قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، إن الدولة لن تتسامح مع أي تجاوزات، مؤكدا أن الحكومة ستعمل من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها، خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة والوقود، وذلك على خلفية موجة الإضرابات التي تضرب العديد من قطاعات الدولة والمظاهرات التي تشهدها شوارع فرنسا احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد.
وأضاف ماكرون - خلال مقابلة تلفزيونية عبر قناتي "تي إف 1" و"فرانس 2"، في خضم تصاعد الغضب الاجتماعي - "يجب إيجاد طريقة والعودة إلى طاولة المناقشات حول مشروع إصلاح نظام التقاعد، ولكن لن نتسامح مع أي تجاوزات، وسنعمل على أن تعود الحياة إلى طبيعتها قدر الإمكان في مواجهة الذين يمنعون استئناف الخدمات. بعد ذلك، فإن الأمر متروك لنا، أي الجهة التنفيذية، لمحاولة الاستماع إلى الغضب المشروع وليس العنف ولكن الغضب الذي تم التعبير عنه وقت هذه الخلافات".
وأوضح أن رئيسة الوزراء إليزابيث بورن أرادت تحمل مسؤولية حكومتها، عندما أعلنت اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور (والتي أتاحت تمرير المشروع دون تصويت برلماني). إنها حركة مهمة للغاية، فقد تحملت مسؤولياتها مع الحكومة وقالت لمجلس النواب: "إذا كانت لديكم أغلبية بديلة، فلتعبر عن تفسها، ويوم الاثنين الماضي، (عندما تم رفض مقترحي سحب الثقة من الحكومة) تبين أنه لا توجد أغلبية بديلة".
وأكد أهمية المضي قدما في هذا المشروع، وأهمية إعادة ترتيب جدول الأعمال البرلماني والإصلاحات من خلال إعادة التعامل مع النقابات وجميع القوى السياسية المستعدة للقيام بذلك، موضحا "من أجل بلادنا، ليس لدينا الان الحق في أن نتوقف أو أن نقف مكتوفي الأيدي".
وأضاف: "ما الذي كنا نفعله منذ عام 2017؟ نحن نخوض هذه المعركة من أجل التوظيف وإعادة التصنيع. هذا هو جوهر المعركة التي نخوضها، ونحن في طريقنا للنجاح بشكل جماعي. لقد انتقلنا من نسبة بطالة 9% إلى 7% اليوم "، معربا عن رغبته في تحقيق تقدم من أجل حياة أفضل في جميع المجالات كالصحة والتعليم والبيئة.
وختم ماكرون قوله بأهمية وضرورة هذا المشروع الاصلاحي بالرغم من صعوبته، قائلا: "الإصلاح الذي نقوم به صعب للغاية ونحن نطلب من المواطنين بذل جهد أكثر، وهو الأمر الذي لا يحظى بشعبية بين أفراد المجتمع لكني أتحمل هذه اللحظة".
وقال "إذا كان لدي ندم فهو إنني لم أنجح في إقناع المواطنين بضرورة هذا الإصلاح الذي لا يرضيني أنا أيضا. لكنني أعيش بالإرادة والمثابرة والالتزام لأنني أحب بلادنا ومواطنينا. لذا فأنا أفعل ما يجب القيام به، وهناك أوقات صعبة يتعين علينا مواجهتها".
يأتي لقاء ماكرون مخاطبا الشعب الفرنسي وسط تجدد المظاهرات والمواجهات كل ليلة في باريس وفي العديد من المدن الفرنسية الأخرى، منذ استخدام الحكومة المادة 49.3 من الدستور لتمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد بدون تصويت برلماني. وتستمر التجمعات ليلا في العديد من المناطق في العاصمة وأحيانا بشكل عفوي ودون الحصول على إذن مسبق من مديرية الأمن للسماح بالتظاهرة، ويتخللها العديد من الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين الذين يضرمون النار في حاويات القمامة وبين أفراد الشرطة.
ويجوب آلاف من المتظاهرين شوارع باريس كل ليلة عقب رفض الجمعية الوطنية (الغرفة الأدنى بالبرلمان الفرنسي) المذكرتين اللتين تقدم بهما حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف ومجموعة "ليوت" المستقلة لحجب الثقة عن الحكومة، وبناء عليه تم اعتماد مشروع إصلاح نظام التقاعد بشكل نهائي والذي ينص على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما بحلول 2030، على الرغم من موجة الغضب والإضرابات التي تشهدها البلاد ضده.