يستضيف الإعلامي حسين الناظر الكاتب الصحفي الكبير مجدي الدقاق؛ رئيس تحرير مجلة «الهلال» ومجلة «أكتوبر» السابق من خلال برنامج «سنوات التكوين» الذي يذاع 10,30 مساء اليوم السبت؛ على موجات “إذاعة القاهرة الكبرى”، في حديث حول أهم محطات التكوين التي أثرت في مسيرته الفكرية والإبداعية والعملية.
ويؤكد مجدي الدقاق أن سنوات الطفولة هي المرحلة الأهم والأخطر في تكوين شخصية الإنسان، لأنها تشكل وجدانه وعقله وترسم المحددات الأولى للشخصية، داعيًا لضرورة اهتمام الوالدين بها من خلال الاهتمام بأطفالهم.
ويروي «الدقاق» كواليس مولده بمدينة “بورسعيد” الباسلة في عام 22 ديسمبر عام 1954م؛ قبل العدوان الثلاثي على مصر بعامين، وقبل ذكرى “عيد النصر” بيوم حيث كان في 23 ديسمبر 1956م؛ لتتفتح أعينه على المقاومة الشعبية وأصوات البارود والقنابل وأزيز الطائرات، والخطر المحدق من كل جانب وأي لحظة، تلك الأحداث التي جعلته يعايش مرحلة من أهم مراحل النضال المصري ضد الاحتلال والاستعمار، وليعايش بعدها مرارة “نكسة 1967م” وهو في الصف الثاني الإعدادي، وحرب الاستنزاف على طول شط القناة، نهاية بانتصار مصر المدوي في أكتوبر 1973م؛ الذي عاد معه الاستقرار لمدينة “بورسعيد” ومدن القناة، هذا النضال الذي عايشه مع أبناء مصر جميعًا وبالأخص أبناء مدينة “بورسعيد” ومدن القناه، هو الذي صهر شخصيته وكل الأجيال التي عاصرت هذه الأحداث في بوتقة الولاء والانتماء للأرض” ويعي المعنى الحقيقي للوطن، ما دفعه للانضمام للمقاومة الشعبية ومنظمة الشباب ليؤدي دوره الوطني عن قناعة وحب لمصر الغالية.
ويتذكر “الدقاق” دراسته في مدرسة النصر الابتدائية في بور فؤاد، التي تحمل اسمًا عظيما يعني “انتصار الوطن”، ثم التحاقه بمدرسة بور فؤاد الإعدادية لمدة عامين، ثم هجرته قسرًا مع الأسرة إلى مدينة رأس البر -التي لم تكن بعيدة كثيرًا عن بورسعيد- ليكمل تعليمه الإعدادي في مدرسة “رأس البر الإعدادية”، ثم مدرسة “بورسعيد الثانوية المشتركة” في رأس البر، وقد تعلّم في المدرسة: أن هذه المدينة باسلة وأن هذا الوطن غالٍ، ويستحق منا كل التضحية والفداء، وأن الوطن يحرره أبناؤه، وكيف تدرّب هو والتلاميذ على حمل السلاح للمشاركة في المقاومة الشعبية في سن مبكرة، و ودوره وأقرانه في مراقبة السواحل المصرية أمام مدينة رأس البر التي كانت معرضة لغزو جديد ومحطة لإنزال الأعداء لجنودهم وعتادهم، ليعي أهمية هذا الساحل الممتد الذي لم يتخطى كونه مجرد بحر ومياه زرقاء إلى كونه بوابة حقيقية لمصر وموقع استراتيجي هام.
ويتحدث “الدقاق” عن تأثير المناخ المتسع والمتعدد في مدينة “بورسعيد” بعد العودة، في تكوين عقليته المنفتحة على الآخر، حيث كانت مدينة “بورسعيد” ملأى بأبناء الجاليات المختلفة اليونانيين والأرمن وغيرهم، فضلًا عن هذا التنوع الآتي من البحر الذي جعل لديه قناعة بأنك لست وحيدًا في هذه الدنيا، حيث يعايش يوميًا في المدينة الباسلة المدخل الشمالي لقناة السويس عشرات السفن التي كانت تأتي بالآلاف من السياح من جنسيات وأقطار مختلفة متنوعي اللغات والألوان والأزياء والتقاليد، ما جعله يحاول تعلم اللغات ويحب القراءة وجمع المعلومات عن هذا العالم، مؤكدًا أهمية الإيمان بالتنوع والتعايش مع الآخر.
ويؤكد "الدقاق" أن هذه المؤثرات وهذا التكوين دفعه للبحث والقراءة في شتى صنوف المعرفة، وجعلته متعلق بالراديو الذي كان يلتقط -بطبيعة المدينة الساحلية- موجات إذاعة بيروت وصوت دمشق وكل الإذاعات لدول حوض البحر المتوسط، فضلًا عن الإذاعة المصرية التي كانت منارة للمعرفة، ثم تعلقه بالشاشة الصغيرة مع ظهور التليفزيون، وهي التي دفعته لاختيار دراسة التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ودور المؤرخ الكبير الدكتور محمد أنيس في حياته الذي قال له: "الصحفي لا بد أن يدرس التاريخ لأن قراءة التاريخ مفتاح لفهم السياسة"، وسر الحوار الصحفي الذي أجراه مع الدكتور أنيس، الذي كان سببا في قرار الكاتب الصحفيي مكرم محمد أحمد رئيس التحرير وقتها بتعيين “مجدي الدقاق”، كصحفي في مجلة “المصور” كبرى المجلات في “دار الهلال”، لتنطلق مسيرته الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة.