نظرًا لانتشار الفضائيات وعدد هائل من القنوات الدينية، والعاملين بها في مجال الفتوى، مما أدى إلى ظهور العديد من الفتاوى التي تُعد غريبة عن المجتمع، تقدم «البوابة» في هذه النافذة لأغرب هذه الفتاوى.
فتاوى تحريم كرة القدم قديمة، ويدور معظمها حول تحريم كرة القدم لما يصاحبها من المحرمات بحسب زعم «المحرِّمين»، إذ ورد في كتاب «الدرر السنية» تحريم كرة القدم لما فيها من مفاسد، منها التشبه واللهو الباطل والميسر وما شابه ذلك.
وتعتبر أشهر دراسة حديثة تعتمد عليها فتاوى تحريم كرة القدم هي بحث عبد الله النجدي المنشور في عام ٢٠٠٣ تحت عنوان: «الكرة تحت أقدام الصالحين»، والمكوَّن من ٣٦ صفحة، الذي يُحرِّم لعب كرة القدم إلا وفق ضوابط.
وتقوم فتوى تحريم لعبة كرة القدم على أدلة وحجج تستند بالأساس على أن كرة القدم وقوانينها من أفكار الكفار ولا يجوز التشبه بهم على أساس قول الرسول الكريم «من تشبه بقوم فهو منهم».
وفي السعودية، قبل الانفتاح الذي قام به ولي العهد، فقد أباح علماء الدين لعب كرة القدم وفق ضوابط، من بينها عدم كشف العورة وألا تشغل الناس عن أداء الصلاة.
وجاء في فتاوى الشيخ ناصر الحنيني أن «الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات لكرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة وليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة، فلا شيء فيه، والأفضل ترك ذلك لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرم».
ولا يغيب عن الذاكرة في هذا الصدد احتجاج فريق «جلاطة سراي» التركي على اللعب مع انتر ميلانو لأن قميص الأخير يحوي شارة الصليب.
في السياق ذاته؛ طفا خلافـًا على السطح بين علماء مصريين وتونسيين حول السجود في الملعب بعد تسجيل الأهداف، إذ حرَّمه علماء تونسيون، وأباحه فقهاء مصريون لأنه شكرٌ لله، في حين يميل إلى تحريم هذا الأمر بعض علماء السعودية بوصفه «مسيئًا للإسلام»، وهو ما ذهب إليه د. صالح بن مقبل العصيمي عضو الجمعية الفقهية السعودية، مشيرًا إلى أنها قد تلاقي تفسيرات خاطئة من الجماهير غير المسلمة.
إلا أن مفتي السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وجه انتقادات لهذه الظاهرة، وقال:«إن سجود الشكر يكون حين يرى الإنسان نعمة الله عليه.. ولا أجد في ذلك منفعة ولا أرى أن هناك فائدة من ذلك، ومن يريد أن يذكر الله فليذكره في نفسه أفضل من هذا التصرف».
في هذا السياق؛ قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ردًا على سؤال: ما الحكم في مشاهدة مباريات كرة القدم؟ نشر على موقع «أنا السلفي»: «هذه مأساة، أنا في قمة الغيظ منها، نحن نقول إنها لا تحرم إلا بضوابط معينة إذا كانت تضمن إلهاء عن فعل واجب أو تتضمن فعلا محرما كالعصبية أو كشف عورات أو حب وموالاة للكفار والمنافقين أو متضمنة لأى محرم وغالبا ما تتضمن محرمات».
وأضاف «برهامي»: إلهاء الشعوب والأمم عما ينفعها بهذا اللهو نوع من تدمير هذه الأمم الشعوب، ولذلك هناك من العلماء من أفتى بالتحريم مطلقا والحقيقة أنه تحريم مقيدا، ولكن هذه القيود غالبا موجودة وحاصلة، متسائلا: «أين يأتون بالوقت فالناس في حاجة إلى الوقت في دينها ودنياها وفى نفع أمتها».
واستطرد: «الحاصل أن مباريات الكرة نوع من الإلهاء الشديد جدا وتغييب العقل عما يحتاجه المسلمون أمتنا لأمر دينه وأمته وبناء لشخصيته وأمور كلها واجبة في الحقيقة».
وأضاف: «من انشغل بهذه المباريات بالتأكيد سوف يحدث أنواعا من الخلل أنا لا أشك فيها» مضيفًا: «أنا أؤكد من انشغل بهذا وقع في المحرمات».
أما الشيخ سعيد السواح، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية ردا على سؤال: ما حكم احتراف الرجل لعبة كرة القدم بحيث تصير عمله ومصدر رزقه وتكون مهنته، قائلًا: لا يصلح أن تكون لعبة كرة القدم عمل يشغله الإنسان ومصدر رزقه ومهنته، ويكفي ان الله وصف الحياة قائلًا: «وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون».
وأضاف في تسجيل صوتي له «أهل الدنيا يلعبون ويغتر في الدنيا أصحابها وهي لعب ولهو في الدنيا وزينة وتفاخر بين الناس كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما».
أما الشيخ سعيد عبدالعظيم، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، فقال إن كرة القدم من أسوأ الرياضات رغم ذيوعها وانشغال الملايين بها.
وعن عمل مدرب فني؛ أفتى برهامي بأنه «غير جائز شرعا»، أما عن إفطار اللاعبين في رمضان؛ فقال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى السابق، في حوار صوتي مع قناة Ten المصرية، إن بطولة كرة القدم يمكن أن تؤجل، وتساءل: «ماذا سنستفيد من كأس العالم، هل سنحرر بها بيت المقدس»؟.
وأكد رئيس لجنة الفتوى الأسبق، أن إفطار المسافر جائز إذا كانت الغاية من السفر كافية لإجازة الإفطار، ولعب كرة القدم ليس مبررا لكسر الصيام في رمضان، حتى وإن كان مصدرا للعيش.
وأضاف في مداخلته، أن النبي قال إن عُرىَ الإسلام وقواعد الإسلام ثلاث ومن ترك واحدة منها فهو كافر بها حلال الدم، من بينهم عدم صيام رمضان، موضحًا أي يحل دمه.