ذكر مقال نشرته صحيفة "الجارديان "البريطانية"، أن حادث إسقاط طائرة أمريكية من جانب سلاح الجو الروسي في مياه البحر الأسود، أمس الثلاثاء، يمثل تصعيدا خطيرا بين واشنطن وموسكو، ويحمل بين طياته الكثير من النذر التي لا تحمد عقباها، فيما نفت وزارة الدفاع الروسية أن تكون مقاتلات روسية صدمت أو أسقطت طائرة أمريكية مسيرة فوق البحر الأسود بالقرب من شبه جزيرة القرم.
وأضاف المقال، الذي كتبه الصحفي جوليان بورجر، أنه من المعتاد أن تحلق طائرات تابعة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلنطي فوق المنطقة القريبة من ساحة القتال بين القوات الروسية والأوكرانية، كما أنه من المعتاد كذلك أن تطلق القوات الروسية أو الصينية صافرات إنذار لتلك الطائرات، إلا أن إسقاط إحدى هذه الطائرات يمثل تطورا غير مسبوق يدعو للقلق.
وأشار الكاتب إلى أن التحليق المستمر لطائرات تابعة للولايات المتحدة أو لحلف شمال الأطلنطي في هذه المنطقة من وقت لآخر ينذر دائما بنشوب أزمة مع الجانب الروسي، ولاسيما في منطقة مشحونة بالتوتر بالفعل على خلفية الحرب الحالية في أوكرانيا، إلا أن الخطر الداهم هذه المرة يكمن في أن طرفي النزاع يمتلكان الآلاف من الرؤوس النووية والتي يمكن اللجوء إليها إذا لزم الأمر.
ويشير الكاتب إلى أن وزارة الدفاع الروسية قامت بنفي حدوث أي تواصل بين طائراتها الحربية طراز سو-27 والطائرة الأمريكية طراز "ريبر" والتي سقطت في المياه الدولية للبحر الأسود، مؤكدة في نفس الوقت أن الطائرة الأمريكية سقطت من تلقاء نفسها دون أدنى تدخل من الجانب الروسي، إلا أن الجانب الأمريكي، كما يشير المقال، يقول إن الطائرات الروسية قامت باعتراض الطائرة الأمريكية في تصرف وصفه بأنه "عدواني".
ويعبر الكاتب عن اعتقاده أن الهدف من وراء إسقاط الجانب الروسي للطائرة الأمريكية هو إبلاغ الجانب الأمريكي رسالة مفادها الابتعاد عن المنطقة القريبة من ساحة القتال بين القوات الروسية والأوكرانية حيث إن طائرات الاستطلاع الأمريكية التي تحلق بالقرب من منطقة الصراع تقدم معلومات للجانب الأوكراني والتي يستغلها في الحرب مع القوات الروسية.
ويشير المقال إلى أن هناك أحداث مشابهة كادت أن تصل إلى حد المواجهة بين واشنطن وموسكو منذ عام 2014، إلا أن الموقف هذه المرة يتسم بخطورة أكبر لأنه أدى إلى إسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكية على الرغم من وجود احتمالات أن الحادث غير مقصود وأنه ناتج عن خطأ بشري.
ويذكر الكاتب أن تكلفة الحادث قد تصل إلى نحو 32 مليون دولار، إلا أن تداعياته أكبر بكثير من مجرد التكلفة الاقتصادية للطائرة حيث تتسابق كل من واشنطن وموسكو في الوقت الحالي للحصول أولا على حطام الطائرة، وفي حالة تمكن الجانب الروسي من الحصول عليها أولا سوف يشكل ذلك سبقا كبيرا للمخابرات الروسية التي ستقوم بطبيعة الحال بتحليل محتوياتها.
ويشير الكاتب في ختام المقال إلى تقديرات قائد سلاح المارينز الأمريكي الجنرال دافيد بيرجر حيث يرى أن حادث إسقاط الطائرة يثير الكثير من المخاوف لدى الجانب الأمريكي بسبب عدم قدرة واشنطن على التنبؤ بما قد يسفر عنه من تطورات في الأيام القادمة.