أكدت نادية عبده، الباحثة في التراث، والملقبة ببنت البادية، أن شهر شعبان له مكانة عند أهل البادية فهم يعلمون تمامًا قدسيته، لأنه تتشعب فيه أعمال الخير وقد ذكره سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كثيرا، ولأنه مستحب فيه الصيام فكان يصوم فيه كثيرًا، ولأن الأعمال ترفع فيه؛ لهذا اهتموا به.
ومن مظاهر الاهتمام أنهم يستعدون له استعدادهم لشهر رمضان الفضيل، وهذا الاستعداد يشمل شراء مستلزمات متنوعة كافية لهذا الشهر، ويجرى تأديتها على أكمل وجه فهم يقومون بطحن كميات كبيرة من القمح للحصول على الدقيق، وهو الأهم في حياتهم لاستخداماته المتعددة والمهمة في حياتهم مثلا الفراشيح والزلابية.
الفراشيح
وأشارت باحثة البادية لـ«البوابة»، إلى أن أهل الطور تعلموا الفراشيح وأتقنوا صناعتها من الأتراك، ودائما يتفوق التلميذ على الأستاذ مقولة صحيحة، وأيضًا تعلموا عمل الكعك والغريبة ودائما مصنوعات تتحمل صعوبة مناخهم وأيضا أتقنوا العجمية ليست بالعجوة ولكن بالدقيق والسكر وقليل من الماء.
وكان الفضل لأهل مدين عندما حل سيدنا موسى عليه السلام ضيفا على سيدنا شعيب عليه السلام قدمه له ومنه تم نقله إلينا وتعلمه منه أهل قرية الوادي بطور سيناء، والذين برعوا فيه ومنهم انتقل إلى كل مدنها ووديانها وأروع طعم تجدها لديهم طريقة السوا على الصاج والحطب؛ لافتة إلى أن الولائم تكثر في هذا الشهر وكل بيت به مثل جاره ولأنهم يربون الماعز بأعداد كبيرة فإنهم يعتمدون عليها اعتمادًا كبيرًا فيذبحون ويقدمونها لأولادهم ولضيوفهم.
الفتة
وقالت بنت البادية: "إن من أشهر الأكلات السيناوية التي يفضلونها هي الفتة وهي عبارة عن أرز وفراشيح تقطع على وجه الأرز وتسقي بالشوربة مصبوب علي وجهها السمن الشيحي ويقدمون قبل الأكل تهيئة للمعدة وهي عبارة عن مقدار صغير من الشوربة والذي يطلق عليه البهريز لتستعد المعدة لهذه الوجبة الدسمة والتي يقبلون عليها في ليالي الشتاء قارسة البرودة.
التمر والزلابية
وأضافت: ويجهزون التمر ويوزعونه على بعضهم وجيرانهم وأولادهم وهي من الأمور التي تبعث الود والرحمة وتجعلهم يرتبطون بهذا الشهر ولابد من ربط الشهر ببعض الأشياء المهمة والتي كانت تعد من الحلوى المحببة لهم الزلابية بالسكر وتوزع أيضًا علي الجيران وعلى الرغم من أن عندهم زلابية إلا أن التبادل هذا يعد من البر الواجب في هذا الشهر ولابد من هذه العادة الجميلة، وكانت تجهز الأطباق الكبيرة وترص عليه اللحمة وتغطي بالفراشيح.
جامع المنشية
وتابعت: ويذهبون بها إلى جامع المنشية وهو الجامع الوحيد في مدينة الطور آنذاك، وتكون هذه الموائد في أول شهر شعبان وليلة الخامس عشر منه وكل بيت عليه أن يقدم ما عنده حتى تكفي والجامع طوال هذا الشهر يعج بالابتهالات الدينية والتي تعد مصدر البهجة للكبار والصغار ولتخليد الذكرى والفرحة بهذا الشهر ولابد من تسمية مواليد شهر باسم شعبان تخليدا وبركة وتفاؤلا ومواليد هذا الشهر يكونون مصدر سعادة لأسرهم.
ويكون هذا الشهر مجال التقاء بين الأهل لأن مدينة الطور تعج بهم لأنهم يأتون من كل حدب وصوب لشراء احتياجاتهم منها ويعودون وهم يحملون مقاضيهم على ظهور جمالهم ويروون لذويهم ما شاهدوه وما سمعوه وهكذا ينتظرون القدوم بفارغ الصبر حتى يلتقون بأحبائهم مختتمة حديثها قائلة: "كل عام وأنتم بخير ومصرنا عامرة بأهلها وشعبها وخيرها وكرمها ولكم مني التحية".