نظرا لانتشار الفضائيات وعدد هائل من القنوات الدينية، والعاملين بها في مجال الفتوى، مما أدى إلى ظهور العديد من الفتاوى التي تعد غريبة عن المجتمع، تقدم «البوابة» في هذه النافذة لأغرب هذه الفتاوى
تنتشر بين الحين والآخر على مواقع التواصل الخاصة بالمنتمين للجماعات المتطرفة فتوى لعضو هيئة الإفتاء العليا في «السعودية» صالح فوزان، تقول:
«إن الإسلام لم يحرم سبي النساء ومن ينادي بتحريم السبي هو جاهل وملحد، إن هذا الحكم مرتبط بالقرآن ولا يمكن إلغاؤه طالما استمر الجهاد في سبيل الله، وتابع بقوله: ذلك حكم الله، لا محاباة ولا مجاملة لأحد ولو كان الرق باطلًا لكان الإسلام قد صرح بذلك كما فعل في
الربا والزنا، فالإسلام شجاع ولا يجامل الناس».
هذا الوهابي يحلل السبي في القرن الواحد والعشرين ولو ظهر قبل ١٤٠٠ عاما لقال الكلام
نفسه، ولو ظهر في أي قرن من القرون الأربعة عشرة الماضية لقال نفس الكلام. وهذا
يعني أن لهذا الشخص عقلا مغلقا. وهذا نتيجة أن الفقه الوهابي يحمل في طياته وصفة كاملة لغلق عقول من يؤمنون به.
وقد سلك هذا المسلك من قبل المفكر الإخواني محمد قطب، في كتاب: شبهات حول الإسلام- في الجزء الخاص بهذه الشبهة تحت عنوان: الإسلام والرق- وقد تناول مؤلفه جواب ما
استفسر عنه السائل، فكان مما قال:
لقد جفف الإسلام منابع الرق القديمة كلها، فيما عدا منبعًا واحدًا لم يكن يمكن أن يجففه، وهو رق الحرب، ولنأخذ في شيء من التفصيل: كان العرف السائد يومئذ هو استرقاق أسرى
الحرب أو قتلهم، وكان هذا العرف قديمًا جدًا، موغلًا في ظلمات التاريخ، يكاد يرجع إلى
الإنسان الأول، ولكنه ظل ملازمًا للإنسانية في شتى أطوارها، وجاء الإسلام والناس على
هذه الحال، ووقعت بينه وبين أعدائه الحروب، فكان الأسرى المسلمون يسترقون عند أعداء الإسلام، فتسلب حرياتهم، ويعامل الرجال منهم بالعسف والظلم الذي كان يجري يومئذ على
الرقيق، وتنتهك أعراض النساء لكل طالب، يشترك في المرأة الواحدة الرجل، وأولاده،
وأصدقاؤه من يبغي الاستمتاع منهم، بلا ضابط ولا نظام، ولا احترام لإنسانية أولئك النساء
أبكارًا كن أم غير أبكار، أما الأطفال- إن وقعوا أسرى- فكانوا ينشئون في ذل العبودية
البغيض، عندئذ لم يكن جديرًا بالمسلمين أن يطلقوا سراح من يقع في أيديهم من أسرى
الأعداء، فليس من حسن السياسة أن تشجع عدوك عليك بإطلاق أسراه، بينما أهلك وعشيرتك، وأتباع دينك يسامون الخسف والعذاب عند هؤلاء الأعداء، والمعاملة بالمثل هنا هي أعدل
قانون تستطيع استخدامه، أو هي القانون الوحيد، ومع ذلك فينبغي أن نلاحظ فروقًا عميقة
بين الإسلام وغيره من النظم في شأن الحرب وأسرى الحرب.
وأما الاستمتاع بالمسبية فليس فيه اغتصاب، ولا عدوان على المرأة المسبية، ولا انتهاك
لحقوقها، بل هو تكريم لها ورفع لقدرها؛ لأن المسبية إذا دخلت في ملك الرجل بحكم السبي
فإنها غالبا ستنضم إلى عياله وأهله، وهي امرأة لها حاجاتها ومتطلباتها النفسية، والجنسية،
فلو منعنا الرجل من وطئها ففي هذا فتنة له؛ لأنها امرأة أجنبية مقيمة معه في بيته، تقوم على خدمته وتشاركه خصوصياته فهي أمام عينيه صباح مساء، وفيه أيضا فتنة لها نظرا
لاحتياجها لما تحتاجه النساء، فاقتضت حكمة اللطيف الخبير أن يبيحها لسيدها ليحصل
العفاف لكل منهما بدلا أن يقعا في الحرام، أو تلجأ الجارية إلى فعل الفواحش والمنكرات
فينبت في المجتمع نابتة من ملك اليمين تشيع فيه الفاحشة والرذيلة، وفي هذا معاملة كريمة
للمرأة المسبية، إضافة إلى أن هذا سيفتح لها باب العتق؛ لأنها إذا حملت من سيدها وأنجبت فقد صارت أم ولد، وأم الولد تخرج من الرق الكامل خروجًا جزئيًا بمجرد الوضع للمولود، وتعتق عتاقا كاملا بمجرد موت سيدها.
وردا على تلك الفتاوى الغريبة قد كشف د. إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر في وقت سابق من ٢٠١٤، تعليقا على ممارسات تنظيم الدولة «داعش»، أن «داعش» خالف جميع أحكام الإسلام ومبادئه في معاملة المرأة في الحروب، فقد قتل وسبى
النساء وأعاد إحياء فصل كريه من فصول التاريخ البشري الذي أجمعت دول العالم على
تحريمه وتجريمه.
وقال إن «داعش» أعاد إحياء الرق ليخرق المواثيق التي أجمع عليها العالم كله، واتخذ من النساء سبايا، ليستأنف من جديد الفتنة والفساد في الأرض، والفحشاء باستئناف شيء تشوَّق الشرع إلى الخلاص منه بل وأمر به مضيفا أن النساء تعتبر عنصرا مهما بالنسبة له في جذب مزيد من الأعداد المنضوية تحت لوائه، حيث نجد انتشار ظاهرة سبي النساء واستعبادهن مما يؤكد استغلال هذا التنظيم للنساء بغية تحقيق أهدافه من خلال تفسيرات خاطئة لمفهوم الجهاد في الإسلام ليلبس على قليلي العلم والعقل من شباب المسلمين دينهم؛ حيث حول النساء إلى سبايا وعبيد جنس يتم بيعهن لمن يدفع أكثر.
وقال «نجم» إن كتيبة الخنساء تعد هي النموذج الأبرز لدور المرأة داخل ذلك التنظيم حيث لا يحق للمرأة أن تخرج دون محرم أو أن تكشف عن وجهها أو كفيها، وتتولى المرأة الداعشية
بنفسها عمليات الاعتقال والتعذيب التي تمارس ضد النساء اللاتي خرجن عن قواعد التنظيم.
وكشف أن تأسيس كتيبة الخنساء إضافة لدور الرقابة الديني الذي تلعبه يبرهن على حجم
التحولات التي تحدث داخل التنظيمات الإرهابية، فقد ابتكر تنظيم «داعش» إجراءات وأساليب جديدة تختلف عما كان معهودا في تنظيم القاعدة- التنظيم الأم
الذي انشق عنه- حيث سمح تنظيم «داعش» للنساء بلعب المزيد من الأدوار التنفيذية، مما يمثل عنصر جذب للنساء والفتيات
اللاتي قد يجدن فيه أحد أشكال تحرر المرأة داخل تلك المجتمعات المتطرفة شديدة الانغلاق.