كثيرا ما كنا نسمع عن سبيل أم عباس، وسبيل محمد علي الصغير، وغيره لكن الكثير لايعرف سبيل "رقية دودو"؟
يقع السبيل في شارع السلاح بمنطقة الدرب الأحمر، وقامت بإنشاء هذا السبيل السيدة بدوية شاهين “دودو” وملحق به كتاب لتحفيظ القرآن وكان ذلك عام ١١٧٤ هجرية ١٧٦١ ميلادية كصدقة جارية على روح إبنتها رقية دودو حسبما أشارت إلى ذلك العديد من النقوش الكتابية التي وردت بواجهة السبيل .
رقية دودو هي ابنة الأمير المملوكي رضوان بك وحفيدة الأمير رضوان كتخدا الجلفي المملوكي، وتوفيت في سن صغيرة فأنشأت أمها هذا السبيل على روحها ونسبت رقية إلى أمها ولم يتم ذكر أبيها وهذا يبدو غريباً في المجتمعات العربية إلا أنه كان شائعاً بين طبقة الأمراء، والمماليك ربما حتى لا تتعرض للأذى نكاية في الأب أو يهدم السبيل من كارهيه وأعدائه خاصة مع ما تداول عن أبيها من سوء علاقته بالسلطة .
يتكون مبنى السبيل من طابقين الطابق السفلي سبيل والطابق العلوي كُتاب وهناك حجرة تحت الأرض تعرف باسم الصهريج، وتقع فوقها حجرة تسبيل الماء ذات الشبابيك الثلاثة والسبيل ملتصق من الثلاث جهات عدا الجهة الرابعة الغربية وتطل على الشارع بشبابيك التسبيل الثلاثة وهي واجهة مقوسة ويتميز بوجود مصطبة دائرية تتقدم الواجهة، وهى مخصصة لصعود المارة للشرب إلى جانب أن السبيل ينفرد بعدد من المميزات المعمارية التي كانت تميزه عن الأسبلة المعاصرة له أما السقف فهو مصنوع من الخشب الحافل بالزخارف الهندسية العثمانية.
من الكتابات المسجلة في بلاطة رخامية مربعة أعلى الشباك الأوسط للسبيل سبعة أسطر نقرأ منها “بسم الله الرحمن الرحيم، اسأل الله الكريم ينصر السلطان، ويرحم رقية دودو بنت بدوية شاهين” وهناك كتابة أيضاً في التغشية النحاسية، بأعلى نفس الشباك وبها “دودو رقية قد توفيت وانقضت إلى رحمة المولى الكريم القادر نور بإشراق السبيل مؤرخ جنات عدن في نعيم القادر سنة 1174”.
وفي كتابة على العمود الأيمن للشباك الأوسط “أيها الوارد إلى هذا السبيل اشرب ماء زلالا به يشفى العليلا الله تعالى يرحم من كان على اسمها هذا السبيلا” ويقابلها كتابة على العمود الأيسر لذات الشباك ونقرأ فيها “سبيل لله يا عطشان الله يرحم الواقفة وينصر السلطان ويجزيها ثواباً وإحسانا" أما الباب العمومي للسبيل فقد سجل فوقه “بسم الله الرحمن الرحيم اسأل الله الكريم ينصر السلطان ويرحم من كان على اسمها الكتاب والسبيل رقية دودو بنت بدوية شاهين".
وفي فبراير 2022 أعلنت وزارة السياحة والأثار الأنتهاء من ترميم المبنى ضمن مشروع الوزارة لترميم وإنقاذ 100 مبنى أثري بالقاهرة التاريخية وتضمنت الأعمال ترميم الأرضية الرخامية لغرفة التسبيل وترميم وعزل سقف الغرفة الخشبية المزخرف والشبابيك والكتبيات الخشبية الموجودة بغرفة الكتاب وتأهيل المنطقة الخلفية للسبيل كما تم تطوير شبكة الكهرباء ووضع نظام إضاءة جديد متكامل من الداخل والخارج .