مع تأزم الموقف في منطقة الشرق الأوسط، وعدم قدرة إيران على حسم النزاع الدائر في اليمن، عن طريق ذراعها الإرهابية المتمثلة في جماعة الحوثي، وأيضًا مع الحديث عن ضرورة أن يتراجع نفوذ نظام الملالي في كل من سوريا والعراق، لم يبق لطهران إلا حزب الله كذراع ممتدة في عدد من مناطق العالم، للإبقاء على حلمها في إنشاء إمبراطورية تشبه جهاز الحرس الثوري التابع لها على الأراضي الإيرانية.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، ولا يتوقف نظام الملالي عن دعم النشاط الإرهابي في أمريكا اللاتينية، وبخاصة البرازيل والأرجنتين، حتى أن الأخيرة وجهت اتهاما رسميا إلى طهران بالضلوع في هجوم إرهابي وقع ضد الجالية اليهودية في بيونس أيرس عام ١٩٩٤.
وأعلن مكتب المدعي العام الأرجنتيني أنه توصل إلى مسئولية إيران عن الهجوم الإرهابي، وأصدر القضاء الأرجنتيني أوامر اعتقال بحق سبعة من القادة الإيرانيين الكبار، بينهم قيادة بارزة في حزب الله.
وبينما اتخذت الأرجنتين هذه الإجراءات عام ٢٠٠٦، رفض الإنتربول طلبا إيرانيا بمنع إصدار مذكرات توقيف دولية ضد خمسة من القادة الإيرانيين الكبار، والقيادي في حزب الله، وأصدر البوليس الدولي نشرته الحمراء ضدهم بالفعل في ٢٠٠٧، لتورطهم في قصف مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين «AMIA»، بالعاصمة بوينس آيرس.
ومع بداية العام ٢٠٠٩، رصدت الأجهزة الأمنية الأرجنتينية، تحركات إيرانية لتكثيف وجود عناصر تابعة لحزب الله، في المجالين السياسي والاقتصادي بأمريكا اللاتينية.
ووفقًا للتقارير الاستخباراتية الأمريكية، فإن إيران تسعى إلى تصدير فكر الثورة الإيرانية، باستخدام حزب الله، الذي عمل على تأسيس شبكات مخابراتية وإرهابية وجريمة منظمة، يمكن استغلالها ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وقادها أحمد وحيدي، القيادي المطلوب من الإنتربول، باعتباره منفذ الهجوم الإرهابي في بوينس آيرس عام ١٩٩٤، والذي أختير وزيرًا للدفاع في حكومة أحمدي نجاد.
وجه خطير للتطرف الديني
ويرى الدكتور عمرو عبدالمنعم، الخبير في شئون الجماعات المتطرفة، أن إيران تُعد وجهًا خطيرًا من وجوه التطرف الديني في العالم، مشيرًا إلى أنها من أهم عناصر تنامي نشاط الجماعات المتطرفة في منطقة أمريكا اللاتينية.
وأرجع «عبدالمنعم» قدرة إيران على التوغل في تلك المنطقة من العالم إلى ضعف القوانين التي تكافح الجرائم التي تعتمد عليها لإيران لبناء وجودها الاقتصادي والسياسي، مثل: شبكات الاتجار في الممنوعات، وبخاصة شبكات تهريب المخدرات، وغسيل الأموال.
وشدد على أن إيران تستخدم وكيلها الإرهابي في العالم، وهو حزب الله، في أداء الأدوار المشبوهة التي لا يجب أن تنفضح علاقتها كدولة بها.
واعتمد النظام الإيراني على حزب الله اللبناني على عملية تواصل واسعة النطاق، من خلال شبكتها الدبلوماسية ومراكزها الثقافية في: الأرجنتين والبرازيل وبيرو وأوروجواي، لتدريس الثقافة الإيرانية، وتقديم المنح الدراسية في الجامعات الإيرانية، كما يستخدم طهران نظامًا استخباراتيًا متصلًا بالسفارات لتشغيل العصابات المنظمة.
وتورط حزب الله الإيراني على نطاق واسع أيضًا في أنشطة تهريب المخدرات وغسيل الأموال، مستفيدا من الثغرات الأمنية على الحدود بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي.
وفي عام ٢٠٠٧، أطلقت السلطات الأمريكية عملية سميت «كاساندرا»، نجحت في اعتقال ١٥ قياديًا بحزب الله، متهمين بغسل ملايين اليوروات من أموال المخدرات في أمريكا الجنوبية إلى أوروبا ولبنان.
ولفت «عبدالمنعم» إلى أن حزب الله يتعاون مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وتنظيم القاعدة، وداعش، لترسيخ الوجود في أمريكا اللاتينية.
وأشار إلى أنه طبقا للمعلومات فإن العلاقات المتينة تربط حزب الله بجماعة الإخوان في معظم دول أمريكا اللاتينية، وبخاصة في المكسيك والبرازيل والأرجنتين وبيرو.
حزب الله خطر على العالم
في غضون ذلك قال الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي في جامعة الزقازيق، إن وجود حزب الله في منطقة أمريكا اللاتنية، يعود إلى ثمانينيات القرن العشرين، عندما بدأ عملاؤه، في توسيع أنشطتهم بمجال الاتجار بالمخدرات، والتهريب من وادي البقاع اللبناني إلى منطقة الحدود الثلاثية.
وأوضح أن حزب الله استغل تجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية، لجني الأرباح والإنفاق على أهداف إيران مستفيدا من سيطرته على تجارة مبرما صفقات مع مهربي المخدرات الكولومبيين، الذين كانوا يسيطرون على المشهد في تلك الفترة.
ولفت «العفيفي» إلى أن عائدات تجارة المخدرات، هي الرافد الأساسي للإنفاق لدى حزب الله، دعما للنشاط الإرهابي الذين تتبناه إيران في أنحاء العالم كافة.
وأضاف: «هذه مشكلة لا تزال قائمة لأن حزب الله استطاع أن يُعزز وجوده في جميع أنحاء المنطقة، في فنزويلا، والمكسيك، بالإضافة إلى الوجود التقليدي في الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي».
كما تمكّن أعضاء حزب الله من إبرام صفقاتٍ مع كارتل تجارة المخدرات المعروف باسم لوس «زيتاس١٨».
حدث رد فعل إقليمي معاكس ضد الحزب. ففي يوليو ٢٠١٩، صنّفت الأرجنتين حزب الله منظمة إرهابية ١٩، وحذَت باراجواي حذوها بعد شهرين ٢٠، ومع ذلك، لا يزال حزب الله اللبناني نشطًا في معظم أنحاء أمريكا اللاتينية.
لقد كان وجود تنظيم القاعدة في أمريكا الجنوبية غامضًا، بالتأكيد بالمقارنة مع ما تمكّن الإيرانيون من القيام به من خلال حزب الله، وربما ليس من قبيل المصادفة أن تنظيم القاعدة بدأ عملياته في أمريكا اللاتينية في المنطقة ذاتها، هذا ما أتم به «العفيفي» تصريحه، مؤكدًا أن وجود حزب الله في أمريكا اللاتينية يمثل خطورة شديدة على العالم.
سياسة
أذرع طهران الإرهابية تمتد إلى أمريكا الجنوبية.. نظام الملالى يؤسس إمبراطورية إرهابية فى القارة اللاتينية يديرها حزب الله
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق