استعرض تقرير حديث صادر عن هيئة الأمم المتحدة الدولية المعنية بتغير المناخ، الخيارات الكثيرة التي يمكن اتخاذها الآن لخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع التغيرات المناخية التي يسببها البشر.
التقرير، الذي صدر اليوم الاثنين بعد اجتماع الهيئة لمدة أسبوع في إنترلاكن السويسرية، يسلط الضوء على الخسائر والأضرار التي وقعت حتى الآن بسبب تغير المناخ والمتوقع استمرارها في المستقبل والتي تضر بالفئات الأكثر ضعفا والنظم البيئية بشكل خاص.
وقد ارتفعت درجات الحرارة بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، نتيجة لأكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري (مثل النفط والغاز)، واستخدام الطاقة والأراضي بشكل غير متكافئ أو مستدام.
وقد أدى ذلك إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة التي تسببت في آثار خطيرة بشكل متزايد على الطبيعة والناس في كل منطقة من مناطق العالم.
ومن المتوقع أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي والمائي الناجم عن المناخ مع زيادة الاحترار. وحذر التقرير من أن إدارة المخاطر تصبح أكثر صعوبة إذا رافقتها أحداث سلبية أخرى، مثل الأوبئة أو النزاعات.
أحد الأهداف المناخية المهمة يتمثل في الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. ويفيد التقرير بأن تحقيق ذلك يتطلب خفضا كبيرا وسريعا ودائما لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات خلال العقد الحالي. ويتعين خفض الانبعاثات الآن وتقليصها إلى النصف تقريبا بحلول عام 2030.
والحل الذي اقترحته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هو "التنمية المقاومة للمناخ" التي تتضمن دمج تدابير التكيف مع تغير المناخ مع إجراءات تقليل أو تجنب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بطرق توفر فوائد أوسع.
وتشمل الأمثلة على ذلك توفير الطاقة النظيفة، والكهرباء منخفضة الكربون، وتعزيز النقل المنعدم والمنخفض الكربون، وتحسين جودة الهواء. قيمة الفوائد الاقتصادية التي ستعود على صحة الناس بسبب تحسين جودة الهواء ستعادل أو تفوق التكلفة التي ستُدفع في سبيل تقليل أو تجنب الانبعاثات.
وقال كريستوفر تريسوس أحد واضعي التقرير: "أكبر المكاسب لرفاه الناس يمكن أن تنجم عن إعطاء الأولوية للحد من مخاطر المناخ في المجتمعات منخفضة الدخل والمهمشة، بما في ذلك بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في مستوطنات غير رسمية (عشوائية). ولن يتحقق العمل المناخي المتسارع إلا إذا زاد التمويل في هذا المجال أضعافا مضاعفة. التمويل غير الكافي يعيق التقدم".
الحكومات هي المفتاح
وأكد التقرير على قدرة الحكومات على تقليص الحواجز التي تحول دون خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وذلك من خلال التمويل العام وإرسال إشارات واضحة للمستثمرين وتوسيع نطاق تدابير السياسة المجربة والمختبرة.
وسلط التقرير الضوء على التغييرات في قطاع الأغذية والكهرباء والنقل والصناعة والمباني واستخدام الأراضي باعتبارها سبلا مهمة لخفض الانبعاثات، بالإضافة إلى التوجه إلى أنماط الحياة منخفضة الكربون والتي من شأنها تحسين الصحة والرفاهية.
وقال هوسونغ لي رئيس الهيئة الدولية: "من المرجح أن تنجح التغييرات التحويلية عندما تتوفر الثقة ويعمل الجميع معا لتحديد أولويات الحد من المخاطر ويتم تقاسم المنافع والأعباء بشكل عادل. ويؤكد هذا التقرير التجميعي على الضرورة الملحة لاتخاذ إجراءات أكثر طموحا ويظهر أن بإمكاننا تأمين مستقبل مستدام ملائم للعيش للجميع اذا تحركنا الان
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التقرير بأنه "دليل إرشادي لنزع فتيل القنبلة المناخية الموقوتة".
وأكد الحاجة للعمل المناخي على جميع الجبهات: "كل شيء ، في كل مكان ، دفعة واحدة" في إشارة إلى اسم فيلم شهير فاز بجائزة الأوسكار السينمائية الأميركية هذا العام.
واقترح الأمين العام للأمم المتحدة على مجموعة الدول العشرين ذات الاقتصادات المتقدمة "ميثاق التضامن المناخي" الذي تبذل في إطاره الدول ذات أكبر قدر من الانبعاثات جهودا إضافية لخفضها، كما تقوم الدول الأكثر ثراء بتعبئة الموارد المالية والتقنية لدعم الاقتصادات الناشئة في جهد مشترك لضمان عدم ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
وأعلن غوتيريش خطة لتعزيز الجهود المبذولة لتحقيق الميثاق من خلال أجندة لتسريع العمل تشمل التزام قادة الدول المتقدمة بالوصول إلى صفر الكربون في أقرب وقت ممكن من عام 2040، والبلدان النامية في أقرب وقت ممكن من عام 2050.
وتدعو الأجندة إلى إنهاء استخدام الفحم، وتوليد الكهرباء منعدمة الكربون بحلول عام 2035 لجميع البلدان المتقدمة وعام 2040 لبقية العالم، ووقف جميع التراخيص أو التمويل للنفط والغاز الجديد، وأي توسع في النفط الحالي واحتياطيات الغاز.
وأضاف غوتيريش أن هذه الإجراءات يجب أن ترافق ضمانات خاصة بالمجتمعات الأكثر ضعفا وزيادة التمويل والقدرة المرتبطة بالتكيف والخسارة والأضرار، وتعزيز الإصلاحات لضمان قيام بنوك التنمية متعددة الأطراف بتقديم مزيد من المنح والقروض، والتعبئة الكاملة للتمويل الخاص.
وأعرب عن تطلعه إلى مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ، المقرر عقده في دبي في الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 12 كانون الأول/ديسمبر، قال الأمين العام إنه يتوقع أن يلتزم جميع قادة مجموعة العشرين بمساهمات محددة وطنية طموحة جديدة على مستوى الاقتصاد، تشمل جميع غازات الاحتباس الحراري وتنطوي على أهداف التقليص التام للإنبعاثات.