الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جهل الوعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم أكن أعلم أنه بالرغم من كل الشهادات التى نحصل عليها واحدة تلو الأخرى.. وعام بعد عام... أن مصطلح الجهل سيشملنا من قريب أو من بعيد إلى أن صادفتنى دراسة أجرتها شركة إيبسوس موري البريطانية لدراسات السوق نوعا من الدراسات التى تجريها سنويا بالتعاون مع جامعة أوكسفورد على عينات لسكان 40 دولة بواقع يتراوح بين خمسمائة وألف شخص من كل بلد، وأكدت نتائج الدراسة أن مؤشر الجهل لعام 2022 من فئات عمرية بين 16 و64 عاما، يشير إلى أن أغلب الدول التي اعتبرت الأكثر جهلا في العالم هي من الدول القوية اقتصاديا والتي تشمل أغلبية متعلمة. 

وجاءت الولايات المتحدة، من بين أكثر خمس دول جهلا في العالم خلف العديد من الدول الأقل نموا، كما حلت ماليزيا، التي لا تعتبر دولة متقدمة تمام التقدم، من ضمن الدول الأقل جهلا في العالم.

واستندت الدراسة في معايير القياس مدى معرفتهم بتعداد السكان في دولهم، ومقدار الإنفاق على الصحة من إجمالي الناتج المحلي،ومدى معرفتهم البيئية والتكنولوجية والإعلامية والاقتصادية والعقلية والعاطفية والنقدية والسياسية 

وتصدرت قائمة الدول الأكثر جهلا كل من الهند والصين وتايوان وشمال وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والبرازيل وتايلند وسنغافورة وتركيا وإندونيسيا والمكسيك وكندا.

 وحينها وقفت أمام نفسي عاجزة عن الإجابة هل شبح الجهل مازال يطاردنى أنا وكل من حولي من أصحاب الشهادات العليا؟، لذا قررت أن أبحث فى هذا المصطلح فوجدت أن هناك دوائر للجهل تبدأ من داخلنا وتتسع من جهلنا بأنفسنا لتصل لجهلنا بالقضايا العامة والدولية...وربما تنحصر وفقا لقرارنا؟!

الجهل بالذات

أنه أخطر أنواع الجهل أن تجهل التعرف على نفسك على إمكانياتك وأهدافك وهواياتك ومواطن قوتك بل وعيوبك وأخطائك ويصبح إدراكك لذاتك يقف عند اسمك وبنكتشف جهلنا بأنفسنا فى لحظات نقف فيها ونقول "أنا عملت كده إزاى"، "أنا مبقتش فاهم نفسى" وأحيانا أخرى تمر لحظات نكتشف فيها أننا نعمل شيئا ظننا لسنوات أننا غير قادرين على فعله أو العكس وهذا النوع من الجهل يجب أن نتصدى له ونمحو ضبابه عن عقولنا وإلا سيفوتنا الكثير والكثير فى رحلة لا تعاد فلابد أن يتعرف الإنسان على ذاته ويدرك جيدا مواطن ضعفه وقوته ويتأمل أساليب تفكيره التي تشكل حياته وتصنعها... وهنا وجدت أننا نحتاج للمزيد من التأمل والبحث داخل أنفسنا...

الجهل بالأخرين

نحيا سنوات وسنوات من عمرنا مع أشخاص من الأهل والأصدقاء وزملاء العمل ونكاد نجزم أننا نعرفهم جيدا وعلى وعى كامل بكل جوانب شخصيتهم إلا أن يقع حدث جلل يوقفنا عاجزين أمام جهلنا بأقرب المحيطين بنا ونجد أننا نجهل أشخاص أقرب ما يكونوا إلينا...فنجد أب يجهل أبنائه... ونجد صديق يجهل صديقه... ونجد زوجه تجهل رفيق دربها...ونجد جار يجهل جاره...ومدير يجهل إمكانيات فريق عمله...ونجهل...ونجهل...

وجهلنا ببعضنا البعض يؤثر سلبا على العلاقات وتكوين المجتمع وترابطه مما يحدث تفكك ونصبح مجتمع يجهل كلا منا الأخر

الجهل بالبيئة

هذا النوع من الجهل يهدر الكثير من الفرص والوقت كالفرق بين من يدخل مغارة ويعلم طريقه للخروج منها ومن لايعلم فيحاول ويحاول وربما يخرج ولكن بعد الكثير والكثير من الوقت بسبب جهله بسبيل الوصول، ويشمل الجهل بالبيئة أن تجهل لغة عصرك وقوانين وأعراف محيطك فلكل بيئة قوانينها الخاصة التي يجب أن تدركها جيدا حتى لا تقع في مصيدة الجهل بالبيئة...فأن جهلت بيئتك جهلت أبعاد التعايش والنجاح فيها وليس معنى ذلك أن تنصهر معها ولكن أن تعد عدتك من الأفكار لتجد سبيلك للوصول فى مغارة بيئتك...

 

الجهل بقضايا المجتمع 

أن تجهل القضايا والتحديات التى تواجه مجتمعك أمر خطير مما يجعلك لا تعي حجم المخاطر التى تتغذى على جهلك بأسباب أزمات مجتمعك وبالتبعية لا تعى دورك فى مواجهة أزمة مجتمعك فالمجتمع ما هو إلا بنيان مرصوص كلا من وحدة بداخله لها دورها فى تخطى الأزمة وإذا جهلنا هذا الدور جعلنا جهلنا أكثر عرضة لأن نكون سبب في تفاقم الأزمة وأكبر مثال حى الأن هو الأزمة الإقتصادية فإذا جهلنا أسباب الأزمة ودورنا فى تخطيها سيكلفنا ذلك الكثير والكثير ويؤدى للانجراف والإنحدار لسلوكيات تساعد على تفاقم الأزمة كتخزين السلع بشكل يساهم فى الغلاء وغيره وغيره...ولكن إذا أزلنا غشاوة الجهل بالأزمة وأبعادها وكلا منا أدرك دوره ولم يجهل مسئوليته تجاه مجتمعه تخطينا الأزمة فما أكثر الأزمات التى تتخطها الأوطان بوعي أبنائها...

جهل القضايا الدولية

لم نكن يوما بمعزل عن العالم فهناك دول تعتمد علينا فى بعض المجالات ونعتمد عليها فى مجالات أخرى فالمجتمع الدولي هو البنيان الأكبر... لذا جهل الوعي بما يحدث فى المجتمع الدولى من تغييرات وإعادة تشكيل القوى الدولية والتحالفات وفقا للمصالح الإقتصادية والسياسية ومدى تأثير ذلك على مصالح وطننا العزيز يجعلنا لا ندرك مدى أهمية ذلك وتأثيره على الوضع الداخلي لدينا... ونصبح محدودين الرؤية نجتزأ المشهد.

كل هذه الأنواع من دوائر الجهل تحاوط الإنسان بداية من ذاته وتتسع لتشمل العالم أجمع ولكن بيد كلا منا أن يجعلها تنحصر حتى تتلاشى ويتلاشى معها ضباب الجهل الذى أصبح يحجبنا عن رؤية أنفسنا وما يدور حولنا برؤية واضحة... أنيروا العقول بالوعى وأمحوا أمية المعرفة.