الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

زاهى حواس يكتب: أسرار السرداب الغامض .. محفور بعد حجرة الدفن فى مقبرة الملك سيتى الأول.. 26 مقبرة فى وادى الملوك مختلفة فى تصميمها ولا توجد مقبرة تشبه الأخرى 

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ذهبت إلى الأقصر وتدور فى رأسى أسئلة كثيرة حول هذا السرداب الغامض الذى لا يوجد له مثيل فى أى مقبرة ملكية أخرى، ويعتبر من أحد ألغاز الحضارة المصرية القديمة التى لم تحل إلى وقتنا هذا.
وقد دخلت هذا السرداب لأول مرة فى عام ٢٠٠٢ عندما توليت مسئولية الآثار فى مصر وقررت فى ذلك الوقت دخوله لاستكشاف أسراره ومعرفة وظيفته فى مقبرة الملك. وكنت مستغرقًا فى أفكارى وأنا فى طريقى لدخول السرداب وجال بخاطرى لقائى مع الشيخ على عبد الرسول آخر عمالقة عائلة عبد الرسول الشهيرة فى علم الآثار المصرية والذين كشفوا عن خبيئة المومياوات الملكية عام ١٨٧٥ وخرجت أسرارها للعالم بعد زمن طويل من إخفاء السر بين أفراد العائلة ليقوم أحمد باشا كمال أول أثرى مصرى بنقل مومياوات الخبيئة إلى القاهرة.. تذكرت كل هذا وأنا جالس فى العربة التى أقلتنى من مطار الأقصر إلى وادى الملوك وذهبت فى رحلة إلى الماضى البعيد عندما قامت مصلحة الآثار بنقل مومياوات الفراعنة داخل توابيت مغلقة على متن السفينة البخارية التابعة لمصلحة الآثار فى ذلك الوقت وأثناء نقل التوابيت كانت نساء قرية القُرنة يلبسن الملابس السوداء وهن يبكن على فراق أجدادهن الذين عاشوا فى هذا المكان آلاف السنين وهن يشبهن تمامًا منظر النائحات المصور على جدران مقبرة الوزير «راعموزا» بمقابر دراع أبو النجا بالأقصر، وذلك مع الفارق حيث كانت النساء فى عهد الفراعنة يسيرون وراء المتوفى وهن يرتدين الملابس البيضاء الزاهية، أما رجال قرية القرنة فكانت التجاعيد تظهر على وجوههم والدموع تملئ أعينهم وكأنها جنازة حقيقية. لم يستطع أى إنسان أن يعبر عن هذا المشهد الإنسانى غير العبقرى شادى عبد السلام ليعبر عن هذا المنظر من خلال فيلم «المومياء» الذى حصد العديد من الجوائز العالمية وصار علامة فى تاريخ السينما المصرية ومن أفضل مئة فيلم عالمى، وقد نلت شرف التعليق على هذا الفيلم أثناء دراستى للدكتوراه بجامعة بنسلفانيا.
 


أما الحدث الثانى الذى جال بخاطرى وأنا فى طريقى إلى وادى الملوك هو لحظة وصول مومياوات الفراعنة إلى القاهرة وتوقفها عند نقطة الجمارك التى كانت موجودة فى ذلك الوقت أمام كوبرى بولاق لتحصيل الرسوم على المنتجات الواردة من الصعيد، ودخل مفتش الجمارك لإثبات حمولة المركب ووجد المومياوات داخل التوابيت المنقوشة بكتابات غريبة لم يرها فى حياته من قبل، وبدأ يبحث داخل الملفات عن تصنيف لهذه المومياوات لكى يثبتها فى دفتره ولم يجد اسم مومياء ضمن الأسماء المقيدة لديه ولم يستطع تقدير قيمة الجمارك على كل هذه المومياوات لتدخل القاهرة، وأخيرًا تفتق ذهنه عن حل لهذه المعضلة حيث قيد المومياوات تحت اسم «سمك مملح» وذلك بعد شرح من كانوا يصحبون المومياوات لطبيعتها، وكتبت الصحف يومها عن هذا الحادث الطريف.. وقبل أن أفتح عينى تذكرت قصة الشيخ على لى وأنا فى سن العشرين عن سر هذا السرداب وعن سر الملك سيتى «الأول» واحد من أعظم ملوك مصر الفرعونية. 
لا يعرف أحد حتى الآن السبب فى قيام مهندس الملك سيتى الأول بحفر هذا السرداب الغريب الموجود داخل مقبرته بوادى الملوك بالبر الغربى لمدينة الأقصر.. وهناك حكايات وقصص كثيرة عن سر هذا السرداب. ويعتقد بعض الناس أن المصريين القدماء عندما حفروا السرداب الذى يصل عمقه داخل الأرض ومنحوت بالكامل فى الصخر الطبيعى إلى ما يزيد على ١٣٠ مترًا، كان ذلك بامر من الملك نفسه ولهدف يعرفه جيدًا، خاصة أن مقابر وادى الملوك والتى تم نحتها وتجهيزها لفراعنة مصر ويصل عددها إلى ٢٦ مقبرة لكل مقبرة شكل خاص وتصميم يختلف من مقبرة لأخرى ولا توجد مقبرتان متشابهتان تمامًا. وقد استطاع كل ملك أن يأمر المهندس المعمارى أو «رئيس» أعمال «الملك» بأن يحفر مقابر ذات أبيار وحجرات مزينة بالمناظر والكتب الدينية التى تساعد الملك المتوفى للعبور إلى العالم الآخر ومقابلة الإله «أوزير» ولا يوجد فى الوادى كله مقابر بها سرداب يماثل ذلك الموجود فى مقبرة «سيتى الأول»، حيث أن السراديب داخل المقابر الأخرى حفرها المصرى القديم على مقربة من مدخل المقبرة ولا يوجد سراديب أخرى بعد حجرة الدفن مثلما هو الحال فى مقبرة الملك سيتى الأول. والسرداب نحت بطريقة غريبة قد يكون حفره قد تم ليلًا لمزيد من إخفاء السر ولكى لا يعرف أحد بوجوده داخل المقبرة الملكية فيما عدا من قاموا بالعمل ومقبرة «سيتى «الأول» هى أكبر مقابر وادى الملوك.. وقد حاول المغامرون فى القرن التاسع عشر أن يعرفوا سر هذا السرداب وحاول بعده علماء آخرون، بل وحاول الشيخ على عبد الرسول أحد أفراد الأسرة الشهيرة فى علم الآثار المصرية أن يعرفوا سر السرداب وسر الملك سيتى الأول، ولم يستطع أحد فى ذلك الوقت أن يحفر السرداب؛ لأن كل العلماء والأثريين كانوا يخشون من سقوط المقبرة، بل وتم وقف شيخ عائلة عبد الرسول عن العمل داخل السرداب لأن المسئولين بمصلحة الآثار فى ذلك الوقت من عام ١٩٦٠م اعتقدوا أن المقبرة سوف تنهار إذا ما تم ترميم وحفر السرداب، وللأسف أصبح هذا الاعتقاد لدى علماء الآثار المصريين والأجانب ولم يحاول أحد الاقتراب من السرداب أو محاولة معرفة سبب وجوده.
وهناك فريق آخر يعتقد أن حجرة الدفن السرية الخاصة بالملك سيتى الأول لاتزال موجودة بالمقبرة فى نهاية هذا السرداب مليئة بالكنوز الذهبية والتوابيت وأن كشفها سيكون أعظم من الكشف عن مقبرة الملك الصغير «توت عنخ آمون» والتى عثر عليها هيوارد كارتر فى نوفمبر ١٩٢٢. وهناك فريق آخر يعتقد أن هذا السرداب هو سرداب رمزى سوف يسلكه الملك لكى يصل إلى الإله «أوزير» الذى يجلس فى نهايته ليستقبل الملك لكى يجعله إلهًا مثل باقى الآلهة وقد يكون فى نهاية هذا السرداب بحيرة كبيرة.. ولكن يظل السؤال قائمًا: ما هو سر هذا السرداب؟!.