العربى.
إلا أن عنوان الكتاب قد يوحى إلى القارئ بأنه أمام دراسة مقتصره على الخيال الشعبى فى التراث العربى وفق عنوان الكتاب، وهذا الاقتصار فى العنوان قد يكون ظلم لما قدمه الدكتور الأهوانى من دراسات مهمة فى التاريخ الأدبى والنقدى، لاسيما فيما يتعلق بما قدمه من جهد متفرد فى تحقيق التراث الأندلسى، وكان من الأولى تسليط الضوء على محتوى الكتاب بما فيه من دراسات نابغة للدكتور الأهوانى، ولعل من أبرزها ما قدمه الدكتور الأهوانى تحت عنوان «سرفنتس وسيدى حمادة» وهى إحدى الدراسات التى نشرت بمجلة المجلة عام ١٩٦٤.
وفى هذه المقالة الهامة يوضح الأهوانى كيف تأثر سرفنتس الأدب العربى وتراثه، فقد كان شغوفا بالقراءة ويقول فى هذا المقطع الذى أثبت خلاله وقوع بعض الأوراق المكتوبة باللغة العربية بين يديه حينما كان متواجد بأحد المكتبات الواقعة بحى من احياء مدينة طليطلة، وجاءت كلمات العنوان الخاص بتلك الأوراق التى كانت بيد الغلام « تاريخ دون كيخوته دى لامنشا مما ألفه سيدى حمادة بن الجيلي».
وهنا يقول الكاتب: «لقد بذلت جهدا كبيرا لأخفى ما أحسست به من فرح شديد عند سماع هذا العنوان، وبادرت وأخذت الأوراق من تاجر الحرير، واشتريتها كلها من الغلام بنصف ريال، ولو أنه كان فطنا، وعرف إلى أى حد أريدها لساوم، ونال فيها أكثر من ستة ريالات، وانفردت بعد ذلك بالمستعجم فى رواق الكنيسة الجامعة، وسألته أن يرد إلى لغة قشتالية كل ما يتصل من هذه الأوراق بتاريخ دون كيخوته دون نقص أو زيادة».
وفى الحقيقة أن الكتاب -على الرغم من أن عنوانه اقتصره فى موضوع معين واقتصاره على فكر الخيال الشعبى فى الأدب العربى، إلا أنه يضم مجموعة بالغة الأهمية من التراث البحثى للدكتور عبد العزيز الأهوانى، وهى مجموعة الدراسات التى اختيرت بعناية بالغة الدقة وهو كتاب يفيد الباحثين والدارسين فى مجال الأدب والتراث الشعبى، خاصة فيما يحيوه من مقاله غاية فى الأهمية والتى حملت عنوان «التراث المنقطع » وهى آخر المقالات التى كتبها الدكتور عبد العزيز الأهوانى.