ماذا فعل السلطان "الغوري" مع الجراكسة وشيوخ الأزهر؟.. وكيف تعامل السلطان "قلاوون" مع العلماء والفقهاء؟
تنوعت فترات الحكم في مصر مع دخول الإسلام إلى مصر بين الأمويون، العباسيون، الطولونيون، العباسيون، الإخشيديون، الفاطميون، الأيوبيون، المماليك، العثمانيون، وفي كل دولة منهم كانت تختلف شعائر وطقوس وعادات شهر رمضان المبارك، ونتناول في حلقة اليوم، غرائب وعجائب سلاطين المماليك في شهر رمضان، ومنها مايلي:
في عصر “السلطان برقوق” اضطربت القاهرة اضطرابا كبيرا، عندما ثبت ظهور الهلال فى منتصف النهار تقريبا!، ونادى قاضى الشافعية بالإمساك بعد أن كان الغذاء وضع على الموائد وأسرع السلطان فطرد مدعويه ، وأمر برفع الصحاف وأعلن الصيام ولم يكن باقيا على المغرب سوى عدة ساعات.
وفي عهده أيضاً أعلن فى أول ليلة من ليالى رمضان أن يحضر بين يديه كل من لديه شكوى من الشعب وكان أول من قام بذلك بين سلاطين المماليك ، ففتحت أبواب القصر وامتلئ بأصحاب الشكايا.
السلطان "الغوري"
وفى عصر السلطان ” الغورى” حدثت صراعات حادة بين الجراكسة وشيوخ الأزهر حول استطلاع الهلال، فأعلن الوالى و الجراكسة أنهم رأوا الهلال ، وكبر الناس وأوقدوا المشاعل ، فصاح المشايخ غاضبين:"أطفئوا المصابيح يا حرافيش"، أتصدقون الجراكسة وتكذبون العمائم؟!، فأطفأ الناس المشاعل، فعاد الجراكسة ومعهم مزيد من الجند وأصروا على رؤية الهلال، فأوقد الناس المشاعل، فصاح المشايخ ” أيعلمنا الجراكسة أمور ديننا؟".
فأطفأ الناس المشاعل، فتصاعد الموقف وأمسك أحد الجراكسة بذقن أحد المشايخ ، فما كان منه سوى رفع "المركوب" وضربه ، واشتبكت الأيدى حتى انتقل الصراع لقلعة السلطان، الجراكسة غاضبين والمشايخ بعباءاتهم الممزقة، فوضع السلطان فى موقف حرج فليس هناك أى أثر للهلال فى السماء، ولكنه إن خذل الجراكسة خذلوه ، أما المشايخ فبالنسبة له " مقدورعليهم"، لذا وافق على رأى الجراكسة ، وباتت القاهرة مقسومة " صائمة و مفطرة".
فى عهد السلطان "الغوري" قبض على رجل وهو في حالة سكر اثر شربه للخمر فى عز نهار رمضان، فضرب بالمقارع و ”جُرِّس” فى شوارع القاهرة، كما قبض على رجلين وامرأة يشربون الخمر فى حديقة الأزبكية، ففرت المرأة، وطيف بالرجلين فى المدينة وهما يبكيان ، بينما عندما قبض على مجموعة من الأروام والجراكسة بنفس الفعل ، وقع السلطان فى حرج لأن بينهم أبناء الأعيان.
وفى عهد السلطان "الناصر أبى السعادات" أشاع فى المدينة" أن يكون العيد فى الغد سواء رأوا الهلال أم لا "، حتى أنه أراد عزل القاضى، لخوفه من الاعتقاد السائد فى هذا الوقت انه عندما يحل العيد يوم جمعة ، ويدعى للخليفة من فوق المنابر مرتين، مرة فى خطبة صلاة العيد، ومرة فى خطبة صلاة الجمعة ، فالدعاء للخليفة مرتين "علامة" على نهاية السلطان! ورغم إصرار السلطان ، لكن لم يظهر الهلال وصام الناس الخميس، وعيدوا الجمعة ودعوا للخليفة مرتين وعلى السلطان مرتين! واستجاب الله للدعاء.
السلطان "أشرف أبو المعالى" الذى طلب من المشايخ فتوى لإفطار رمضان، فسرد عليه القاضى المالكي أحكام الصوم ومبيحات الافطار، ولكن ليس منها ما يبيح للسلطان الإفطار، فغضب السلطان قائلا :" أنا مريض يا مشايخ ، ضعيف".
لكن المشايخ لم تقتنع بحجة السلطان، ولكنه كان مصرا على أن يحصل على عذر شرعى للإفطار، ولم يجبه المشايخ برغم من توعدات السلطان وإغراء الوزير لهم، حتى اهتدى أحد المشايخ إلى حل، واقترح على السلطان أن يسافر، ففى السفر عذر شرعى للإفطار، وفى اليوم التالى أعلن السلطان سفره لتفقد قلاع الإسكندرية ودمياط ثم يرحل بعد ذلك إلى الشام.
السلطان "قلاوون"
أما السلطان "قلاوون" فهو أول من زاد فى أعطية شهر رمضان، فأمر بأن يفرق على العلماء والفقهاء مبلغا إضافيا لعيالهم، واستمر ذلك طوال فترة حكمه، عندما فكر السلطان "الأشرف شعبان" بالقيام بالمثل، اكتشف سرقة الخزينة السلطانية، واختفاء 20 ألف من الدنانير الذهبية، واهتز القصر لتلك الفعلة ، فالخزانة فى غرفة السلطان نفسه، ولم يكن منه سوى الشك في خدمه و عبيده ، فاعترف الجميع على محظيته الأثيرة "خوند سوار باى"! وتم سجنها وضربها بالسياط وخرجت من السجن وهي كهلة وقد فقدت السمع ولا أحد يدرى إن كانت هي من سرقت النقود حقا أم لا.