رغم انقطاع أنين آلاف الضحايا تحت أنقاض زلزال سوريا؛ لا يزال ملايين الناجون يئنون حتى اللحظة فوق حُطام منازلهم التي تحولت في بضع لحظات لقبور دفنت قاطنيها؛ وتبدلت الأوضاع المُستقرة نسبيًا ما بين القصف والتهجير واللجوء؛ لبحورٍ من المآسي لا تنضب، يغوص فيها الناجون من بين أهوال الصراع والزلزال؛ فمن نجا من تحت سقف منزل أورُكامٍ، بات اليوم في العراء وحيدًا يعيش آلام الفقد وغصة التشرد وعوز الحاجة.
وبعد مرور نحو 40 يومًا؛ على زلزال القهر في الشمال السوري والجنوب التركي؛ الذي شق الناجون منه في الصخر لإغاثة عوائلهم وذويهم بدعمٍ أممي وتكاتف دولي؛ يأملون في إعادة ما تبقى من ملامح الحياة مرة أخرى؛ بعد أن طمسها زلزال السادس من فبراير الماضي. كان لـ «البوابة» 3 مُقابلات مُسجلة عبر «الفيديو كول» الأول مع الدكتور مُهاب قدور مدير مستشفى عقربات في إدلب؛ والثاني مع مي الصايغ مسؤولة الإعلام والتواصل بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والثالث مع عمار عمار المتحدث الرسمي باسم منظمة اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ للاطلاع على آخر مستجدات الأوضاع في الشمال السوري والجُهود المبذولة لما بعد رفع حُطام الزلزال ولملمة جراح المُصابين.
مدير مستشفى عقربات فى إدلب: لا نعرف شيئا عن جراحات الأوعية الدموية
أكد الدكتور مهيب قدور مدير مستشفى عقربات في إدلب السورية؛ أن الوضع في شمال غرب سوريا شديد القسوة، إذ غابت الصدمة الألمية وظهرت الصدمة النفسية؛ لتلحق بعدد كبير من المرضى والناجون من الزلزال مُسببة اضطرابات نفسية شديدة؛ خاصة للعائلات التي فقدت ذويهم وأحبائهم.
وقال نعيش أيام صعاب للغاية فالزلزال ترك آثار مُدمرة ووفيات وجروح وبتور؛ ولكن بعد أيام ظهرت الجروح النفسية التي لا تُشفى نهائيًا؛ فنحو 4 ملايين سوري محشورين في الشمال الغربي السوري يعيشون مُهلكات حرب ضروس منذ 12 سنة؛ بعضهم غير مكان إقامته لأكثر من 10 مرات؛ ولكن حتى المسكن الذي يؤويهم انهدم فوق رءوسهم.
وأوضح الطبيب الذي رفض الهجرة مثل زملائه؛ الزلزال جلب أمراضًا جديدة؛ لعل أبرزها مُتلازمة الهرس والكوليرا والأمراض التنفسية والإسهالات المعوية القاسية؛ فرغم أن الكوليرا كانت مُتفشية قبل الزلزال ولكن عادت بقوة بعده؛ إذ وجدت بيئة خصبة للتفشي بسبب النزوح والخيام وسوء مياه الشرب والصرف الصحي؛ كما أن القُدرة الاستيعابية للمؤسسات الصحية مُتضائلة جدًا ؛ فعقب الزلزال كانت الأولوية للمُصابين والجرحى، وما كان هناك قُدرة على استقبال وعلاج مرضى الإسهالات والالتهابات الرئوية ومُصابي الجلطات؛ فكانت الأولوية لمصابي الزلزال على حساب المرضى الآخرين.
40 يومًا على زلزال سوريا.. لقاء البوابة بـ الدكتور مهيب قدور مدير مستشفى عقربات في إدلب السورية
وعن تزايد أعداد مُصابي الـ «كراش سندروم» أو ما يُعرف بـ «مُتلازمة الهرس»؛ أوضح «قدور» أن متلازمة الهرس لا تصيب الأطراف فقط كما هو متداول مؤخرًا فهناك «هرس الصدر وهرس البطن»؛ وذلك نتيجة تعرض الأنسجة الحية في جسم الإنسان لضغط من قبل وزن ثقيل؛ فيتسبب في تلف الأنسجة؛ خاصة وأن هذا الضغط يجعل الأنسجة مثل «العجين» فتختلط بالشحم والعضلات والعظام والشرايين؛ وهو ما يؤثر على التروية الدموية والعصبية بجسم الإنسان سواءً كانت العلوية أو السفلية؛ فبعد إزالة مؤثر الضغط بعد عدد ساعات طويلة وصلت في بعض الأوقات لأكثر من ٨٠ ساعة تحت الأنقاض ولاتعود الأنسجة كما كانت ولا يعود الدم كما كان سابقًا؛ خاصة بعد دخوله مرحلة الأذية الخلوية وتراخي العضلات؛ وهو ما تعرض له آلاف الأطفال والرجال والسيدات الناجون من تحت الأنقاض فبٌترت أطرافهم بينما فقد الكثير منهم حياته بسبب متلازمة الهرس.
وتابع الطبيب إذا كان الهرس في الأطراف فمن المُمكن اللجوء للبتر وإنقاذ حياته! أما إذا كان الهرس في الصدر أو البطن وحتى لو تم إنقاذ المُصاب؛ ولكن بسبب تراخي العضلات تُحرر كمية كبير من «ألياف الهيموجلوبين» وهو (بروتين غني بالحديد موجود في خلايا الدم الحمراء) يتسبب في «الرينال فيلر» الفشل الكلوي؛ ومن المؤكد فشل الغسيل الكلوي وفي النهاية بيتوفى المريض.
اقرأ أيضًا:
«عندما يكون للثواني ثمن».. مُسعفون ومُنقذون يروون لـ«البوابة نيوز» أهوال «زلزال القهر» في سوريا.. شاهد
وحول انهيار القطاع الصحي والطبي في الشمال الغربي السوري، أوضح مُدير مستشفى عقربات في إدلب، أنه رُبما جاء الزلزال ليُسلط الضوء مرة أخرى على ٤ مليون سوري محشورين في الشمال السوري بين مطرقة الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية وسندان الحرب؛ فالأصل في تكوين الدولة السورية؛ كان هُناك مركزية الخدمات بـ«دمشق وحلب»؛ وبعد الربيع العربي حولنا العديد من المُنشآت الخاصة والعامة لمشافي ميدانية؛ ولكن لايوجد لدينا منشآت طبية حقيقية في الشمال السوري بأكمله؛ حتى أن الحرب دمرت ٨٥ مشفى وأصبحنا مُتهالكين بشدة خاصة مع انشغال العالم بأزمات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والكساد الاقتصادي. موضحًا أنه بالرغم من تصدع جُدران القطاع الصحي سابقًا؛ ولكن جاء الزلزال ليُحطم القطاع الطبي بشكل كامل؛ فمستودات الأدوية كانت فارغة وكوادرنا الطبية مُخفضة لأقل من الثلث لعدم وجود التكلفة التشغيلية وأجهزتنا مُتهالكة للغاية، فيُمكننا القول: «بأن ٤ مليون مواطن يوجد يوجد لعلاجهم ٦٠٠ طبيب فقط».
4 ملايين سورى بين مطرقة الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية وسندان الحرب
وعن وصول المُساعدات الطبية والإنسانية للشمال السوري؛ قال: ما يصلنا ضئيل جدًا؛ «فحين تُقذف كُرة الثلج من مكان بعيد لايصل منها إلا القليل»؛ بالأمس القريب كان المدير العام لمُنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس في زيارة لسوريا، وكان طلبنا الوحيد هو أن تفتح وكالات الأمم المتحدة مكاتبٍ لها في شمال غرب سوريا أوبالقرب منها؛ لضمانة سلامة وصول الوفود الطبية، فنحن بحاجة حقيقية ومُلحة لأطقم طبية وتقنية تُدربنا على إجراء العمليات الجراحية: «هناك الكثيرون من الأطفال بُترت أطرافهم بسبب انعدام تخصص جراحات الأوعية الدموية، حتى وإن كانت هناك الأدوات فلانعرف كيفية إجراء عمليات جراحة الأوعية الدموية».
1748 إصابة بالكوليرا
المتحدث الإقليمى باسم اليونيسف: نزوح 500 ألف شخص بسبب الزلزال وتضرر 1800 مدرسة
شهدت المؤسسة الأممية اليونيسف، والتي تُكرس جُهودها بشكل كبير لدعم وخدمة الأطفال بشكل خاص في أكثر من ١٩٠ بلدًا وإقليمًا حول العالم؛ الأحداث في سوريا وكانت تعيش في قلبها مُنذ الساعات الأولى للزلزال الذي ضرب الشمال السوري والجنوب التركي؛ فكان لـ«البوابة» مُقابلة عبر «الفيديو كول» مع عمار عمار المتحدث الإقليمي باسم اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ والذي أكد أن أكثر من ٨٥٠ ألف طفل «سوري وتركي» ما زالوا نازحين؛ بعدما اضطروا إلى ترك منازلهم المتضررة أوالمدمرة على وقع الزلزال.
وأكد «عمار» أن أكثر من ٥٠٠ ألف شخص أجبروا على ترك منازلهم بسبب الدمار الهائل الذي لحق بآلاف المنازل بسبب الزلزال؛ وأجبرت الظُروق القاسية نصف مليون مواطن سوري على اللجوء للمدارس والجوامع وملاجئ الإيواء بعد أن دُمرت منازهم؛ وهو الأمر الذي جعل هؤلاء الآلاف في حاجة مُلحة للمُساعدات الإنسانية في الصحة والتعليم والمأكل والمشرب. مُشيرًا إلى أن عدد الأطفال المُتضررين في سوريا وحدها بلغ نحو ٣ ملايين طفل؛ وبالأصل قبل الزلزلال فكان «ثُلُثي الشعب» من بينهم ٧ ملايين طفل بحاجة للمُساعدات الإنسانية العاجلة بسبب الحرب؛ ولكن بحلول الزلزال زادت الحاجة الأساسية لهؤلاء الملايين والتي بالأساس لم تكن موجودة أوغير مُلباة بشكل كامل.
وحول جهود اليونيسيف لدعم المتضررين من الزلزال منذ اللحظات الأولى؛ قال «عمار»: إن مخازن اليونيسف كانت مُعبئة بمواد النظافة والعناية الشخصية؛ فحولت المُنظمة كل هذه المواد للاستجابة العاجلة والفورية للحد من انتشار الأمراض؛ بالإضافة إلى نقل المياه الصالحة للشرب للعوائل المُتواجدة بالمناطق المُتضررة؛ مُشيرًا إلى أن مواد المساعدات التي كانت بالمخازن اليونيسف كان أغلبها تهم الأشخاص الذين يُعانون من أوضاع إنسانية بسبب النزاع المُمتد منذ ١٢ عامًا لما قبل الزلزال؛ ولكن الكم الهائل للاحتياجات الإنسانية عقب الزلزال كانت هائلة؛ ولم تكفي تلك المساعدات ما دفع اليونيسيف لتسيير رحلات جوية عاجلة وشاحنات مُساعدات من مخازنها حول العالم باتجاه سوريا لتُنعش المخازن مرة أخرى وتُقدم المُساعدات للنازحين والمتضررين من الزلزال.
40 يومًا على زلزال سوريا.. لقاء البوابة بـ عمار عمار المتحدث الإقليمي باسم اليونيسف
وأفاد المُتحدث الإقليمي باسم اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن أول الإعلان عن المُصابين بالكوليرا في سوريا كان في الـ ١٠ من سبتمبر ٢٠٢٢؛ ويُمكننا القول بأن أكثر من ٥٠ ألف حالة تم الإبلاغ عنها وتحديدًا في إدلب وحلب؛ بينهم ١٨٪ من النازحين؛ ولكن بعد أيام من الزلزال واستكمال الفحوصات الخاصة بالكوليرا سُجل نحو ١٧٤٨ حالة مُصابة بالكوليرا أُبلغ عنهم في الأسبوع الثاني من مارس ٢٠٢٣؛ ما يُشير للانتقال السريع للكوليرا خاصة في الأماكن المُكتظة بالسكان؛ ويُؤكد ضرورة التلقيح بالتوازي مع إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي والبنية التحتية.
وعن إجراءات التلقيح ضد الكوليرا التي اتخذتها اليونيسيف؛ أوضح «عمار» أنه بعد الزلزال وزيادة خطورة انتشار الأمراض في الشمال السوري بدأ اليونيسيف بالتعاون مع الأمم المُتحدة؛ في حملة تطعيم شاملة لأكثر من ١.٧ مليون جرعة؛ للأطفال الذين يزيد عمرهم عن سنة ولعوائلهم؛ للحد من انتشار الكوليرا؛ مؤكدًا أنه في ظل احتياج الملايين للمُساعدات فنحن أمام تهديد صريح لإصابة الملايين بالأمراض الوبائية؛ ما يُعيق حركة النظام الصحي الذي يُعاني في الأساس فنهيار حال انتشار هذا الوباء.
وأكد أن ١.٧ مليون جرعة تلقيح ضد الكوليرا مُهمة جدًا للغاية؛ خاصة إذا حدث انتشار للوباء فيكون تم حماية العديد من الأشخاص؛ ولكن لابد أن يُوازي التلقيح والمساعدات مُعالجة جزور أزمة بتوفير مياه صالحة للشرب وإعادة إنشاء وتشغيل شبكات الصرف الصحي ومحطات نتقية ومعالجة المياه؛ وهذا ما تقوم به اليونيسف مع الشركاء المحليين في الوقت الراهن بتقييم الأضرار الموجودة على أرض الواقع والانتهاء منها في أسرع وقت ممكن.
لم يقتصر الدمار الذي أعقب الزلزال على المنازل وتشرد العوائل والمخاوف الصحية من انتشار الأوبئة؛ بل طال المدار الأبنية التعليمية وهو ما سينعكس على الطلاب والتلاميذ؛ قد تضرر نحو ١٨٠٠ مدرسة بشكل كامل وجزئي؛ بينما تحول العديد منهم لملاجئ للناجين من الزلزال؛ وبدورها تعمل اليونيسف على خلق مُساعدات تعليمية مُؤقتة في الوقت الراهن لإعادة الأطفال مرة أخرى للتعليم والإحساس بنوع من الأمان؛ إضافة إلى ترميم المدارس التي لحقت بها أضرار خفيفة والتي ممكن أن تستأنف بها الدراسة في المستقبل القريب. حسبما ذكر «عمار» في حديثه مع «البوابة».
وحول الأولويات للمنظمة في الشمال السوري، أفاد مُتحدث اليونيسيف، بأن هناك أولويات كُثر وكبيرة؛ من بينها الدعم النفسي والذي لا يقل أهمية عن الدعم الإنساني؛ فنحو ٦٠٠ ألف طفل مُتأثرين من أهوال الزلزال وبحاجة للدعم عبر جلسات الفرق الميدانية وتوفير حزم تعليمية وترفيهية؛ بالإضافة إلى تغذية الأطفال والنساء خاصة الحوامل لعدم تدهور حالتهم الصحية.
وبعد ١٢ سنة من الصراع المُسلح وأكثر من ٤٠ يومًا عن الزلزال، أبدى مُتحدث اليونيسف مخاوفه من نقص التمويل المادي للمنظمة، فقبل زلزال الـ ٦ من فبراير كانت المُنظمة تواجه نقص كبير في التمويل وصل لـ ٨٠٪ من احتياج اليونيسيف للاستجابة الإنسانية للعائلات والأطفال؛ وكان أكثر من «ثُلثي الشعب السوري»، بحاجة للمساعدة منهم ٧ مليون طفل؛ وجاء الزلزال ليُضاعف الأرقام التي خلفها النزاع منذ ١٢ سنة؛ ما دفع اليونيسف لإطلاق نداءات عاجلة لدعم الجهود لتحقيق الاستجابات السريعة للعوائل والأطفال؛ ولكن للأسف لم يكن هناك استجابة لهذه النداءات المالية حتى الآن؛ ورغم ذلك أكد استمرار تواجد اليونيسف على الأرض والاستمرار في عملهم الإنساني بالإمكانيات المُتاحة.
نخشى تراجع الدعم
مسئولة الإعلام بجمعيات الصليب والهلال الأحمر: المساعدات الإنسانية أقل من حجم الكارثة والناجون يبحثون عن الحد الأدنى من الحياة
قالت مي الصايغ؛ مسئولة الإعلام والتواصل في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه منذ الساعات الأولى لزلزال سوريا وتركيا أطلقنا نداءً عاجلًا وطارئًا بقيمة ٦٥٠ مليون فرنك سويسري؛ ٢٠٠ مليون لدعم سوريا و٤٥٠ مليون لتركيا؛ بالإضافة إلى البدء في استقبال التبرعات والدعم من المانحين لمُساعدة شريكنا الهلال الأحمر العربي السوري في تأمين الاستجابة الفعالة والرد على الحاجة المتزايدة لمتضرري الزلزال؛ وذلك إلى جانب التنسيق مع ٩٢ جميعة للهلال والصليب الأحمر حول العالم لدعم المتضررين من الزلزال في سوريا.
وأوضحت «الصايغ» أنه كانت هناك مُساعدات من جمعيات الصليب والهلال الأحمر في بريطانيا والدنمارك والكويت ومصر والعراق؛ كما أرسل الصليب الأحمر اللبناني بفرق من البحث والإنقاذ؛ فكل هذه الجمعيات اجتمعت في استجابة عاجلة للرد على تداعيات الزلزال.
وحول تلبية المُساعدات الجاحة الإنسانية على أرض الواقع؛ أكدت «الصايغ» أن المُساعدات كانت مُهمة للغاية؛ ولكن لم تكن كافية بما يُناسب حجم الكارثة؛ خاصة وأن سوريا مرت بـ ١٢ سنة مُتواصلة من النزاع المُسلح وهو ما حول ٧٠٪ من الشعب السوري للحاجة المُلحة من المُساعدات الإنسانية والغذائية قبل الزلزال.. فما بالك بكم الاحتياج للمساعدات بعد الزلزال؟ مؤكدة أن آلاف الناجون من الزلزال فقدوا الغالي والنفيس؛ وهو الأمر الذي زاد حاجتهم للمساعدات، ليس فقط للمأوى والمأكل والمشرب والخدمات الطبية والصرف الصحي؛ ولكن بحاجة كبيرة للدعم النفسي والاجتماعي؛ خاصة بعدما شهدته سوريا خلال الـ ١٢ سنة الماضية؛ فبات الوضع النفسي للمتضريين على المحك؛ وخسارة الملايين قدرتهم على الصمود وتحمل الأعباء والمآسي التي لا تتوقف.
وعن أبرز المخاطر التي تواجه سكان الشمال السوري؛ قالت: بعد أن ترك الآلاف منهم منازلهم ونزحوا للملاجئ والخيام ومراكز المُهجرين على وقع الزلزال؛ هناك تضرر كبير في البنية التحتية الموجودة والتي كانت ضعيفة في الأساس؛ وتدني مستوى النظافة في الملاجئ والخيام؛ إلى جانب ارتفاع الكثافة السُكانية إذ يتشارك عدد من العائلات البيت أوالملجأ أوالخيمة؛ وهو الأمر يُزيد من الضغط الصحي على خدمات الصرف الصحي والمياه والتي هي بالأصل غير سليمة؛ ما يجعل هذه الأوضاع بيئة خصبة لتفشي وانتشار الأمراض.
40 يومًا على زلزال سوريا.. لقاء البوابة مع مي الصايغ مسؤولة الإعلام والتواصل لجمعيات الصليب والهلال الأحمر
دمار المنازل والبنية التحتية وتحول المدارس لملاجئ أدى لزيادة انتشار الأوبئة والأمراض
وتابعت «الصايغ» أنه حتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة بشأن أعداد المُصابيين بالكوليرا في سوريا؛ ولكن قبل كارثة الزلزال شهدت سوريا تفشي كبير للكوليرا بالخريف الماضي؛ وبدوره أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر؛ نداءات لمُحاصرة الوباء؛ وهو الأمر الذي انعكس على مزيدٍ من جلسات التوعية بمخاطر الكوليرا على أرض الواقع؛ ولكن بعد الزلزال زادت الضغوط بشأن عودة تفشي الكوليرا؛ خاصة مع تعذر وصول المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي بطريقة سليمة؛ وهو الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بشأن زيادة المخاطر الصحية والطبية بشكل عام وليس بشأن الكوليرا فقط. ما دفع الاتحاد الدولي لمواصلة جهوده ليس فقط بشأن الاحتياجات الأساسية؛ ولكن بشأن الاستثمار في البنية التحتية ومُساعدة الشعب السوري في حماية أنفسهم من الإصابة بالأمراض والأوبئة؛ مشيرة إلى أن هُناك قدرة على تأمين وجود المياه؛ ولكن إذا كانت طُرق نقل المياه ليست سليمة ولا تخضع للأمان فأنت بذلك تعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض؛ مؤكدة أنه في حال الاستجابة يُمكن مُساعدة هذه المجتمعات على المدى الطويل لحماية أنفسهم صحيًا واستكمال صُمودهم لمواجهة هذه الكوارث.
وعن الخطة التشغيلية لـ جمعيات الصليب والهلال الأحمر في سوريا، بشأن التطعيمات ضد الأمراض والأوبئة وخاصة الكوليرا وكوفيد ١٩ في سوريا بالوقت الحالي؛ أكدت «الصايغ» وجود حملات تطعيمية ضد هذه الأمراض قبل وقوع الزلزال؛ ولكن بعد الزلزال يتطلب الأمر لتقييم الهلال الأحمر السوري ووزارة الصحة السورية؛ لوضع خُطة مُواجهة الأمراض؛ مُشيرة إلى أن أكبر الأزمات ليست توفير اللقاحات ولكن الأمر يتطلب تأمين الخدمات الأساسية لمياه الشرب والصرف الصحي؛ وخلق بيئة آمنة للناس.
العقوبات المفروضة على سوريا قللت سرعة وصول المُساعدات
وعن المُعوقات التي واجهت عمل جمعيات الهلال والصليب الأحمر في خضم سير العقوبات على سوريا؛ أكدت «الصايغ» أن العقوبات المفروضة على سوريا ألقت بظلالها على العمل الإنساني؛ ولكن العمل الإنساني كانت مُستثناه من هذه العقوبات؛ إلا أنها كانت تُؤخر سرعة وتيرة وصول المُساعدات خاصة وأن بنود عدد من العقوبات كانت غير واضحة؛ فكان لعدد من الدول تخوفات بشأن المشاركة في إرسال المُساعدات بأنواعها المختلفة؛ وهو ما أثر سلبًا بطريقة غير مباشرة على سُرعة سير العمليات الإنسانية؛ في ظل قلة توافر المُعدات اللازمة؛ مما أدى لارتفاع أعداد الخسائر في الأرواح.