الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

المجددون في الإسلام.. الشيخ حسن العطار رائد النهضة الحديثة

 حسن العطار
حسن العطار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تقدم «البوابة» فى هذه النافذة على مدار شهر رمضان كل يوم رائدا من رواد التنوير في مصر، للتعرف على دورهم فى محاربة الظلام والفكر المتطرف وإنارة طريق العقل والتنوير للسير في درب التقدم والتطور ومواكبة العالم الحديث.
هو العلامة شيخ الإسلام حسن بن محمد العطار المصري، المولود بالقاهرة فى حدود سنة ١٧٦٦م، ونشأ بها فى رعاية والده الشيخ محمد كتن، سمع من أهله أنه مغربي الأصل، قدم بعض أسلافه مصر واستوطنوها، وكان والده عطارا صغيرا له إلمام بالعلم.
تتلمذ على يديه الكثيرون من بينهم رفاعة الطهطاوى، رائد النهضة المصرية الحديثة، وكان العطار أديبا وشاعرا ورحاله زار تركيا وفلسطين وجاب بلاد الشام وخالط ضباط الحملة الفرنسية وعلمائها ودرس اللغة العربية لهم، وتعلم حب المعرفة وضرورة التجديد، ويتذكر رفاعة الطهطاوى، دوما ما كرره عليه أستاذه العطار: «إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها».
سافر إلى «إسطنبول» وأقام هناك مدة، وتأهل بها ولم يزل مشتغلا بالإفادة والاستفادة حتى عاد إلى مصر بعلوم كثيرة، وأقر له علماء عصره بالانفراد، وعقد مجلسا لقراء تفسير البيضاوى، وقد مضت مدة على هذا التفسير لا يقرأه أحد، فحضره أكابر المشايخ والتفوا حول دروسه.
وكتب عنه معاصره الشيخ محمد شهاب الشاعر قال: «كان آية فى حدة النظر وشدة الذكاء، وكان يزورنا ليلا فى بعض الأحيان فيتناول الكتاب الدقيق الخط الذي تعسر قراءته فى وضح النهار فيقرأ فيه على ضوء السراج، وربما استعار منى الكتاب فى مجلدين فلا يلبث عنده إلا أسبوعا أو أسبوعين ويعيده إلي وقد استوفى قراءته وكتب فى طرره على كثير من مواضعه».
وكان معاصرا له مؤرخ مصر الشيخ عبد الرحمن الجبرتى، عندما وصف النكبة التى حلت بالأزبكية ودورها المحرقة بالبركة وبأطرافها عند احتلال الفرنسيين قال: «وصارت كلها تلالا وخرائب كأنها لم تكن مغنى صبابات، ولا مواطن أنس ونزهات»، واستشهد بقول العطار فى وصفها إبان ازدهارها، وهذه عبارته «ص٣٧، ج٣، الجبرتى»: «وفيها يقول صديقنا العلامة والنحرير الفهامة حسن العطار حفظه الله: «وأما بركة الأزبكية فهى مسكن الأمراء ومواطن الرؤساء، قد أحدقت بها البساتين الوارفة الظلال، العديمة المثال، فترى الخضرة فى خلال تلك القصور المبيضة كثياب سندس خضر على أثواب من فضة، يوقد بها كثير من السروج والشموع، فالأنس بها غير مقطوع ولا ممنوع، وجمالها يدخل على القلب السرور، ويذهل العقل حتى كأنه من النشوة مخمور، ولطالما مضت لى بالمسرة فيها أيام وليالى، هن سمط الأيام من يتيم اللآلى، وأنا أنظر إلى انطباع صورة البدر فى وجناتها، وفيضان لجين نوره على حافاتها وساحاتها، والنسيم بأذيال ثوب مائها الفضى لعاب، وقد سل على حافاتها من تلاعب الأمواج كل قرضاب، وقام على منابر أدواحها فى ساحة أفراجها مغردات الطيور، وجالبات السرور، فلذيذ العيش بها موصول».
ظل الشيخ حسن مصدر إشعاع لمختلف العلوم إلى أن ولى مشيخة الأزهر عقب وفاة الشيخ محمد الشنوانى فى سنة ١٨٣٠ فزانها وشرفها، وظل شيخا للأزهر إلى أن توفى فى آخر سنة ١٨٣٤، وترك مؤلفات قيمة، منها ما دونه طيب الذكر يوسف سركيس فى معجم المطبوعات العربية بعد أن ترجم للشيخ، وهى، إنشاء العطار، فى المراسلات والمخاطبات وكتابة الصكوك والشروط مما يحتاج إليه الخاص والعام، وقد طبع عدة طبعات، وهو مؤلف صغير الحجم كبير الفائدة، يشهد له بدقة الملاحظة وقوة الأسلوب.