اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن قرار إيطاليا بالابتعاد تدريجيًا عن الغاز الروسي عقابًا لموسكو على عملياتها العسكرية في أوكرانيا يتعارض مع أهدافها المناخية وخططها بشأن معالجة التحول المناخي.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي، أن مسعى إيطاليا لفطم نفسها عن الغاز الروسي واستبداله بواردات من شمال إفريقيا وضع حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في مسار تصادمي مع اتفاقيات المناخ الدولية، كما أكد خبراء بيئة أن السياسة الجديدة لروما بشأن الإلغاء التدريجي لدعم مشاريع الوقود الأحفوري في الخارج تحمل في طياتها العديد من الثغرات.
وأفادت الصحيفة أن الحكومة الإيطالية نشرت الأسبوع الماضي سياستها للإلغاء التدريجي للدعم المالي العام لمشاريع الفحم والنفط والغاز في الخارج، لكن خبراء تغير المناخ يقولون إن القواعد الجديدة مليئة بالثغرات.
وأشار هؤلاء في تصريحات خاصة للصحيفة، إلى أن قمة المناخ للأمم المتحدة "كوب-26" في عام 2021 تعهدت بإلزام أكثر من 30 دولة، بما في ذلك إيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بإنهاء جميع أوجه التمويل العام الجديد لمشاريع الوقود الأحفوري في الخارج بحلول نهاية عام 2022.
لكن الأزمة في أوكرانيا وما تلاها من أزمات في قطاع الطاقة قلبت تلك الخطط رأسًا على عقب، خاصة مع قيام حكومات الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية بتمديد خطط التمويل للبنية التحتية للغاز، ومساعيهم لتأمين صفقات مع دول في جميع أنحاء العالم في محاولة لتقليل اعتماد القارة على الغاز الروسي.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أن ألمانيا، التي كان اعتمادها على الغاز الروسي قبل الحرب أعلى من إيطاليا، لم تنشر حتى الآن سياستها الجديدة للتمويل العام للوقود الأحفوري في الخارج. مع ذلك، أعرب أشخاص مطلعون على محادثات كوب في العام الماضي عن قلقهم بشأن التراجع المحتمل عن تعهد نسخة كوب-26.
وأبرزت الصحيفة أن سياسة إيطاليا ستسمح لوكالة ائتمانات التصدير التابعة للحكومة بمواصلة دعم استكشاف الغاز وإنتاجه حتى عام 2026، فضلًا عن نقل النفط وتخزينه وتكريره حتى عام 2024 وتوزيع النفط حتى عام 2028. كما تنص سياسة التمويل الجديدة في روما على مجموعة واسعة من الاستثناءات للدعم المستمر لمشاريع الوقود الأحفوري إلى ما بعد المواعيد النهائية المحددة لأسباب تتعلق بأمن الطاقة، بما في ذلك المشاريع التي تعتبر "إستراتيجية للطاقة الإيطالية والأمن الاقتصادي".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن روسيا وفرت، قبل بدء الأزمة مع أوكرانيا، حوالي 40 في المائة من إجمالي استهلاك الغاز لإيطاليا، ولكن هذا الرقم انخفض إلى 16 في المائة فقط العام الماضي مع تزايد واردات الغاز من الجزائر وأذربيجان.
مع ذلك، أعرب خبراء المناخ عن استيائهم من تراجع روما عن التزاماتها الدولية. وبدلًا من السعي لاستبدال الغاز الروسي بغاز من مكان آخر، قالوا إن إيطاليا كان بإمكانها مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة لتقليل الاستهلاك.
وقال لوكا بيرجامشي، الشريك المؤسس لـ Ecco، وهي مؤسسة فكرية إيطالية مهتمة بقضايا تغير المناخ:" إنه أمر مخيب للآمال للغاية. بل ويشكل سابقة مروعة لبلدان أخرى"، فيما قالت وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية إنه ليس لديها تعليق بخلاف ما هو مكتوب في السياسة.
في سياق متصل، وقعت شركة إيني الإيطالية للطاقة المملوكة للدولة في ناير الماضي صفقة بقيمة ثمانية مليارات دولار لحقل غاز بحري مع ليبيا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، زارت ميلوني الهند لمناقشة تعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة، من بين قضايا أخرى، واتفقت على "استكشاف الشراكات" في مجالات تشمل نقل الغاز وتخزين الطاقة.