انطلقت منذ قليل، اليوم الخميس، مسيرات حاشدة في العاصمة الفرنسية باريس، في تاسع يوم من المظاهرات والاحتجاجات بدعوة من الاتحاد النقابي، ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد والذي ينص على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما بحلول 2030.
وبدأت المسيرات الحاشدة من ميدان "الباستيل"، الساحة الرمزية لانطلاق الثورة الفرنسية، وقد اكتظ كثير من المتظاهرين، من بينهم كبار سن وشباب ونساء، باتجاه ميدان "الأوبرا" في الدائرة 9 في العاصمة الفرنسية، حيث من المقرر أن تنتهي التظاهرة في السابعة مساء، بحسب شرطة باريس.
وأعلن وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، أنه تم نشر 12 ألف عنصر من أفراد الأمن، من بينهم 5 آلاف في باريس.
ومنذ الصباح الباكر، تشهد عدة مدن فرنسية أخرى مسيرات ومظاهرات حاشدة، ففي مدينة مارسيليا (على الساحل الجنوبي لفرنسا)، وفقا للأرقام الصادرة عن الاتحاد العام للعمل (إحدى النقابات الفرنسية الكبرى)، تجمع نحو 280 ألف شخص، بينما أحصت الشرطة 16 ألف شخص فقط.
وفي غرب فرنسا، اندلعت اشتباكات في مدينة "نانت" حيث ألقى المتظاهرون مقذوفات في اتجاه الشرطة التي بدورها قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وفي مدينة "رين"، اندلعت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وأفراد الشرطة، التي استخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وشهدت المسيرات مشاركة 35 ألف متظاهر في اليوم التاسع من الحراك المجتمعي وفقا للاتحاد العام للعمل، بينما أحصت السلطات الفرنسية 22 ألفا ومائتان شخص.
وفي مدينة "لوريان"، استهدف المتظاهرون مديرية الأمن الفرعية ومركز الشرطة واشتعلت النيران في منصات متواجدة أمام مركز الشرطة وتم إلقاء مقذوفات على المبنى.
وبدوره، أدان وزير الداخلية، في تدوينة قصيرة على موقع "تويتر"، هذه الاعتداءات التي وصفها بغير المقبولة ضد مديرية أمن المدينة ومركز شرطة "لوريان"، مؤكدا أن هذه الأعمال لا يمكن أن تمر دون عقاب.
وتأتي هذه التظاهرة في إطار يوم جديد من الحشد والحراك المجتمعي بدعوة من الاتحاد النقابي، وهو اليوم التاسع من التعبئة والحشد ضد إصلاح نظام التقاعد، والذي يأتي بعد إقرار مشروع القانون نهائيا عبر لجوء الحكومة إلى المادة 49.3 من الدستور التي تتيح بتمرير مشروع القانون دون تصويت برلماني.
وبحسب الشرطة الفرنسية، توقع نزول ما بين 600 ألف و800 ألف متظاهر على مدار اليوم في جميع أنحاء فرنسا، من بينهم 40 ألفا إلى 70 ألفا في باريس، كما من المتوقع أن يتواجد في باريس حوالي 500 فرد من حركة "السترات الصفراء".
وتتجدد المظاهرات كل ليلة في باريس وفي العديد من المدن الفرنسية الأخرى، منذ استخدام الحكومة المادة 49.3 من الدستور لتمرير المشروع بدون تصويت برلماني، وتستمر التجمعات ليلا في العديد من المناطق في العاصمة، في الميادين الرئيسية ك"الجمهورية" و"إيطاليا" و"الكونكورد"، وبشكل عفوي دون الحصول على إذن مسبق من مديرية أمن العاصمة للسماح بالتظاهرة، تندلع خلالها اشتباكات عنيفة بين أفراد الشرطة والعديد من المتظاهرين.
كما تأتي هذه المسيرات في اليوم التالي من اللقاء التلفزيوني للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دافع عن مشروعه الاصلاحي، مؤكدا ضرورته للحفاظ على موازنة نظام دفع المعاشات أولا بأول، قائلا: "هذا الإصلاح ضروري وأقول للفرنسيين إنه أمر لا يسعدني وكنت أود ألا أفعله، لكنه ضروري".
وأكد أن نص مشروع إصلاح نظام التقاعد سيواصل مساره الديمقراطي وسيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام.