نظرا لما يعانيه العالم بشكل عام من الإرهاب والتطرف والفكر الظلامي، وخصوصا في منطقتنا العربية، سوف تقدم «البوابة» في هذه النافذة وعلى مدار شهر رمضان المبارك بشكل يومي، واحدا من هؤلاء المخربين الذين عملوا طوال حياتهم على إرهاب الشعوب وتخريب أوطانهم.
أبو مصعب الزرقاوى.. شخصية كانت مجهولة تماما قبل ٢٠٠٤، وذاع صيتها بعد أن نسب إليها دور زعامة المقاومة العراقية المسلحة، ومسئولية الوقوف وراء كبريات العمليات الإرهابية بالولايات المتحدة وأوروبا.. وبدا فى النهاية أشبه ببطل فى الحكايات الشعبية، بعيدا عن كونه إنسانا من لحم ودم. بعض المحللين يذكرون أنه شخص أردنى من أصل فلسطينى؛ أسطورة صيغت لتحقيق مآرب دعائية ليس أكثر ولا أقل.
حتى شهر يناير ٢٠٠٣، لم نكن نسمع إلا القليل النادر عن أبى مصعب الزرقاوى الذى تحول فى ظرف قياسى إلى أشهر إرهابى فى العالم.. يتمتع بسيرة ذاتية تكتنفها الألغاز والغموض من كل حدب وصوب، حتى صار من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال فى شخصيته.. أسطورة يمكن تصنيفها ضمن حكايات الخيال الشعبى، كما يمكن وضعها فى إطار الدعاية الحكومية. وبشيء من الحزم والحذر، سنعرض الآن أهم الأحداث التى صبغت تاريخ أبى مصعب الزرقاوى إلى يومنا هذا.
ولد أبو مصعب الزرقاوى فى محافظة الزرقاء بالمملكة الأردنية، فى كنف أسرة فقيرة تعول تسعة من الأطفال. تنتمى عائلته إلى قبيلة «بنى حسان» البدوية التى تعد من القبائل الكبيرة والأكثر تدينا بالمملكة الأردنية الهاشمية. اسمه الحقيقى أحمد فاضل حمدان خلايلة، والذى غيره فيما بعد فصار أبو مصعب الزرقاوى نسبة للمحافظة التى ولد فيها.
عند بلوغه سن الثانية عشرة من العمر، فصل أبو مصعب الزرقاوى من المدرسة ليجد مأواه فى مخيم اللاجئين الفلسطينيين فى ضواحى العاصمة الأردنية عمان، وفى سن العشرين ذهب لقتال السوفييت فى أفغانستان. هناك، اخترع طريقة لصنع القنابل اليدوية. ثم ذهب بعدها للتدريب فى مخيمات المجاهدين الذين جاءوا من عدة دول إسلامية، ثم عاد إلى الأردن عام ١٩٩٠.
فى شهر ديسمبر ١٩٩٩، تم ذكر اسم الزرقاوى إبان الهجوم المسلح على فندق «باديسون ساس» فى عمان، كانت الخطة مفبركة من قبل الشرطة الأردنية، وتم إلقاء القبض على الزرقاوى، ثم أعفى عنه، بعد خروجه من السجن، هرب إلى باكستان، ثم رجع إلى أفغانستان. خلال عام ٢٠٠٢، ناضل الزرقاوى إلى جانب حركة طالبان الأفغانية ضد القوات الأمريكية.
يقال إنه جرح فى رجله أثناء كمين، إصابة لم تمنعه من الهرب إلى العراق، حيث تم بتر رجله المصابة فى أحد مستشفيات بغداد. فيما بعد، وحسب كل الفرضيات، عثر التحالف البريطانى الأمريكى على أبى مصعب الزرقاوى إثر اجتياح العراق. كان ذلك فى شمال البلاد، بالمنطقة الكردية، المكان الجيد لمواصلة «الحرب المقدسة» على رأس فرقته المحاربة «أنصار الإسلام»، المتكونة من ٤٠٠ من الأصوليين، وأخيرا، فى أبريل ٢٠٠٣، بعد سقوط بغداد بين أيدى الأمريكيين، تمت الإشارة إلى وجود الزرقاوى وفرقته فى وسط العراق، فيما عرف «المثلث السنى».
يبدو الزرقاوى الأسطورة كشخص جد مشغول، لننظر إليه عن قرب، لننظر إلى ما ارتكبه فى ربيع ٢٠٠٣، فمنذ اختبائه بالعراق ـ محتميا من أنظار فرقة التفتيش التابعة للأمم المتحدة التى قامت بعملية مسح للبلاد طولا وعرضا ـ، فقد كان بطلنا الإرهابى يحضر مادة الطمر السامة من أجل إرسالها إلى الولايات المتحدة، كان يدفن القنابل الإشعاعية، وينظم وينسق شبكته الإجرامية التى امتدت إلى أربع دول أوروبية، وليكلل كل هذا، كان يقوم بالتنسيق بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين، لم يوقفه شىء ولا حتى الغزو الأمريكى للعراق، بل على العكس تماما، منذ الاحتلال، صارت الهجمات المنسوبة إليه أكبر وأكثر، من حيث عددها، وما من هجمة إرهابية إلا وذكر اسم الزرقاوى تقريبا.
فى صباح ٧ يونيو ٢٠٠٦، أعلن رئيس الحكومة العراقية نورى المالكى عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة فى العراق أبو مصعب الزرقاوى الذى تصنفه السلطات العراقية على أنه تنظيم إرهابى فى غارة أمريكية.
ووصف الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش الزرقاوى بأنه ضربة قوية لتنظيم القاعدة، معتبرا أنه واجه المصير الذى يستحقه بعد العمليات الإرهابية التى نفذها فى العراق، كما اعتبر وزير الدفاع الأمريكى وقتها دونالد رامسفيلد أن مقتل الزرقاوى هو انتصار مهم فى الحرب على الإرهاب، لكنه عاد وقال إنه بالنظر إلى طبيعة الشبكات الإرهابية فإن مقتل الزرقاوى لا يضع رغم أهميته نهاية لكل أعمال العنف فى ذلك البلد.
سياسة
مخربون… «الزرقاوى».. الفقير الأسطورة.. واللغز الغامض
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق