قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأربعاء إن نص مشروع إصلاح نظام التقاعد سيواصل مساره الديمقراطي وسيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام، مؤكدا أنه بهذا المشروع الاصلاحي لا يسعى إلى إعادة انتخابه بل إنه يختار المصلحة العامة للبلاد.
وقال ماكرون – خلال لقاء تليفزيوني مع قناتي "تي إف 1″ و"فرانس 2" الفرنسيتين – "أنا لا أسعى لإعادة انتخابي، لا يمكنني أن أكون كذلك دستوريا، لكن إذا كان علينا الاختيار بين استطلاعات الرأي والحال على المدى القصير وبين المصلحة العامة للبلاد، فأنا أختار المصلحة العامة".
وأضاف: "هذا النص، الذي كان موضوع 175 ساعة من النقاش البرلماني، سيواصل مساره الديمقراطي، فقد أعدته الحكومة بعد شهور من التشاور، ثم قامت بتعديله بعد التشاور في البرلمان"، موضحا "علينا الان أن ننتظر صدور قرار من المجلس الدستوري وعلى إثر هذا القرار، سأضطر إلى إصدار نص يجعل من الممكن تغيير الأمور".
وردا على تصريحاته المثيرة للجدل التي وردت أمس /الثلاثاء/، مفادها بأن "الجماهير التي تتظاهر، مهما كانت، ليس لها شرعية في مواجهة المواطنين الذين يعبرون عن أنفسهم من خلال ممثليهم المنتخبين"، دافع ماكرون عن وجهة نظره قائلا: "توجد شرعية ناتجة عن انتخابات رئيس الجمهورية والنواب، وكذلك النقابات أيضا لها شرعية، وأنهم يتظاهرون ضد هذا الاصلاح وانا احترمهم. مع ذلك، عندما تستخدم جماعات العنف المفرط لمهاجمة المنتخبين، لأنهم غير راضين عن شيء ما، فهذا غير مقبول"، مضيفا "لا يمكننا قبول المتمردين أو الفصائل".
وتابع ماكرون: "يؤسفني أنه لم تقترح أي قوة نقابية حلا وسطا"، فالحكومة هي من قدمت حل وسطي، وبعد التشاور، تم تقديمه في البرلمان".
ودافع مجددا ماكرون عن مشروعه مؤكدا ضرورة إصلاح نظام التقاعد لموازنة نظام دفع المعاشات أولا بأول، قائلا: "هذا الإصلاح ضروري. وأقول للفرنسيين إنه أمر لا يسعدني وكنت أود ألا أفعل ذلك، لكنه ضروري"، مؤكدا أهمية الاستثمار في بقية الخدمات العامة، كالتعليم والصحة، وقال: "لا يمكننا أخذ هذه الأموال لوضعها في معاشات التقاعد".
وتابع: "كثير من حالات الغضب التي تم التعبير عنها لا تتعلق فقط بنظام التقاعد. أريد أن أعود إلى هذا الغضب والتحدث عنه، لكن اليوم علينا إصلاح نظامنا التقاعدي، وبالتالي، أقوم بذلك بمسؤولية ومن حيث المصلحة العامة".
يأتي لقاء ماكرون مخاطبا الشعب الفرنسي وسط تجدد المظاهرات والمواجهات كل ليلة في باريس وفي العديد من المدن الفرنسية الأخرى، منذ استخدام الحكومة المادة 49.3 من الدستور لتمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد بدون تصويت برلماني. وتستمر التجمعات ليلا في العديد من المناطق في العاصمة وأحيانا بشكل عفوي ودون الحصول على إذن مسبق من مديرية أمن العاصمة للسماح بالتظاهرة.
ويجوب آلاف من المتظاهرين شوارع باريس كل ليلة عقب رفض الجمعية الوطنية (الغرفة الأدنى بالبرلمان الفرنسي) المذكرتين اللتين تقدم بهما حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف ومجموعة "ليوت" المستقلة لحجب الثقة عن الحكومة، وبناء عليه تم اعتماد مشروع إصلاح نظام التقاعد بشكل نهائي والذي ينص على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما بحلول 2030، على الرغم من موجة الغضب والإضرابات التي تشهدها البلاد ضده.