أقل ما يمكن أن تصف به رحلته في الحياة، هو أنه كمن سار حياته على الأشواك، وسلك طريقاً ملئًا بالصعوبات والمحطات الحزينة، حتى أن هذه الرحلة بدأت مبكرًا منذ طفولته التي لم تكن عادية، ولم يكن مشواره كفنان أو كإنسان سهلًا أو حافلا بالورود ، فالمرض لم يمهله بل حاصره منذ أن كان طفلاً صغيرًا فأصيب بالبلهارسيا، لتكمن في جسده النحيل، وتلازمه حتى في عز تألقه الفني وريعان شبابه حتى فارق الحياة.
هو عندليب الأغنية المصرية عبد الحليم حافظ الذي خطفه الموت من جمهوره ومحبيه في مثل هذا اليوم 30 مارس من عام 1977 ، لتودعه الجماهير المصرية في جنازة شعبية مهيبة عبرت عن مقدار حبهم للفنان وعشقهم لصوته وفنه، ورغم مرور 46 عامًا من رحيله إلا أنه باقِِ في قلوب محبيه من المحيط للخليج.
اسمه الحقيقي عبد الحليم علي شبانة، ولد في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية 21 يونيو 1929، هو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعليا، وعاش العندليب منذ ولادته يتيما حيث توفيت والدته بعد ولادته بأيام، كما توفي والده قبل أن يكمل عامه الأول.
أصيب العندليب بمرض البلهارسيا وهو المرض الذي دمر حياته وقضى عليها، وأُصيب به خلال طفولته حيث اعتاد على اللعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، وعلى إثره أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية، وخاصة أنه لم يظهر في حياته أي علاج لهذا المرض الذي نهش جسده.
تمتع العندليب بكاريزما وحضور قوي جعله متربعاً على عرش الغناء لسنوات طويلة، وخلق منه نجماً سينمائياً، ليمتلك أرشيفا هائلا ومُميزًا من الأعمال الفنية المتنوعة بين الأغاني والأفلام، وشاركه في أعماله السينمائية كبار نجوم الشاشة، وكان فيلمه الأول عام 1955 وهو "لحن الوفاء" وشاركه البطولة شادية، وخلال العام نفسه قدم فيلم "أيامنا الحلوة" وشاركه البطولة: فاتن حمامة، عمر الشريف، أحمد رمزي، وكذلك فيلم "ليالي الحب" الذي شاركه في بطولته كل من : آمال فريد، عبد السلام النابلسي .
وقدم في عام 1956 فيلم "دليلة" مع النجمة شادية، وفي عام 1957 قدم فيلم "بنات اليوم" وشاركه البطولة: ماجدة، آمال فريد، أحمد رمزي ، وفي نفس العام 1957 قدم فيلم "الوسادة الخالية" وشاركه البطولة: زهرة العلا، لبنى عبد العزيز ، فيما قدم في عام 1959 فيلم "حكاية حب" وشاركه البطولة: مريم فخر الدين، عبد السلام النابلسي، محمود المليجي .
وشاركته الفنانة سعاد حسني بطولة فيلم "البنات والصيف" الذي قدمه في عام 1960 ، وفي عام 1961 طرح فيلم "يوم من عمري" وشاركه البطولة زبيدة ثروت ، وقدم عام 1962 فيلم "الخطايا" مع عماد حمدي، حسن يوسف، نادية لطفي، مديحة يسري أما فيلمه الأشهر مع شادية وهو "معبودة الجماهير" فقدمه عام 1967 ، وجاء عام 1969 ليحمل آخر أفلامه وهو فيلم "أبي فوق الشجرة" وشاركه البطولة: عماد حمدي، ميرفت أمين، نادية لطفي .
أما مشوار العندليب الغنائي فقد بدأ عام 1951، واستمر حتى وفاته عام 1977، وقدم خلال هذه الرحلة نحو 241 أغنية تنوعت بين أغاني عاطفية رومانسية وأخرى وطنية، يضاف إليها تسع أغانٍ غناها عبد الحليم لمطربين آخرين فيكون المجموع 250 أغنية .
وظل عبد الحليم حافظ يمنح فنه مجهوده وابداعه حتى رحل عن الحياة خلال رحلة علاجه في العاصمة البريطانية لندن عن عمر ناهز 47 عامًا، بعد صراع مع المرض، وقدم خلال رحلته الفنية التي امتدت لـ٢٦ عاما سجلا حافلا من الأغاني والأفلام التى لن تمحو من تاريخ الفن المصري والعربي .