الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

مصطفى الزائدى يكتب: مأساة ليبيا من دولة ناهضة.. إلى نموذج للفشل والفوضى!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

البلاد تتجه للتقسيم.. ومخاطر تكوين دويلات غير عربية فى بعض أجزائها مخطط يجرى تنفيذه على قدم وساق

«على مستوى الدولة كانت ليبيا المعدمة خالية من أى نشاط اقتصادى يذكر باستثناء مزارع الإيطاليين وورشهم ومصانع بسيطة»

عندما أعلن استقلال ليبيا ١٩٥٢، كانت واحدة من أفقر عشر دول فى العالم، نتيجة السياسة الوحشية للاستعمار الفاشى الإيطالى، الذى مارس تمييزًا عنصريًا بشعًا بين الليبيين والمستوطنين الطليان، فحرم الليبيين من التعليم والرعاية الاجتماعية والصحية والتملك إلا لمن قبل التنصر والتجنس بالإيطالية، وهو الوضع الذى رفضه الليبيون فعاشوا حياة بدائية بائسة فى الواحات والصحارى وتكدس أغلبهم فى أعشاش أو أكواخ من الصفيح حول المدن، وكان بناء دولة مستقلة قادرة على البقاء أمرًا صعبًا، خاصة أنه قبل الاستقلال أديرت البلاد عن طريق الإنجليز مباشرة واستمر نفوذهم قويًا بعده، وفرض تواجد عسكرى أمريكى إنجليزى فرنسى فأنشئت قواعد عسكرية كبرى أمريكية وإنجليزية على طول الساحل وسيطرت فرنسا عسكريًا وأمنيًا على الجنوب.
بعد اكتشاف النفط فى الستينيات من القرن الماضى، بدأت حياة الليبيين تتحسن قليلًا، لكن سوء الإدارة والفساد وسطوة شركات النفط الأجنبية لم تمكن من تحقيق الكثير.
بعد ثورة ١٩٦٩ تم تأميم النفط وطرد القوات الأجنبية والمستوطنين الطليان وانطلقت خطة تنموية ثلاثية نجحت فى تحويل حياة الليبيين من تحت خط الفقر إلى وضع أفضل بكثير فقضى على أكواخ الصفيح والخيام التى كان يقطنها الليبيون وبنيت المساكن الحديثة، وفرض التعليم الإجبارى على الذكور والإناث وانطلقت ثورة زراعية وصناعية، وأنشئت شبكة كهرباء ضخمة أوصلت الكهرباء إلى كل القرى بما فيها تلك النائية فى الصحراء، وشقت الطرق، لكن الأهم كان توفير خدمات الصحة المجانية بما فيها توزيع الدواء، ودعم الغذاء وتوفيره بأسعار رمزية متساوية فى كل مناطق ليبيا، ونشر المعاهد والجامعات.
لقد تحولت ليبيا من دولة فقيرة جدًا إلى دولة غنية نوعًا ما، وحققت التنمية البشرية نموًا هائلًا ربما يعكسه تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية الصادر عام ٢٠١٠ والذى وضع ليبيا فى المرتبة الاولى أفريقيًا.
 


ولمحاربة الفقر وتحقيق مساواة عادلة بين المواطنين قررت الدولة فى بداية الألفينات إطلاق مشروع لا مثيل ولا سابقة له وهو المحافظ الاستثمارية الأسر للأسر الأقل دخلًا والأكثر عددًا استفادت منه ٣٠٠٠٠٠ أسرة ليبية أى ما يقل قليلًا عن نصف عدد الأسر الليبية البالغ عددها ٧٥٠٠٠٠ أسرة، حيث خصصت الدولة من دخل النفط مبلغ بين ٣٠ إلى ٥٠ ألف دينار ليبى لكل أسرة يستثمر فى محافظ خاصة عن طريق صندوق الإنماء ويساهم فى الشركات المختلفة وقيدت تلك المساهمات ملكية مقدسة للأسر وحصّنتها بقانون بحيث لا يجوز إلغاؤها أو تأميمها، وبحيث لا يقل الربح الشهرى للمحافظ عن ٥٠٠ دينار ليبى شهريًا "متوسط المرتبات الشهرية فى هذه الحدود".
لقد ساهم مشروع المحافظ الاستثمارية للأسر الأقل دخلًا فى الحفاظ على مستوى معيشى مرتفع، أخذا فى الاعتبار مجانية الصحة والتعليم فى كل المراحل ودعم الغذاء والكهرباء والوقود!.
على مستوى الدولة كانت ليبيا المعدمة خالية من أى نشاط اقتصادى يذكر باستثناء مزارع الإيطاليين وورشهم ومصانع بسيطة، فدخلت فى مرحلة تصنيع ضخمة حيث أنشئت صناعة صغرى لكل شئ وصناعة ثقيلة من الحديد والصلب والبتروكيماويات والكيماويات والإلكترونات والأسمنت واللدائن والصناعات التركيبية للسيارات والجرارات، ولازالت مصانع الصلب فى مصراته ومجمع راس لانوف للبتروكيماويات وتاجوراء للاكترونات والشاحنات وأبوكماش للكيماويات قلاع شاهدة على نهضة صناعية نموذجية فى بلد فقير متخلف.
فى قطاع الزراعة أنشئت مشروعات استيطانية ضخمة فى سهل جفارة جنوب طرابلس وفى الجبل الأخضر، ومشروعات أبقار وأغنام حققت اكتفاءً ذاتيًا من المنتجات الحيوانية، وكذلك أنشئت محطات ضخمة للدواجن حققت أيضًا اكتفاءً ذاتيًا، ثم بدأت عمليات استصلاح الصحراء من خلال مشروعات إنتاج ضخمة للحبوب والفواكه فى الجنوب الليبى استخدمت التقنيات الحديثة، لكن أهم المشروعات على الإطلاق كان النهر الصناعى العظيم، الذى نقل مليارات الأمتار المكعبة من المياه من الصحراء فى الجنوب الغربى والشرقى إلى الشمال عبر شبكة أنابيب هى الأضخم فى العالم.

معلومات عن الكاتب
د. مصطفى محمد الزائدى.. سياسى ليبى، تولى سابقًا منصب وزير الصحة، وكان نائب وزير الخارجية 2011، أمين الحركة الوطنية الشعبية الليبية.. يستعرض الجريمة التى ارتكبها الاستعمار الإيطالى بحق الشعب الليبى، والفوضى التى تعيشها البلاد منذ التدخل الغربى الأطلسى وما تبعه من تدمير للمؤسسات الليبية، خاصةً فى التعليم والصحة والخدمات بشكل عام.
 لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:
https://www.ledialogue.fr/