عندما أجريت حوارا مع الكاتب الكبير الأديب "أحمد بهجت" وسألته عن كتاباته فى التصوف وهل هو متصوف، فوجئت بإجابته بأنه ليس متصوفا بالمعني الحرفي للكلمة لأن التصوف تجربة روحية تشف فيها الروح...
ثم صمت برهة وأكمل بأنه اهتم بكل ما كتبه "محيي الدين بن عربي" الملقب فى الصوفية «بالشيخ الأكبر» وخاصة كتابه "الفتوحات المكية".
ومنذ هذا الحوار وأنا بدأت أهتم بما كتبه "بن عربي"، وقد وجدت أن الكثيرين احتاروا فيه بين القبول المطلق له ولكتاباته والرفض المطلق ولكننى شعرت بمتعة لا مثيل لها عندما قرأت بعض كتبه.. وفى الأول والآخر لست من مجاذيبه.. أحببت فيه أنه شاعر مبدع وفيلسوف متفرد ووصل فى أقواله فى التصوف إلى مكانة عاليه جدا.
كلامه يدخلك فى عصف فكري فيه جمال للكلمة ولذة للعبارة مثل قوله إن "الحب موت صغير" ومثل قوله "المكان الذي لا يؤنث، لا يعول عليه” وغيره.
الأجمل هو أنني عثرت على رواية بعنوان "موت صغير" للروائى السعودي المبدع محمد حسن علوان والتى سبق أن فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية، وهي تستحق أن تقرأها أكثر من مرة.. روايه تجذبك حروفها الأولى ولن تستطيع مهما حاولت أن تتركها إلا بعد الانتهاء منها...
هذه الرواية تناولت سيرته بأسلوب أدبي أخاذ مقدرة لغوية ممتعة لا مثيل لها و الرواية من بدايتها حتى نهايتها مكتوبة بجمال ساحر حتى انك تتمني بعد انتهاء قراءتها أن تعيد قراءتها مرة ومرات.
الروايه سيرة تخيلية مكتوبة ببراعة فائقة وسترى أن كل كلمة فيها تتميز عما قبلها.. فيها تعيش حياة هذا الوليّ منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق.
وفى الرواية "منذ أوجدني الله في مرسيّة حتى توفاني في دمشق وأنا في سفرٍ لا ينقطع.. رأيت بلادًا ولقيت أناسًا وصحبت أولياء وعشت تحت حكم الموحدين والأيوبيين والعباسيين والسلاجقة في طريقٍ قدّره الله لي قبل خلقي.. من يولد في مدينة محاصرة تولد معه رغبة جامحة في الانطلاق خارج الأسوار.. المؤمن في سفرٍ دائم.. والوجود كله سفرٌ في سفر.. من ترك السفر سكن، ومن سكن عاد إلى العدم".