عنتر بن محمد بن قاسم بن الربيع زوابري المدعو أبو طلحة، تولى إمارة الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر من سنة ١٩٩٦ إلى ٢٠٠٢. ولد في ١٠ مايو ١٩٧٠ ببوفاريك، البليدة بالجزائر.. نشأ وسط عائلة محافظة، شقيقه الأكبر أسس جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". ومع ذلك لم يُعرف عن عنتر زوابري أي توجه إسلامي أو تدين أو ارتباطه بأي تنظيم من التنظيمات الإسلامية إبان فترة السرية أو التعددية السياسية والحزبية التي عرفتها الجزائر منذ مطلع التسعينيات.
التحق بالجبال سنة ١٩٩٢ وتولى إمارة الجماعة الإسلامية المسلحة يوم ١٨ يوليو ١٩٩٦ وذلك خلفًا لسلفه جمال زيتوني المدعو أبو عبد الرحمن أمين، الذي قُتل في كمين نُصب له من طرف بعض المنشقين عنه. عقب توليه إمارة الجماعة أعلن عن منهجه التكفيري الحروري الأزرقي حيث كَفَّر كل من لم يكن عضوًا في جماعته، واعتبر أن المسلمين هم كل من بايعه وتبعه، أما من عداهم فكلهم كفار بما فيهم الجماعات الإسلامية الأخرى التي تقاتل في الجبال، ولم يتأخر في تطبيق آرائه على الشعب؛ حيث ارتكب مجازر فظيعة، ولم يستثن منها أحدًا وما زالت تلك المجازر تطرح عشرات الأسئلة حول أسبابها ومنفذيها.
استمر عنتر زوابري في جرائمه إلى غاية مقتله برفقة اثنين من مساعديه في منزل قرب منزل عائلته ببوفاريك، وذلك يوم ٩ فبراير ٢٠٠٢ وعُرضت جُثته في مركز الناحية العسكرية الأولى أمام مجموعة من الصحفيين. وبعد مقتله خلفه "رشيد أوكلي" المعروف باسم رشيد أبو تراب أحد أقرب المقربين إلى زوابري.
ويعد "عنتر"، أقل قيادات الجماعة الإسلامية المسلحة تكوينا ومعرفة بالقضايا الدينية والأكثر تشددا، اشتهر بفتواه "الأوامر الأسمى في إزالة المنكرات العظمى"، والتي أصدر فيها حكمه بقتل كل جزائري لم يلتحق بالـ"جيا" الجماعة الإسلامية المسلحة، أو تعامل مع الدولة بكامل أجهزتها المدنية. كان أبو طلحة كما يسمي نفسه، من بين أقرب قيادات الجماعة المسلحة إلى الأمير السابق للتنظيم الإرهابي جمال زيتوني، وعززت علاقاته القوية مع المظلي السابق في الجيش عماري صايفي المدعو عبد الرزاق البارا من نفوذه في التنظيم المسلح منذ لقاء الوحدة سنة ١٩٩٤.
قيادة الكتيبة الخضراء
مكنه موقعه ضمن حاشية جمال زيتوني من تولي قيادة "الكتيبة الخضراء"، القوة الضاربة في التنظيم الإرهابي، وغذى ذلك، مع الوقت، طموحه في قيادة التنظيم المسلح، خاصة أن زيتوني فقد الكثير من القيادات في المنطقتين الرابعة والثانية مثل قادة بن شيحة وحسان حطاب.
تولى عنتر زوابري قيادة التنظيم خلال جلسة "أهل الحل والعقد" للتنظيم التي عقدت يوم الخميس ١٨ يوليو ١٩٩٦، والتي نصب فيها نفسه أميرًا على الجماعة المسلحة في غياب عدد كبير من قيادات التنظيم التي لم تلتحق بمكان الاجتماع في مرتفعات المدية؛ بسبب عملية تمشيط واسعة كانت تقوم بها وحدات تابعة للجيش.
ولم يكن من بين الحضور سوى أمير المنطقة الأولى المدعو أبو عبد الصمد ضيا، فيما تعذر- حسب ما تزعم "الجيا"- حضور أمراء المناطق الثانية، الخامسة والسادسة، وكان ذلك في وقت اشتدت فيه الصراعات بين قيادات التنظيم حول الزعامة وتوزيع الغنائم التي تزايدت منذ تولي جمال زيتوني قيادة التنظيم الإرهابي.
جاء تعيين زوابري نفسه أميرًا على التنظيم لقطع الطريق على حسن أبو الوليد الذي كان عينه المجلس الشوري للجماعة المسلحة أميرًا مؤقتًا على التنظيم الإرهابي، في اجتماع عقد يوم ١٤ يوليو ١٩٩٦ خلفًا لجمال زيتوني الذي أبعد من قيادة التنظيم الإرهابي.
لكن قرار تعيين أبو الوليد، وهو من قيادات الحزب المحظور بولاية غرداية مطلع التسعينيات، سرعان ما ألغي بعد تعرض الأمير المخلوع جمال زيتوني إلى التصفية من طرف جماعة علي بن حجر في منطقة بأعالي المدينة، انتقاما على قتله ابنه وعددًا آخر من القيادات، مثل محمد السعيد وعبد الرزاق رجام.
حاول زوابري منذ أيامه الأولى في قيادة الجيا إعادة توحيد الجماعات التي انشقت عن التنظيم الإرهابي مثل "كتيبة الأهوال"، كما بادر إلى إجراء اتصالات مكثفة مع الأفغان العرب"، بهدف "إعادة الاعتبار" للجماعة التي بدأت تنهار بسبب التفكك والتناحر.