يأتي عيد ميلاد أبي هذه المرة تزامنا مع الأيام الأولى في شهر رمضان الكريم ويتزامن مع اصطحابه وفدا فرنسيا لمصر ليشاهدوا عظمة وتاريخ مصر.
العام الستون لأبي أراه يقف على قمة جبل، أنظر خلفه فأجد مشوارا كان مليئا بالتعب، أستعيد الذكريات وأتمنى أن تعاد السنوات وأحبو إليه طفلة تقتفي خطواته، ثم يستقيم عودي وأتبعه أينما ذهب أنا التي كبرت فجأة وما زالت طفلة في حضنه لا أشعر بالأمان سوى في عناقه، أحصي الشعر الأبيض في لحيته وأطابقه بسنوات عمري وأتمنى ألا يكبر أبي، أرقب عقارب الساعة كلما غاب وأحصي الوقت حتى يعود وكلما عاد خشيت الغياب، أبي وطني فيه أجد روحي وتزهر سنوات عمري وتتجدد أحلامي لا شيء هنا مستحيل طالما هو موجود.
لقد حققت في مشواري العلمي ألقابا كثيرة ويبقى لقبي المحبب المفضل "بنت أبوها" ذلك الذي دونته على كراستي ودفتر محاضراتي وعلى جدار روحي واستدعيته كتعريف أينما ذهبت وأينما وضع اسمي.
لم يكن أبي رجلا عاديا ففي كل شيء كان فارسا لأحلامي، لم يكن ممكنا بل كان مستحيلا حتى في أن أوصفه في كلمات، كان كبيرا إلى الحد الذي لا يستطيع قلبي أن يحتويه فزرعت حبه في قلوب أبنائي ففاض إلى حيث لا مدى لوصفه.
في هذه الأيام المباركة وفي هذا العام الجديد الذي يستقبله أدعو الله أن يعيش أبي أعواما وأعواما وألا يضام فقد كان كريما في حبه وعطائه.. فيا ألله امنحه القوة والتحمل والصحة والسعادة فقد كان كجواد يركض من معركة إلى أخرى بشرف يستحق معه التخليد.
فيا أبي كل عام وأنت كما أنت وكما قررت أن تكون إنسانا نبيلا شجاعا هامتك تناطح السحاب يختلف من يختلف معك في الرأي ولا يختلف على إنسانيتك أحد.