الأربعاء 06 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

مجددون: محمود أبورية.. ونقد السنة القولية

محمود أبو رية
محمود أبو رية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تقدم «البوابة» فى هذه النافذة على مدار شهر رمضان كل يوم رائدا من رواد التنوير فى مصر، للتعرف على دورهم فى محاربة الظلام والفكر المتطرف وإنارة طريق العقل والتنوير للسير فى درب التقدم والتطور ومواكبة العالم الحديث

محمود أبو رية، ولد فى كفر المندرة، مركز أجا، محافظة الدقهلية فى ١٥ ديسمبر عام ١٨٨٩ م، جمع بين الدراسة المدنية والدينية بالمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الدينية.

قضى أكثر أيام عمره فى مدينة المنصورة حتى وفد إلى الجيزة عام ١٩٥٧، وبقى فيها إلى حين وفاته، وقد اشتهر بنقده للسنة القولية، وانتقاده لبعض المحدثين، وهو أحد أركان المدرسة الإصلاحية التجديدية التى بدأت أنوارها مع الإمام محمد عبده.

اختلف فيه وفى كتبه الناس ما بين محب ومبغض، وذلك لآرائه الجريئة فى موضوع السنة النبوية، وموضوع أبو هريرة على وجه الخصوص، حيث أفرد كتابًا خاصًا عنه، واعتبره البعض فيه انتقاصًا من أبى هريرة، لذلك قاموا بمهاجمته شخصيًا، واختراع بعض القصص عنه كقصة تكراره لاسم أبى هريرة وهو فى سكرات موته.

وقدم لكتابه أضواء على السنة المحمدية الدكتور طه حسين بقوله: «هذا كتاب بذل فيه مؤلفه من الجهد ما لا يبذل مثله إلا الأقلون. والذين يقرأون هذا الكتاب قراءة المتدبر المستأنى سيلاحظون مقدار هذا الجهد العنيف الذى مكن المؤلف من أن يصبر نفسه السنين الطوال على قراءة طائفة ضخمة من الكتب التى لا يكاد الباحثون يطيلون النظر فيها لكثرة ما يتعرضون له من كثرة الأسانيد وتكرارها وتعدد الروايات واضطرابها وإعادة الخبر الواحد مرات كثيرة فى مواطن مختلفة».

وأضاف: «موضوع الكتاب إذن خطير قيم وهو نقد ما وصل إلينا من الحديث الذى يحمل عن النبى الله وتمييز الصحيح من غيره ليطمئن المسلمون إلى ما يروى لهم عن رسول الله وقد فطن المحدثون القدماء لهذا كله واجتهدوا ما استطاعوا فى التماس الصحيح من الحديث وتنقيته من كذب الكذابين وتكلف المتكلفين، وكانت طريقتهم فى هذا الاجتهاد إنما هى الدرس الحياة الرجال الذين نقلوا الحديث جيلا بعد جيل حتى تم تدوينه، وأنا بعد ذلك أجدد اعترافى للمؤلف بجهده العنيف الخصب فى تأليف هذا الكتاب وإخلاصه الصادق للعلم والحق فى بحثه عن الحديث».

ويعد كتاب أضواء على السنة المحمدية من أهم كتب محمود أبو رية والذى يقدمه بقوله، إن للحديث المحمدى من جلال الشأن وعلو القدر ما يدعو إلى العناية الكاملة به، والبحث الدقيق عنه، ولكن العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحق من العناية والدرس، وتركوا أمره لمن وقفوا بعلمهم عند ما يتصل بالسند فحسب، أما المعنى فلا يعنيهم من أمره شيء، وعلى أنهم قد بذلوا أقصى جهدهم فى دراسة علم الحديث من حيث العناية بسنده فإنهم قد أهملوا جميعًا أمرًا خطيرًا هو البحث عن حقيقة النص الصحيح لما تحدث به النبى صلوات الله عليه.

وتابع: «قد حفزنى حب عرفان الحق إلى أن أبحث عن أصل الحديث وروايته، وتاريخ حياته من المصادر الصحيحة، والأسانيد الوثيقة، وانتهيت إلى حقائق عجيبة ونتائج خطيرة! ذلك أنى وجدت أنه لا يكاد يوجد فى كتب الحديث كلها مما سموه صحيحا، أو ما جعلوه حسنًا - حديث - قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه».

وأردف: «كما نطق الرسول به، ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم إن هو إلا معان مما فهمه بعض الرواة! وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة بقيت على حقيقتها فى بعض الأحاديث القصيرة وذلك فى الفلتة والندرة، وتبين لى أن ما يسمونه فى اصطلاحهم حديثًا صحيحًا، إنما كانت صحته فى نظر رواته، لا فى ذاته، وأن ما يقال عنه (متفق عليه) ليس المراد أنه متفق على صحته فى نفس الأمر، وإنما المراد أن البخارى ومسلم قد اتفقا على إخراجه».

وأوضح: «ليس من شروط الحديث الصحيح أن يكون مقطوعا به فى نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان والسهو على الثقة، أنه صحيح وكان أول ما بان لى من حقائق، أن النبى صلوات الله عليه لم يجعل لحديثه كتابا يكتبونه عندما كان ينطق به كما جعل للقرآن الحكيم، وتركه ينطلق من غير قيد إلى أذهان السامعين، تخضعه الذاكرة لحكمها القاهر، ولم يدع صلوات الله عليه الأمر على ذلك فحسب، بل نهى عن كتابته، فقال فيما رواه مسلم وغيره: « لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن، فمن كتب عنى غير القرآن فليمحه».

وقال سفيان الثورى: «إن قلت إنى أحدثكم كما سمعت فلا تصدقونى! فإنما هو المعنى، وهكذا ظلت الألفاظ تختلف والمعانى تتغير بتغير الرواة، وفيهم - كما قال السيوطى: الأعاجم والمولدون وغيرهم ممن ليسوا بعرب ولهجتهم العربية ليست خالصة! وكان البخارى - وهو شيخ رجال الحديث، وكتابه، كما هو مشهور بين الجمهور - أصح كتاب بعد كتاب الله كما يقولون، يروى على المعنى! وكان أبو هريرة أكثر الصحابة رواية عن رسول الله على حين أنه لم يصاحب النبى إلا سنة واحدة وتسعة أشهر، كما حققناه فى كتابنا شيخ المضيرة».