على مدار 12 عامًا متواصلة؛ عاشت سوريا أحداثًا جسامًا؛ فبين سنوات النزاع ومُرورًا بجائحة كورونا جاء زلزال السادس من فبراير الماضي؛ ليُزيد مُعاناة وأوجاع السوريين فوق أوجاعهم المُستمرة منذ سنوات؛ مُخلفًا آلاف الضحايا والمُصابين والمتضررين؛ في ظل تشريد آلاف العائلات وتدمير البنية التحتية وتزايد الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية وسط مخاوف من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية للملايين؛ فكان لـ «البوابة» مُقابلة عبر «الفيديو كول» مع عمار عمار المتحدث الإقليمي باسم اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ بعد مرور نحو 40 يومًا على «زلزال القهر» للوقوف على آخر الأوضاع التي تشهدها المناطق المُتضررة من الزلزال الكبير؛ مؤكدًا أن أكثر من 850 ألف طفل «سوري وتركي» ما زالوا نازحين؛ بعدما اضطروا إلى ترك منازلهم المتضررة أوالمدمرة على وقع الزلزال.
40 يومًا على زلزال سوريا.. لقاء البوابة بـ عمار عمار المتحدث الإقليمي باسم اليونيسف
وأكد «عمار» أن أكثر من 500 ألف شخص أجبروا على ترك منازلهم بسبب الدمار الهائل الذي لحق بآلاف المنازل بسبب الزلزال؛ وأجبرت الظُروق القاسية نصف مليون مواطن سوري على اللجوء للمدارس والجوامع وملاجئ الإيواء بعد أن دُمرت منازهم؛ وهو الأمر الذي جعل هؤلاء الآلاف في حاجة مُلحة للمُساعدات الإنسانية في الصحة والتعليم والمأكل والمشرب. مُشيرًا إلى أن عدد الأطفال المُتضررين في سوريا وحدها بلغ نحو 3 ملايين طفل؛ وبالأصل قبل الزلزلال فكان «ثُلُثي الشعب» من بينهم ٧ ملايين طفل بحاجة للمُساعدات الإنسانية العاجلة بسبب الحرب؛ ولكن بحلول الزلزال زادت الحاجة الأساسية لهؤلاء الملايين والتي بالأساس لم تكن موجودة أوغير مُلباة بشكل كامل.
دموع على أطلال الزلزال
وحول جهود اليونيسيف لدعم المتضررين من الزلزال منذ اللحظات الأولى؛ قال «عمار»: إن مخازن اليونيسف كانت مُعبئة بمواد النظافة والعناية الشخصية؛ فحولت المُنظمة كل هذه المواد للاستجابة العاجلة والفورية للحد من انتشار الأمراض؛ بالإضافة إلى نقل المياه الصالحة للشرب للعوائل المُتواجدة بالمناطق المُتضررة؛ مُشيرًا إلى أن مواد المساعدات التي كانت بالمخازن اليونيسف كان أغلبها تهم الأشخاص الذين يُعانون من أوضاع إنسانية بسبب النزاع المُمتد منذ12 عامًا لما قبل الزلزال؛ ولكن الكم الهائل للاحتياجات الإنسانية عقب الزلزال كانت هائلة؛ ولم تكفي تلك المساعدات ما دفع اليونيسيف لتسيير رحلات جوية عاجلة وشاحنات مُساعدات من مخازنها حول العالم باتجاه سوريا لتُنعش المخازن مرة أخرى وتُقدم المُساعدات للنازحين والمتضررين من الزلزال.
1748 حالة مُصابة بالكوليرا أُبلغ عنهم في الأسبوع الثاني من مارس 2023
وأفاد المُتحدث الإقليمي باسم اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن أول الإعلان عن المُصابين بالكوليرا في سوريا كان في الـ 10 من سبتمبر ٢٠٢٢؛ ويُمكننا القول بأن أكثر من ٥٠ ألف حالة تم الإبلاغ عنها وتحديدًا في إدلب وحلب؛ بينهم 18٪ من النازحين؛ ولكن بعد أيام من الزلزال واستكمال الفحوصات الخاصة بالكوليرا سُجل نحو 1748 حالة مُصابة بالكوليرا أُبلغ عنهم في الأسبوع الثاني من مارس ٢٠٢٣؛ ما يُشير للانتقال السريع للكوليرا خاصة في الأماكن المُكتظة بالسكان؛ ويُؤكد ضرورة التلقيح بالتوازي مع إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي والبنية التحتية.
وعن إجراءات التلقيح ضد الكوليرا التي اتخذتها اليونيسيف؛ أوضح «عمار» أنه بعد الزلزال وزيادة خطورة انتشار الأمراض في الشمال السوري بدأ اليونيسيف بالتعاون مع الأمم المُتحدة؛ في حملة تطعيم شاملة لأكثر من 1.7 مليون جرعة؛ للأطفال الذين يزيد عمرهم عن سنة ولعوائلهم؛ للحد من انتشار الكوليرا؛ مؤكدًا أنه في ظل احتياج الملايين للمُساعدات فنحن أمام تهديد صريح لإصابة الملايين بالأمراض الوبائية؛ ما يُعيق حركة النظام الصحي الذي يُعاني في الأساس فنهيار حال انتشار هذا الوباء.
1.7 مليون جرعة تلقيح ضد الكوليرا
وأكد أن 1.7 مليون جرعة تلقيح ضد الكوليرا مُهمة جدًا للغاية؛ خاصة إذا حدث انتشار للوباء فيكون تم حماية العديد من الأشخاص؛ ولكن لابد أن يُوازي التلقيح والمساعدات مُعالجة جزور أزمة بتوفير مياه صالحة للشرب وإعادة إنشاء وتشغيل شبكات الصرف الصحي ومحطات نتقية ومعالجة المياه؛ وهذا ما تقوم به اليونيسف مع الشركاء المحليين في الوقت الراهن بتقييم الأضرار الموجودة على أرض الواقع والانتهاء منها في أسرع وقت ممكن.
تضرر نحو 1800 مدرسة بشكل كامل وجزئي
لم يقتصر الدمار الذي أعقب الزلزال على المنازل وتشرد العوائل والمخاوف الصحية من انتشار الأوبئة؛ بل طال المدار الأبنية التعليمية وهو ما سينعكس على الطلاب والتلاميذ؛ قد تضرر نحو 1800 مدرسة بشكل كامل وجزئي؛ بينما تحول العديد منهم لملاجئ للناجين من الزلزال؛ وبدورها تعمل اليونيسف على خلق مُساعدات تعليمية مُؤقتة في الوقت الراهن لإعادة الأطفال مرة أخرى للتعليم والإحساس بنوع من الأمان؛ إضافة إلى ترميم المدارس التي لحقت بها أضرار خفيفة والتي ممكن أن تستأنف بها الدراسة في المستقبل القريب. حسبما ذكر «عمار» في حديثه مع «البوابة».
وحول الأولويات للمنظمة في الشمال السوري، أفاد مُتحدث اليونيسيف، بأن هناك أولويات كُثر وكبيرة؛ من بينها الدعم النفسي والذي لا يقل أهمية عن الدعم الإنساني؛ فنحو 600 ألف طفل مُتأثرين من أهوال الزلزال وبحاجة للدعم عبر جلسات الفرق الميدانية وتوفير حزم تعليمية وترفيهية؛ بالإضافة إلى تغذية الأطفال والنساء خاصة الحوامل لعدم تدهور حالتهم الصحية.
مخاوف من نقص التمويل.. وقبل الزلزال المُنظمة كانت تواجه 80% من نقص في التمويل
وبعد 12 سنة من الصراع المُسلح و40 يومًا عن الزلزال، أبدى مُتحدث اليونيسف مخاوفه من نقص التمويل المادي للمنظمة، فقبل زلزال الـ 6 من فبراير كانت المُنظمة تواجه نقص كبير في التمويل وصل لـ 80٪ من احتياج اليونيسف للاستجابة الإنسانية للعائلات والأطفال؛ وكان أكثر من «ثُلثي الشعب السوري»، بحاجة للمساعدة منهم 7 مليون طفل؛ وجاء الزلزال ليُضاعف الأرقام التي خلفها النزاع منذ ١٢ سنة؛ ما دفع اليونيسف لإطلاق نداءات عاجلة لدعم الجهود لتحقيق الاستجابات السريعة للعوائل والأطفال؛ ولكن للأسف لم يكن هناك استجابة لهذه النداءات المالية حتى الآن؛ ورغم ذلك أكد استمرار تواجد اليونيسف على الأرض والاستمرار في عملهم الإنساني بالإمكانيات المُتاحة.