للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية، حيث سجلت عبر التاريخ صورة صادقة للفنان المصرى ومهارته، ولعل جدران المساجد ومنابرها أبرز دليل على دقة وحرفية الصانع والفنان المصرى ومهارته، فعلى مدار شهر رمضان المبارك تصطحبكم «البوابة نيوز» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مرتاديها.
سأضرب فى طول البلاد وعرضها.. أنال مــرادى أو أمــوت غريبا
فـإن تلفت نفسى فـلله درها.. وإن سلمت كان الرجوع قريبا
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، فهو عربى قرشى هاشمى مطلبى، يلتقى مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى جده عبد مناف.
ولد الإمام الشافعى سنة ١٥٠ هجرية، وهى نفس السنة التى مات فيها الإمام أبو حنيفة، وكان مولده بمدينة غزة من أرض فلسطين، وروى ياقوت عن الشافعى أنه قال: «ولدت باليمن فخافت أمى على الضيعة، فحملتنى إلى مكة وأنا ابن عشر أو شبيه بذلك»، وذهب البعض فى التوفيق بين الروايتين إلى القول بأنه ولد بغزة، ونشأ بعسقلان وهى بلدة تبعد نحو ثلاثة فراسخ من غزة كانت تسكنها قبائل اليمن، ونشأ الشافعى فى أسرة فلسطينية فقيرة ومات أبوه وهو صغير، فانتقلت به أمه إلى مكة لتحافظ على شرف نسبه، وأم الشافعى تدعى فاطمة بنت عبد الله الأزدية نسبة إلى قبيلة الأزد، التى قال فى شأنها الرسول الكريم: «الإزد أسد الله فى الأرض، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلا أن يرفعهم وليأتين على الناس زمان يقول الرجل يا ليتنى كنت أزديا ويا ليت أمى كانت أزدية».
شب الشافعى فقيرا ضيق العيش حتى اضطر وهو يطلب العلم إلى الكتابة على قطع الخزف وقطع الجلود وسعف النخل وعظام الحيوانات لضيق ذات يده وعدم قدرته على شراء الورق.
حفظ الشافعى القرآن الكريم وهو صغير، وأخذ يحفظ الأحاديث النبوية ويكتبها، ورحل إلى البادية وعاشر قبيلة هذيل قرابة عشر سنين ليأخذ عنها قواعد اللغة العربية وكلماتها، فحفظ الشافعى أشعار هذيل وأخبارها وكانت هذيل أفصح العرب.
وتعلم الشافعى الرمى إلى جوار العلم حتى كان يرمى عشرة سهام فلا يخطئ فى سهم منها وقال فى ذلك: «كانت همتى فى شيئين.. فى الرمى والعلم، فصرت فى الرمى بحيث أصيب من عشرة عشرة، وسكت فقال له بعض من سمعه: «أنت والله فى العلم أكثر منك فى الرمى».
وكان الشافعى فى أول الأمر منصرفا إلى الشعر والأدب وأيام العرب، الله ثم قيض الأسباب ما رفعه إلى الفقه والعلم، ونبغ فى الفقه على حداثة سنه وأذن له مسلم بن خالد الزنجى فى الافتاء، ولكن همة الإمام الشافعى لم تقنع بما وصل إليه، إذ بلغته أخبار إمام المدينة مالك رضى الله عنه وكان ذلك فى وقت ارتفع فيه اسم مالك فى الآفاق وتناولته الركبان وبلغ شأنا عظيما من العلم والحديث.
سمت همة الشافعى للهجرة إلى المدينة فى طلب العلم وأعد لذلك عدته بأن استعار كتاب "موطأ مالك" من رجل فى مكة وقرأه وحفظه ثم أخذ خطاب توصية من أمير مكة إلى أمير المدينة ليتوسط له عند مالك حتى يقبله تلميذا عنده.
سافر الإمام الشافعى إلى المدينة المنورة ثم ذهب إلى الإمام مالك ومعه خطاب التوصية.
الإمام والسفر
ویرى الإمام الشافعى فى السفر فوائد عديدة ضمنها شعره القائل فيه:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه.. وانصب فإن لذيذ العيش فى النصب
إلى رأيت وقوف الماء يفسده.. إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست.. والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والعود فى أرضه نوع من الحطب.. والتبر كالترب ملقى فى أماكنه
لما تغرب هذا عز مطلبه.. وإن تغرب ذاك عز كالذهب
لم يقعد شرف نسب الإمام الشافعى عن العمل والسعى فى طلب الرزق ليأكل من كد يمينه وعرق جبينه وتصادف أن قدم إلى الحجاز أحد ولاة اليمن فحادثه بعض القرشيين فى أن يولى الشافعى على عمل فى اليمن، فقبل ورهن الشافعى دارا ليجهز نفسه للسفر.
الإمام محمد بن إدريس الشافعى هو مؤسس أحد المذاهب الأربعة، ويرجع بناء قبته لعام ١٢١١ ميلاديا، أما المقصورات فتعود لعام ١١٨٧، اما الإضافات اللاحقة فتعود للحقبة التاريخية بين القرن الـ ١٤ والـ ١٩، ويتميز المبنى بقبته الخشبية المزخرفة، وتعد القبة الأكبر بمصر.
ثقافة
منابر لها تاريخ.. الإمام الشافعي أكبر الأضرحة بمصر المحروسة «1»
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق