نظرا لانتشار الفضائيات وعدد هائل من القنوات الدينية، والعاملين بها في مجال الفتوى، مما أدى إلى ظهور العديد من الفتاوى التي تعد غريبة عن المجتمع، تقدم «البوابة» في هذه النافذة لأغرب هذه الفتاوى
أفتى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام، الشيخ مصطفى راشد، بأن الصيام فرض على الأغنياء فقط، أما بالنسبة للفقراء فهو «تطوع».
وقال «راشد»، لموقع «الحرة» إنه أجرى حسابات بالنسبة للمواطن المصري، ووصل إلى نتيجة مفادها أن الصيام ليس فرضا على كل مصري يقل راتبه عن ٥٠٠ دولار شهريا.
ويرى، أن الفقير، بحسب الحديث النبوي، «هو الذي لا يملك قوته وقوت أسرته لمدة شهر والذي لا يملك منزلا، والذي لا يملك دابة، وهي تعادل سيارة في وقتنا الحالي».
وبموجب هذا التعريف، أجرى راشد حساباته، وتبين منها أن المصري الفقير هو من لا يمتلك دخلا شهريا ثابتا يعادل ٧٥٠ دولارا، وقال لموقع «الحرة» إنه أخذ بالأحوط واعتبر أن الفقير هو من يجني أقل من ٥٠٠ دولار.
ولكن هذا الحساب الذي سمّاه راشد «نصاب الفقر»، يختلف بين دولة وأخرى، بحسب أوضاعها الاقتصادية وتكلفة المعيشة فيها، وتبقى القاعدة هي تعريف النبي للفقير. واعتبر راشد أن «المقصود من الصيام هو إطعام الفقراء»؛ متابعا بأنه «لو أطعم كل شخص مسكينا كل يوم فهذا أفضل من الصيام». واستدرك موضحًا أن كلامه ليس دعوة للفقراء لكي لا يصوموا، وكل قصده أن يوصل إلى الناس «مقاصد الشرع».
أساس الفتوى
وحول الأسانيد التي اعتمد عليها، يفسر "راشد"، في فتواه الآية ١٨٤ من سورة البقرة، والتي تنص على أن (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
ومن هذه الآية استنتج كما يستنتج كل الفقهاء أن المريض أو المسافر يحق له الإفطار على أن يصوم أياما أخرى أو يطعم مسكينا عن كل يوم أفطره.
وردا على هذه الفتوى قال الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن «ذلك الكلام ليس له ما يسانده في القواعد الشرعية، لأن القرآن فرض الصيام على الذين آمنوا، دون أن يقصره على غني دون الفقير أو العكس» مؤكدا أن الفتوى تنقص الإسلام ركنا من أركانه، لأنه بني على ٥ أساسية، رابعها "صوم رمضان.
وأضاف «النجار»، أن ذلك الشخص اختلط عليه الأمر بشأن الآية القرآنية التي تبيح الإفطار للمريض أو الشخص المسافر، موضحا أن الفدية أو الكفارة لا تجوز إلا لشخص أفطر متعمدا في نهار رمضان، ولا يمكن أن يستبدل الصوم بشراء طعام لـ٦٠ مسكينا، أو استبداله بفدية مالية، مطالبا ذلك الشخص الذي يدعي العلم، بأن يتقي الله في دينه ويكف عن إثارة البلبلة التي تجلب الفتن بدلا من درأها.
ولم يختلف حديث العالم الأزهري الدكتور يسري عزام، عن حديث النجار، الذي قال إن الشيخ مصطفى راشد ليس إماما أو عالما أزهريا، ولا يمت لتلك المؤسسة العريقة بأي صلة، ويرتدي عباءة الأزهر خلسة، كي يستمع الناس إلى فتواه، مطالبا المسلمين بعدم الاستماع إلى تلك الفتاوى أو التفكير في إمكانية صحتها.
وأضاف «عزام»، أن الصيام فريضة على كل مسلم ومسلمة، بدليل الآية القرآنية التي قال فيها، عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم»، كما بنيت أركان الإسلام على ٥ أشياء أساسية، كان منها «صوم رمضان»، دون أن يقتصر ذلك على الغني دون الفقير.
وأشار العالم الأزهري، إلى أن «راشد» فسر آية قرآنية في غير محلها، لأن الآية تعفي كل من كان مريضا أو على سفر فقط من الصيام، على أن يعود ويعوض الأيام التي أفطر فيها بأيام أخرى تعادلها عددا، ولم تتحدث الآية الكريمة عن أي إعفاء لغني أو فقير من فريضة «صوم رمضان».
ونصح عزام بعدم الاستماع إلى أي فتاوى خارجة عن جهات أخرى غير الأزهر ودار الإفتاء، متعجبا من الذين يأخذون الفتوى عن أناس آخرين لا ينتمون لتلك المؤسستين العريقتين، بحسب قوله.
بدوره؛ هاجم الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر، الفتوى، قائلا إنها خرجت من شخص يتعمد إثارة البلبلة من آن لآخر، موضحا أن الأزهر أصدر بيانا منذ عامين، كذّب فيه ادعاءات ذلك الشخص، وأنه ليس من الأزهر في شيء ولا يعمل في أستراليا، ولا تُسمع منه أي فتوى.
ورفض «كريمة»، التعليق على فتوى «راشد» أو تفنيدها أو الرد عليها، مختتما: «فتاوى العلماء فقط هي ما تحتاج لمناقشتها، بينما لا تستحق الخرافات أي رد عليها».
