الجمعة 20 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

زاهي حواس يكتب: انتقام الفراعنة.. قصة اكتشاف مقبرة بناة الأهرام ولعنة «إنتى شيدو»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حوافر حصان تعثرت فى حائط قديم.. تبين أنه لمقبرة ظلت مدفونة تحت الرمال 4500 سنة
قلت وقلبى يرتجف فرحًا هذا الموقع به أهم كشف أثرى وهو مقابر بناة الأهرام.. وكانت أسعد لحظات فى حياتى ونشرت الصحف بأننى سوف ألقى محاضرة عن الاكتشافات الأثرية الحديثة بمنطقة الهرم فى مركز الدبلوماسيين الأجانب بالزمالك

لو حكيت قصص لعنة "إنتى شيدو" لأى إنسان لن يصدقها إطلاقًا، ولكن ما أكتبه الآن قد حدث فعلًا عندما كشفنا عن مقبرة لأحد رؤساء العمال داخل مقابر بناة الأهرام والتى كشفنا عنها جنوب شرق أبو الهول ليثبت هذا الكشف للعالم كله أن المصريين هم بناة الأهرام.
وعندما أخبرت صديقى أنيس منصور بقصة الكشف بل وقصة اللعنة الأولى عندما وقع الزلزال الضخم فى عام ١٩٩٢م فى يوم المؤتمر الصحفى، واللعنة الثانية عندما دخلت مستشفى الهرم مصابًا بأزمة قلبية قبل الميعاد الثانى للمؤتمر الصحفى. وقد تكون هذه اللحظة التى حاول البعض أن يجعلنى أؤمن أن هناك لعنة الفراعنة.
وقد اهتم الكاتب الكبير أنيس منصور بهذا الكشف ولكن اتفقت معه على عدم الإعلان إلا بعد الاتفاق مع فاروق حسنى وزير الثقافة وخاصة لأن الوزير يريد دعوة الرئيس حسنى مبارك لحضور الاكتشاف. ووعدنى أنيس منصور بذلك ولكنه كان يتصل بى كثيرًا لمعرفة الأخبار وكنت أحكى له حكايات عن تطور الحفائر بالإضافة إلى قصة الكشف عن هذه المقابر بطريق المصادفة. وبدأت الحكاية فى يوم من أيام شهر أغسطس ١٩٩٠م، كنت أجلس بمكتبى بهضبة الجيزة أمارس مهام عملى وفى نفس الوقت كنت سارحًا فى موضوع مكان مقابر بناة الأهرام لأنى كنت أبحث عن هذه المقابر. وبدأت الحفائر فعلًا جنوب شرق أبو الهول ولم أعثر على شيء فى العام الأول من الحفائر؛ لذلك بدأت أفكر فى المكان الذى يمكن أن يدفن فيه بناة الأهرام، وقد كتبت فى رسالة الدكتوراه أن هذا الموقع الذى يقع جنوب شرق أبو الهول هو المكان الوحيد من الناحية الجغرافية الذى من الممكن أن يدفن فيه العمال، وخاصة لوجود سور يفصل بين هذا المكان وأهرامات الجيزة، وفى نفس الوقت كنت فى شوق للعثور على هذه المقابر؛ لأن اليهود كانوا يطلقون دعايات كاذبة أنهم بناة الأهرام ولا أنسى عندما حضر مناحم بيجن للقاهرة وأعلن قبل حضوره أنه سعيد لزيارة الأهرامات التى بناها أجداده!.
وكنت أستشيط غضبًا من هذا التصريح وبعد زيارته للهرم، سألته الكاتبة هدى توفيق نفس السؤال وعاد وأنكر وقال أنه الآن يؤمن أن المصريين هم بناة الأهرام. وكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يدحض الفكر الصهيونى عندما جاءت البشرى فى أحد أيام شهر أغسطس حيث جاءنى الشيخ محمد محمد شيخ خفراء الأهرامات وأخبرنى بأن سائحة أجنبية شابة وقعت من على ظهر الحصان بالقرب من الأهرامات ويبدو أن حواف الحصان تعثرت فى حائط قديم وبسرعة وضعت قبعتى الشهيرة فوق رأسى وركبت العربة وذهبت إلى هناك لأرى جزء من مقبرة قديمة ظلت مدفونة تحت الرمال لمدة لا تقل عن ٤٥٠٠ سنة.. وهنا قلت وقلبى يرتجف فرحًا هذا الموقع به أهم كشف أثرى وهو مقابر بناة الأهرام. وكانت أسعد لحظات فى حياتى لحظة الكشف. نشرت الصحف بأننى سوف ألقى محاضرة عن الاكتشافات الأثرية الحديثة بمنطقة الهرم وذلك فى مركز الدبلوماسيين الأجانب بالزمالك.
 


وعندما قرأ أنيس منصور الخبر اعتقد وله حق أن الحظر عن النشر قد زال وأننى سوف أعلن عن هذا الكشف أخيرًا. وبدأ فى كتابة سلسلة مقالات رائعة تعتبر قطعة فنية موسيقية عن الاكتشافات الجديدة وبدأ فى دعوة الرئيس مبارك للحضور وخاصة لأنه فى ذلك الوقت كان هناك انحسار سياحى نتيجة لأحد حوادث الإرهاب. وقد أحدث ذلك نوعًا من الغيرة لدى المسئول الأول عن الآثار وبدأ فى الوقيعة بينى وبين فاروق حسنى.
وجاء الرئيس فى زيارة مفاجئة ومعه العقيد معمر القذافى. وكنت فى مرافقة الرئيس مع الوزير فاروق حسنى، وأرسلنا العقيد عبد الحافظ عبد الكريم رئيس مباحث الآثار لإحضار الآنسة آمال صموئيل صاحبة العهدة من المنزل لأن ذلك كان فى يوم ٧ يناير عيد الأخوة المسيحيين وذلك لأن آمال هى المسئولة عن المخزن الذى توجد به التماثيل وبعد الزيارة اكتشفنا أن أحد العمال قد قام بسرقة تمثال صغير من التماثيل المكتشفة.
وبدأ الانتقام وصدر قرار بجرد المخزن عهدة آمال صموئيل، بل ونقلى إلى آثار القاهرة وأحسست أن هناك مخطط للانتقام، مصدره الغيرة القاتلة من حزب أصدقاء الإله ست إله الشر عند المصريين القدماء. ولم أجد أمامى غير تقديم استقالتى. ولم أدخل فى معارك مع أحد.
وقبل هذه الحادثة بشهور زارنى صديقى الفنان عمر الشريف فى الوقت الذى عثر فيه على هذا التمثال المسروق، والتقطنا الصور الفوتوغرافية مع التمثال. وبعد ذلك بدأت الصحف تنشر هذه الصور وتتسأل بخبث أين ذهب التمثال؟! كأننا سرقناه !
وقررت أن أسافر للتدريس بجامعة لوس أنجلوس لأبتعد عن "إنتى شيدو" وعن جو اللعنة.. لعنة "إنتى شيدو" والذى لم يكتف فقط بحدوث الزلزال أو أصابنى بأزمة قلبية بل وتسبب فى أن أتقدم باستقالتى من الآثار. وقبل أن أسافر قابلت صديقى أنيس منصور وتمشينا على النيل معًا وقال لى كلامًا لا أستطيع نشره الآن.. إنه كلام صريح وصادق قد يجرح الآخرين.