ارتبط هانى عزيز مؤسس ورئيس جمعية محبى مصر السلام بعلاقة وثيقة ووطيدة بالبابا شنودة الثالث على مدار حياته، حيث بدأت هذه العلاقة منذ أن كان البابا راهبا بالدير واستمرت حتى نياحته. وأصبح عزيز واحدا من المقربين من قداسة البابا شاهدا عيانا على العديد من المواقف المهمة فى مسيرة البابا، حتى أنه كان يرافقه فى العديد من الأحداث والمقابلات الشخصية.
عن رحلته مع قداسة البابا أكد عزيز أنه يعتبر البابا واحدا من أعظم رجال القرن الماضى فى الفكر والإدارة والسياسة والكتابة والحكمة والمودة والرحمة. كما روى عزيز قصة إقامة زفاف ابنته دينا بالكاتدرائية، وإصرار البابا على ذلك، ومواقف عديدة مع الشيخ طنطاوى والشيخ الشعراوى المستشار مقبل شاكر، وحكى عن علاقاته مع الرؤساء والملوك العرب، وكشف العديد من الأسرار المهمة فى حياة البابا ومنها أنه كان يصوم طوال أيام السنة ويفطر فقط فى ليالى الأعياد. عن هذه الرحلة الثرية المليئة بالحكايات تحدث هانى عزيز مؤسس ورئيس جمعية محبى مصر السلام لـ«البوابة نيوز» فجاء هذا الحوار.
■ منذ متى بدأت علاقتك الوثيقة بالبابا شنودة الثالث؟
- يقف التاريخ طويلا أمام بعض الشخصيات التى أثرت فى أجيال عديدة خلال وجودها فى الحياة وبعد موتها، ومن هذه الشخصيات قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الـ ١١٧، الشخصية التى لقبت بالعديد من الألقاب منها بابا العرب ومعلم الأجيال والأسد المرقسى والفم الذهب وأثناسيوس القرن العشرين،وغيرها من الألقاب التى تؤكد على عظمة وقيمة ومكانة هذه الشخصية، حيث يعتبر قداسته واحدًا من أعظم رجال القرن الماضى فى الفكر والإدارة والسياسة والكتابة والحكمة والمودة والرحمة والوطنية.
حيث بدأت العلاقة مع البابا شنودة منذ أن كان قداسته راهبا بالدير ثم تمت سيامته قسا ثم عمل سكرتيرا للبابا كيرلس السادس وطوال هذه الفترة تولدت علاقة طيبة ازدادت فيه المحبة.
■ بالتأكيد هناك مواقف شخصية عديدة مع قداسة البابا..نود معرفة البعض منها؟
- أهم موقف شخصى مع قداسة البابا هو فرح ابنتى دينا وزوجها بيشوى الذى قرر قداسته إقامته بالكاتدرائية، وهذا الفرح الأوحد، وكان موقف قداسة البابا المعلن فى هذا التوقيت أن عدد حضور المدعوين لا توجد كنيسة تستوعبه وكذا المسئولين الذين حضروا ١٦ وزيرا ولفيف من السادة المسئولين.
■ ترى من كانوا أقرب الشخصيات من قداسة البابا؟
- رجال الكنيسة والمصريون جميعا.
■ ما الأشياء التى كانت تدخل البهجة والسعادة فى حياته؟
- الأخبار المفرحة لمصر وشعبها.
■ وما الأشياء التى كانت تحزنه كثيرا؟
- الأحداث التى كانت بها ضحايا من المصريين والأحداث المؤلمة.
■ لو تحدثت عن دوره الوطنى ماذا تقول ؟
- مصر كانت فى دم قداسة البابا وكان يشارك بالرأى فى كل المواضيع المهمة وأيضا الصلاة من أجل مصر وهو صاحب المقولة (مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا)
■ كيف تصف علاقته بشيخ الجامع الأزهر د. محمد سيد طنطاوي؟
- كانت هناك علاقة محبة واحترام كما وصفها الشيخ سيد طنطاوى رحمه الله بالإنسانية غير الرسمية، وأيضا وصفها البابا شنودة بالمودة وتبادل الآراء وما يؤكد على قوة العلاقة والصداقةبين الإمام الاكبر الراحل الدكتور سيد طنطاوى والبابا شنودة، وأن قداسة البابا شنودة الثالث عقد مؤتمرا صحفيا فى حضور كل من الأنبا أرميا والأنبا بطرس والأنبا يؤانس سكرتارية البابا، والأنبا موسى أسقف الشباب والأنبا بسنتى أسقف المعصرة، وفى حضورى نعى فيه البابا فضيلة الإمام الراحل شيخ الأزهر، وقال: حزنت حزنًا تملك كل كيانى حينما فوجئت بسماع خبر وفاة صاحب الفضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهر، إنها خسارة كبيرة لا تعوض، فقد كان رحمه الله مجموعة من الفضائل،وكانت له فى قلبى محبة عميقة، وكنت أعتبره أخًا لى وصديقا، وكنا نتفق معًا فى كثير من الآراء والمواقف، ولا أجد عزاءً فى فِراقه .
■ وكيف تصف علاقته بالشيخ الشعراوي؟
- كانت هناك علاقة وطيدة جمعت بين الشيخ محمد متولى الشعراوى والبابا شنودة إذ اتسمت بالأخوة والمحبة وأنا كنت شاهدا على علاقة قداسته بفضيلة الإمام حيث بدأت عندما مرض الشيخ الشعراوى ودخل أحد مستشفيات إنجلترا حيث اتصل بى فضيلة الدكتور الوزير محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف وأبلغنى أن فضيلته راجع من رحلة علاج من لندن ويرغب أن يقابل قداسة البابا فور وصوله وألح الوزير فى إبلاغى قداسة البابا واتصل بى الدكتور حسن راتب ليؤكد أن أبلغ قداسة البابا فتوجهت لقداسته وأبلغته فقال لى على الرحب والسعة وشاور على عمة الرأس ثلاث مرات وقال لى لم تصل سيارة فضيلته على الباب الأول أبلغ قداسته ولما وصلت سيارة فضيلته أبلغت قداسته فتوجه قداسته إلى فناء الكاتدرائية لاستقبال فضيلته وصعدا السلالم سويًا يدًا بيد وهى المرة الأولى والأخيرة فى استقبال أى مسئول وعند وصول فضيلته إلى الصالون وقبل أن يجلس قال لقداسته أولادك فى لندن توق عنقى ولا أجد ما أقدمه لقداستك إلا عباءتى وخلع فضيلته العباءة وألبسها لقداسة البابا فى موقف كله محبة وعلمت أن السبب أن قداسة البابا علم بوجود فضيلته فى مستشفى بلندن فأرسل إليه وفدا من الآباء والأساقفة للاطمئنان على صحته وقدموا له باقة من الورود والشيكولاتهوأوصى كاهن الكنيسة والأطباء من أولاده أن يقوموا بخدمة فضيلته طوال فترة علاجه حتى يغادر المستشفى، ومن هنا بدأت العلاقة بين الشيخ والبابا شنودة والتى حفلت بالكثير من المواقف الإنسانيةالتى رواها الاثنان.
■ من الشخص الذى تعتبره كاتم أسرار قداسة البابا وصديقه المقرب الذى كان يتحدث معه دائما؟
- كل من عرف البابا كان صديقا ولا توجد أسرار لرأس الكنيسة البابا شنودة.
■ علاقته فى الدول العربية كانت وطيدة للغاية حتى أنه لقب ببابا العرب.. كيف ترى هذا اللقب؟
- لم يكن تأثير البابا شنودة من الناحية الدينية فقط بل امتد إلى السياسة،وأطلق عليه لقب (بابا العرب) بسبب مواقفه الوطنية على المستويين المحلى والعربى وأبرزها زيارته لجبهة القتال قبل حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث زار الجبهة مرتين حرص خلالهما وكان يصر على تناول الطعام مع الجنود على الجبهة وتوفير الأدوية والمساعدات الإنسانية للجنود، بالإضافةإلى رفضه لاتفاقية كامب ديفيد والتطبيع مع إسرائيل ودعمه للرئيس الراحل ياسر عرفات.
وكان البابا شنودة أحد أهم القامات الروحية العالمية التى شهد لها ملوك، وأمراء، ورؤساء العالم ولأن معظم المسئولين العرب كانوا يسعون لمقابلة قداسة البابا لأخذ البركة وأحيانا المشورة.
ومَنْ مِنْ الأمراء الرؤساء العرب كان قريبا منه ؟
- معظمهم والرئيس ياسر عرفات كان كثير الحضور لأخذ مشورة قداسته.
■ احكِ لنا عن يوم فى حياة البابا منذ أن يستيقظ حتى نومه ؟
- البابا كان يستيقظ مبكرًا جدًا وساعات النوم كانت قليلة جدًا وكان أهم شيء هو القراءة والكتابة والمقالات المهمة ومقابلة المترددين على المقر البابوى من العامة المتواجدين بفناء المقر.
■ منذ أيام قليلة رحل الطباخ الخاص بقداسة البابا شنودة الثالث هل تتذكر هذا الرجل، وبمناسبة الصوم الكبير أى أكلات الصيام كان يحبها البابا؟
- البابا كان ليس له مطالب قضى طول حياته فى البطريركيةصائمًا، وكان يفطر فى ليالى الأعياد فقط، واليوم التالى يعود للصوم النباتى،وكان يفطر على خبز وملح فقط فى أغلب الأوقات
■ هل كان يتابع بعض الفنون؟
- من أهم الفنون التى كان يتابعها البابا الشعر والثقافة العامة وكان يجيد كتابة الشعر وله مؤلفات عديدة.
■ إفطار الوحدة الوطنية فى رمضان كيف جاءت هذه الفكرة وكيف كان يراها؟
- أذكر أن إفطار الوحدة الوطنية كان من فكرة قداسة البابا ولم يستجب لها فضيلة الإمام ووصل الأمر لسيادة الرئيس الذى طلب من قداسته الاتصال مرة أخرى بفضيلة الإمام وفعلا بدأت حفلات الإفطار بالمقر البابوي.
وأذكر أيضا أن قداسة البابا وافق على حضور إفطار جمعية محبى مصر السلام الذى أشرف بتأسيسهاورئاستها عام ٢٠١٠ بأحد الفنادق بحضور لفيف من الوزراء ومحافظ القاهرة والكثير من مؤسسات المجتمع المدنى والشخصيات العامة.
■ وكيف تصف علاقته بالصحفيين ؟
- البابا كان عضوا بنقابة الصحفيين منذ عام ١٩٦٦ حيث كان رئيس تحرير مجلة الكرازة وله العديد من المقالات وأذكر لقاء بالنقابة فى إحدى المناسبات وكان لقاء تاريخيا.
كان سريع البديهة وذا حس كوميدى عالٍ، احكِ لنا بعض المواقف التى لا تنساها فى هذا الأمر؟
- هو فعلًا سريع البديهة وبشكل لافت للغاية وأذكر أن حضر لزيارة قداسته المستشار مقبل شاكر رئيس نادى قضاة مصر بعد عودة قداسة البابا من رحلة علاج فحاول سيادة المستشار مسرعًا أن يبادر بالسلام على قداسته فأسرع ليسلم عليه فتعثرت قدماه.. وفى أقل من الثانية، تقدم نحوه قداسة البابا وقال بسرعة: "أنت مقبل وأنا شاكر".