ارتبطت عدد من الأكلات والمشروبات بشهر رمضان المبارك وانتشرت في أنحاء العالم الإسلامي فلا تخلو مائدة من الكنافة والقطائف والتمر الهندي والعرق سوس وغيرها من الأصناف المرتبطة بشهر رمضان، ولكن هذه المأكولات والمشروبات وراء كل واحدة منها قصة جعلتها ترتبط بالشهر الكريم.
كنافة معاوية
في كثير من الروايات يشار إلى أن الكنافة عرفت في عصر الدولة الأموية، وقد صنعت خصيصاً للخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، حيث قدمت له طعاماً في السحور أثناء ولايته في دمشق، ولكن من الصعب تأكيد قصة معاوية، برغم أن اسم الكنافة صار مرتبطاً به، حيث أصبحت تعرف بـ "كنافة معاوية".
وورد في كتاب "مسالك الإبصار" لابن فضل الله العمري أن معاوية كان يجوع في رمضان جوعاً شديداً فشكا ذلك إلى محمد بن آثال الطبيب فاتخذ له الكنافة فكان يأكلها في السحر فهو أول من اتخذها، بينما يرجع بعض المؤرخين الكنافة إلى المماليك، وقيل أيضا بأن أصل الكنافة يرجع إلى العصر الفاطمي، وقد عرفها المصريون عند دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى القاهرة ، حيث كان ذلك في شهر رمضان، فخرج الأهالي لاستقباله بعد الإفطار وهم يتسارعون في تقديم الهدايا له ومن بين ما قدموه الكنافة على أنها مظهر من مظاهر التكريم، ثم إنها انتقلت بعد ذلك إلى بلاد الشام عن طريق التجَّار.
وقصة القطايف في الحضارة العربية الإسلامية معروفة وروت كتب التاريخ قديما أن أصلها من الأندلس حيث عرفها العرب هناك وخاصة في مدن مثل غرناطة واشبيلية، ثم انتقلت هذه الفطيرة العربية إلى بلاد الشرق العربي خلال الحكم الإسلامي، وقد ألف السيوطي كتاباً حمل اسم "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف" ما يدل على شهرة هذين النوعين من الحلويات، التي ارتبطت بدرجة كبيرة برمضان في تلك الفترات التاريخية.
التمر هندي والعرقسوس مشروبات عرفها الفراعنة
أما العرقسوس فهو معروف منذ أكثر من 4 آلاف سنة في مصر، وسوريا، وبعض دول أسيا، ودائمًا ما يرتبط بشهر رمضان، فلا تخلو المائدة الرمضانية منه والسبب الأهم لارتباط شراب بالعرقسوس برمضان، هو قدرته على حفظ الماء داخل الجسم، وبالتالي مساعدة الصائم على التغلب على الشعور بالعطش خلال فترة الصيام، لذا يعد من المشروبات الباردة والمرطبة التي تعمل على تبريد الجسم في الصيف، كما أنه أفضل العصائر المرطبة للمصابين بمرض السكري لخلوه من السكر العادي.
ويرتبط مشروب التمر هندي في مصر بشهر رمضان الكريم، فتجده يتوسط كل الموائد وقت الإفطار، ويحبه ويقبل عليه الكبار والصغار، ويعود تاريخه بحسب مؤرخ المصريات محمود إسماعيل في كتابة موسوعة الفولكلور، إلى مصر القديمة، حيث تمت زراعته في مصر 400 قبل الميلاد، وتم توثيق ذلك في البرديات الطبية القديمة، حيث شملت استخداماتها الأولى في مصر في علاج بكتيريا المعدة، كان هذا سبب في العثور على التمر هندي في مقابر ملوك الفراعنة، ولم يخطئ المصريون القدماء، حيث أن للتمر هندي حقًا فوائد مضادة للأكسدة، الأمر الذي يجعله مفيدًا في مشاكل الجهاز الهضمي والمعدة.
وكانت فوائده المميزة سببًا في شهرته، حيث كان من الشائع استخدامه في علاج مشاكل الإمساك والهضم، الذي يسببه الصيام الطويل في رمضان، وارتبط بموائد الإفطار في كل البيوت المصرية منذ وقت طويل، ربما يرتبط التمر هندي برمضان بسبب فوائده المرطبة وطعمه اللذيذ، إلا أن سبب ارتباطه برمضان قديمًا يختلف تمامًا، حيث كان الناس في عهد المماليك يستبدلون به الخمر الذي كان شائع ذلك الوقت، فكان إذا جاء رمضان يرفعون الخمور من موائدهم ويبدلونها بالتمر الهندي.