تصحبكم جريدة “البوابة نيوز” على مدار 30 يوميًا خلال شهر رمضان الكريم مع قراءة في أحدث إصدارات دور النشر على مدار العام، وفي كل يوم نقدم قراءة في رواية أو عمل أدبي أو سيرة لأحد المشاهير.
في هذه الرواية «حكاية السيدة التي سقطت في الحفرة» لإيناس حليم والصادرة عن دار الشروق، تصحبنا الكاتبة في رحلة عبر الأساطير والحكايات الشعبية التي اشتهر بها شارع النبي دنيال.
تقول الكاتبة «يحكون عن شارع النبي دانيال، عن أسطورة انشقاق الأرض وابتلاع الفتيات الجميلات في عز الظهر عن بائع أحذية ضاع برفقة بضاعته داخل سرداب متجره. وعن أرجل جسار غاصت يوما ما في بار مقبرة عن مقبرة ضائعة لملك أراد الوصول إلى العالم، وإلى نهاية البحر تنبأ عراف بأن المدينة التي سوف يدفن جثمانه فيها لن يقوى أحد على قهرها، وبأنها سوف تعرف السعادة إلى الأبد".
بدءًا من لغز شَغَل مدينة الإسكندرية لسنوات؛ لغز الحفرة التي انفتحت فجأة في شارع "النبي دانيال" وابتلعت فتاة تتأبط ذراع خطيبها فاختفت ولم يعثر لها على أثر، تخوض بطلة الرواية رحلة البحث عن حقيقة ذلك اللغز وحقيقة الفتاة التي اختفى تاريخها تماما أو يكاد وبالتوازي مع تلك الرحلة التي تتتبع البطلة خلالها خطوات الفتاة المنسية لتكتب رواية، يمتد هاجسها بالتقصي إلى تأملات حول فكرة الحياة والموت والحب والوجود، عالقة داخل دائرة لغزها، ناسجةً من ذلك التعلق حكايتها الخاصة وحكايات عن عائلتها وأخرى تخص سكان المدينة.
تقع الرواية في 313 صفحة تصحبنا فيها الكاتبة بين الحكايات والأساطير تبحث عن تلك الفتاة وتلك الأسطور وخطف الفتيات الجميلات فبين حكايات الجدة والجدة نذهب في رحلة عبر الزمن عن حكايات مدينة الإسكندرية وحكايات عن شارع النبي دنيال في سرد ممتع وسلسل، يجعل القارئ يصارع صفحات الرواية حتى يصل إلى نهايتها.
وعلى الرغم من أن الكاتبة كتبت الرواية في اثني عشر فصلاً، في مساحة زمنية بين عامي 2002 وحتى 2003 وتدور أحداثها في مدينة الإسكندرية ووضعت مدخل للرواية تحدثت فيه عن دوافعها لكتابة الرواية حيث تقول :
" تبدو بداية معقولة لرواية أولى بداية مغوية لقارئ يبحث في النص عن صور جديدة تخص هذه المدينة أو تلك التي تحتها. لكنها في الحقيقة تُشبه بدايات أخرى لحكايات شخص آخر؛ سيدة أربعينية على سبيل المثال لم تتخلّ عنها حكمتها بالرغم من كل الأحداث التي مرت بحياتها الأحداث التي جعلت سريرها باردًا مثل قرص دواء، وجعلت بيتها - ذلك الذي كانت تحب حوائطه كثيرًا - يتحول إلى كهف تلتصق بجدرانه الهموم كأنها وطاويط.
سيدة تحتفظ داخل مكتبتها بكل كتب الأساطير التي عرفها العالم تمقت البدايات المألوفة بالقدر نفسه الذي تمقت به وضع الأكواب على حواف الطاولات حتى إنها وصفت تلك البدايات ذات يوم بشاب كسول لا يفكر أبدا في البحث عن حدائق جديدة للتنزه، فإذا صادف إحداها لا يهتم بالتجول في أنحاء تلك الحديقة؛ فقط يختار زاوية واحدة، يمضي ساعاته فوق مقعد وحيد، زاوية ضيقة يتأمل ما يراه من خلالها ويدونه داخل دفتره.
المفارقة في الأمر؛ أنه في الوقت الذي فكرت فيه السيدة الأربعينية - عندما كانت في عشرينياتها ـ في ذلك الوصف الجديد لتدونه داخل أوراقها على طاولتها في المطعم ذي السقف الخشبي والجدران البيضاء، وفكرت أيضًا في المجال المحدد للرؤية من خلال تلك الزاوية بالذات، كان هنالك شخص آخر يستعد للدخول إلى حياتها كي يجعل حكايتها مألوفة! مألوفة إلى الدرجة التي كانت تختفي معها أي تفصيلة مميزة لتحل محلها الحقيقة إلى الدرجة التي كانت تدفعها من وقت لآخر لأن تبحث داخل كتب الأساطير عن حياة بديلة لها، وله، ولي.
حاولت الكاتبة خلال أحداث الرواية الإجابة عن سؤال كتب على أحد صفحات الجرائد أين اختفت عروس الإسكندرية؟ والسيدة التي وقعت في الحفرة في بحث استقصائي شيق تحاول الكاتبة الإجابة عن السؤال من خلال البحث والتقصي.