الجمعة 20 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

مصطفى الزائدى يكتب: السنوسية حركة دعوية إسلامية.. فيها ما نقبله وما نرفضه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد سقوط الأندلس، وهزيمة المسلمين والهجمات الصليبية المتكررة على الوطن العربى حلت قرون من الظلام والجهل وابتعد الناس عن التفقه  فى الدين وإتباعه وممارسة شعائره بطرق صحيحة، فظهرت حركات دعوية وصوفية عملت على نشر الدين والحفاظ عليه، وكثرت هذه الحركات خاصة فى شمال أفريقيا، وتأسست زوايا دينية لتعليم القرآن والفقه، ونتجت عدة طرق صوفية كان لها دور مهم فى الحفاظ على الإسلام فى شمال أفريقيا ووسطها، ومن أهمها فى ليبيا زاوية الدوكالى فى مدينة مسلاته وزاوية الفطيسى فى مدينة زليتن وزاوية  أحمد  الزروق فى مصراته، ولعل من أشهرها زاوية عبد السلام الأسمر فى مدينة زليتن، وهو الذى أنشأ الطريقة العروسية، وتحولت هذه الزاويا الى مدارس تعليم دينى وخرجت العديد من الوعاظ والفقهاء والقضاة وحافظت على استمرار الزخم الدينى فى ظروف صعبة للغاية فى ضوء سيطرة القوى الصليبية فى مرحلة وعبث السلطة التركية المختلفة، قى تونس والجزائر والمغرب انتشرت طرق صوفية مشابهة مثل  القادرية والعيساوية وغيرها.
 


فى منتصف القرن التاسع عشر ظهرت الحركة السنوسية كحركة  دعوية إسلامية مركزها جنوب شرق ليبيا، أسسها الداعية محمد بن على السنوسى المولود فى مستغانم بالجزائر بعد عودته من رحلته إلى الحج، وشاهد حالة المسلمين فى ليبيا فقرر التمركز بها وإطلاق مشروعه الدعوى، فأقام أول زاوية فى برقة انطلقت منها  الدعوة فى شرق وجنوب ليبيا وشمال وشرق تشاد وغرب السودان، وأقيمت عدة زوايا أخرى فى الجغبوب والكفرة وتشاد وغرب السودان، بعد الغزو الاستعمارى للمنطقة تحولت هذه الزوايا إلى مراكز لقيادة المقاومة وساهمت فى التعبئة للجهاد وقيادته ضد الفرنسيين فى تشاد والإنجليز فى مصر والسودان والإيطاليين فى ليبيا، فلقد كان أحمد الشريف السنوسى قائدًا فذًا حارب الطليان والإنجليز فى آن واحد، فشكل قيادة للجهاد فى ليبيا وتشاد وبعد سقوط الدولة العثمانية رأى من واجبه مواجهة الإنجليز فى مصر فشن حركة مقاومة ضد الإنجليز وخاض معركة مهمة ضدهم فى غرب مصر. وكان السيد صفى الدين السنوسى من قادة الجهاد فى برقة، وقاد معركة القرضابية الشهيرة  فى ٢٩ ابريل ١٩١٥ والتى كانت معركة مفصلية فى الجهاد فى ليبيا، انتهت بهزيمة نكراء للإيطاليين أدت إلى تقهقرهم من كل المناطق التى احتلوها وتحصنوا داخل مدينة طرابلس ولم يتمكنوا من إعادة احتلال ليبيا بعد وصول الفاشيين الذين مارسوا قمعًا غير مسبوق فى التاريخ فى عام ١٩٣١ بعد القضاء على آخر مواقع المقاومة فى الجبل الاخضر بإعدام القائد الفذ عمر المختار عام ١٩٣١.
هذه جوانب مهمة للسنوسية فى ليبيا لا ينكرها إلا جاحد، فلقد ساهمت فى الحفاظ على الدين ونشر صحيحه، ووحدت الليبيين فى الكفاح ضد الاستعمار، رغم  بعض العثرات التى يراها البعض والمبررة للبعض الآخر كانخراط الملك إدريس السنوسى فى العمل مع الطليان فى أجدابيا، أو تعاونه الزائد مع الانجليز بعد الحرب الثانية وتمكينهم من السيطرة المستترة بعض الشئ على البلاد إلا أن الجميع يتفق على الدور المحورى للسنوسية فى التعبئة من اجل الاستقلال.
 


ما نرفضه وبقوة هو أن يعطى هذا الدور المقدر للسنوسيين حق تملك الوطن أرضًا وشعبًا، ليس كرهًا فيهم بل رفضًا للملكية كنظام حكم.
المسألة الأهم أن ليبيا فى كل تاريخها لم تشهد أنظمة حكم ملكية إلا لسنوات محدودة، ولنراجع تاريخ ممالك أولاد امحمد فى الجنوب الليبى وبن تليس والزييانة فى الغرب والوسط نجد أنها تسقط بشكل مريع كما قامت فتشتت أبناؤها واندثرت معالمها!. 
أما السلطة الوراثية للقرهمانليين الأتراك الذين انشقوا عن سلطان الباب العالى فلم يستمروا كثيرًا حيث دب الخلاف بينهم ونشبت حروب طاحنة بينهم فاستعان أحمد القرهماللى على أخوه يوسف باشا بالأمريكان الذين بدءوا الخروج من أمركيا باحثين عن نفوذ فى المتوسط والارتباط بأوروبا.
أدعو المتحمسين للسنوسية أن يركزوا جهودهم على منهج مؤسسها ومن تبعه الذى تبنى إصلاح المجتمع وتنقية الثرات الدينى من الشوائب، وأن يتقدموا الصفوف للمساهمة فى إصلاح ما أصاب بلادنا من عطب وليس من أجل العودة للحكم!!.
أدعو المتحمسين للسنوسية أن يركزوا جهودهم على منهج مؤسسها الذى تبنى إصلاح المجتمع وتنقية الثرات الدينى من الشوائب وأن يتقدموا الصفوف للمساهمة فى إصلاح ما أصاب بلادنا وليس من أجل العودة للحكم!!

معلومات عن الكاتب: 
د. مصطفى محمد الزائدى.. سياسى ليبى، تولى سابقًا منصب وزير الصحة، وكان نائب وزير الخارجية 2011، أمين الحركة الوطنية الشعبية الليبية.. يتناول تاريخ السنوسية كحركة دعوية صوفية نشأت فى ليبيا، كان لها دورها فى مواجهة الهجمات الصليبية، ويدعو أنصارها للانخراط فى العمل الوطنى والدينى من أجل مستقبل أفضل للبلاد.