تصحبكم جريدة “البوابة نيوز” على مدار 30 يوميًا خلال شهر رمضان الكريم وقراءة في أحدث إصدارات دور النشر على مدار العام، وفي كل يوم نقدم قراءة في رواية أو عمل أدبي أو سيرة لأحد المشاهير. في هذا الكتاب «قاهرة المماليك.. من العمارة الإسلامية إلى البحث عن هوية وطنية مصرية» لرضوى ذكي والصادر عن دار نهضة مصر، تقدم لنا رؤية مغايرة عن العمارة المملوكية في القاهرة بعد انقضاء حكم المماليك!
ويأخذنا الكتاب بين صفحاته في رحلة حنين بين أروقة وشوارع ومباني القاهرة في عصر حكم المماليك، تلك المدينة العاصمة ذات التاريخ العريق في الفن والعمارة، إذ بزغ نجم المماليك بعد توليهم زمام الحكم في مصر، لتبدأ صفحة جديدة من صفحات تاريخ مصر في عهدهم بتأسيس دولة سلاطين المماليك (٦٤٨-٩٢٣هـ / ١٢٥٠-١٥١٧م)، ولتصبح مصر- مقر حكمهم - لتصبح أكبر قوة في العالم الإسلامي.
من هنا، ظهرت العمارة المملوكية في مصر منذ منتصف القرن الثالث عشر، واستمرت حتى منتصف القرن العشرين في صور وهيئات مختلفة، مرت خلالها العمارة المملوكية بالعديد من المراحل بين الازدهار والانحسار، لكنها ظلت تمثل التعبير الخالص عن فن العمارة الإسلامية في مصر.
ثم تحولت إلى مظهر من مظاهر الهوية الوطنية المصرية، فقد برزت في سياق تاريخي يموج بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال عهد أسرة محمد علي باشا التي استمرت على عرش مصر خلال ما يقرب من قرن ونصف القرن.
وتقول رضوى ذكي في مقدمة الكتاب: «وقد انعكست قوة المماليك ونفوذهم في عاصمتهم على جميع المستويات، إذ أصبح الشرق الإسلامي بعد سقوط بغداد وانتقال الخلافة العباسية إلى القاهرة خاضعا لهذه السلطة الدينية الشكلية المستقرة في مصر؛ مما جعل القاهرة في عهدهم مدينة مفعمة بالحيويَّة، ومكتظة بالعلماء والتجار والفنانين والصُّناع والعلماء، فسحرت قَاهِرَة المماليك الرحالة الغربيين في العصور الوسطى، وأبهرت بعض علماء المسلمين.
القاهرة التي وصفها ابن خلدون حين زارها للمرة الأولى سنة ٧٨٤هـ/ يناير ١٣٨٣م قائلا: رأيت حاضرة الدنيا، وبستان العالم ومحشر الأمم، وإيوان الإسلام، وكرسي الملك تلوح القصور والأواوين في حجره وتزهر الخوانق _مساكن الصوفية المنقطعين للعبادة وأعمال الخير ومفرده خانقاه _ والمدارس بآفاقه، وتضيء البدور والكواكب من علمائه ، ومررت في سكك المدينة تغض بزحام المارة ، وأسواقها تزخر بالنعم، ومازلنا نتحدث عن هذا البلد وبعد مداه في العمران ، واتساع الأحوال.. ومن لم يرها لم يعرف عز الإسلام».
هذا الكتاب يقتفي أثر عمارة المماليك في العصر الحديث، والدور الذي اكتسبته في التاريخ المصري القومي: بدءًا من تكوين هوية معمارية إسلامية في مصر على يد المماليك وسمات عمارتهم. ثم استمرار العمارة المملوكية منذ دخول سليم الأول للبلاد في عام ١٥١٧ حتى نهاية حكم العثمانيين في مطلع القرن التاسع عشر، مرورا بالقطيعة مع المماليك في حكم محمد علي باشا إلى حلم إسماعيل بمشروع القاهرة باريس الشرق. وصولا إلى عهد الملك فؤاد الذي ظهرت في عهدة محاولات لتعميم هذا الطراز المعماري الإسلامي كطراز موحد للعمائر في مضر غرف باسم «طراز فؤاد الأول. نحاول أن نفهم ماذا جرى في تلك العصور من أحداث غيرت مجرى الأمور في مصر بعمق، وأثرت على العمارة الإسلامية بوجه عام، والمملوكية منها بوجه خاص.
كما تحاول الكاتبة من خلال هذا الكتاب تحليل الأسباب الداعية لإحياء النمط المملوكي في تلك الفترة من تاريخ مصر، والدوافع التي كانت قد أدت للانصراف عنه، ونعرض لمظاهر التقدير الغربي العميق لفن العمارة المملوكية باعتباره مرادفا للفن العربي الإسلامي لمصر، ومناهضا للفن والعمارة العثمانية، للحد الذي تم فيه تدويل الطراز المملوكي في أوروبا في منشآت بعضها اندثر، والآخر باقى وشاهد على عظمة العمارة المملوكية المصرية خارج مصر.
وذلك من خلال طرح عدة تساؤلات عن هوية العمارة الإسلامية المملوكية حاولنا الإجابة عنها، ومنها: كيف كان اقتران ظهور الطراز المملوكي في مصر بالمتغيرات السياسة في مصر حافزًا على اعتباره أداة غير مباشرة للتعبير عن القومية المصرِيَّة في يد الأسرة الحاكمة الملكية؟
ثقافة
كتاب في سطور|| قاهرة المماليك والبحث عن الهوية المصرية فى العمارة الإسلامية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق