سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في التقرير الشهري حول الأوضاع في المسجد الأقصى، الضوء على الانتهاكات التي تعرضت لها ساحات الأقصى المبارك طوال شهر فبراير الماضي، التي جاء على رأسها اقتحام نحو 3,600 مستوطن، تحت قيادة عدد كبير من الحاخامات ورؤساء المدارس المتطرفين الصهاينة، ووسط حراسة مشددة من قبل شرطة الكيان الصهيوني.
وجاء في مقدمة هذه الانتهاكات الاستهداف المتزايد من قبل الاحتلال للدور الأردني في إدارة الأقصى المبارك، والعمل الحثيث على تقليص دور الأوقاف الإسلامية، بهدف فرض سيطرته على الأقصى المبارك. ومن صور ذلك: الاستمرار في منع أعمال الترميم في الأقصى بالتوازي مع تزايد الحفريات والأنفاق في محيط الأقصى، ما أدى إلى تسرب مياه الأمطار إلى المصلى المرواني، وغرق سجاد المصلى في أماكن متفرقة. كما ظهرت انهيارات جديدة لبعض البلاط قرب باب الغوانمة، وتساقط حجارة من الجهة الخارجية لمصلى قبة الصخرة.
وأشار المرصد في تقريره إلى ما نشرته صحيفة "ماكور ريشون" الصهيونية حول رفض رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" لمطلب أردني بزيادة عدد موظفي الأوقاف الإسلامية في الأقصى، معللًا رفضه بأن الوضع القائم به لم يتغير، زاعمًا أن اقتحام وزيره "بن جفير" -في يناير الماضي- لا يعد تغييرًا للوضع الراهن في الأقصى.
جاء هذا في الوقت الذي تستمر فيه قوات الاحتلال في اعتقال حراس الأقصى وإبعادهم عن الأقصى لفترات متراوحة حال اعتراضهم على استفزاز المستوطنين عند تنفيذهم الطقوس التي لا تتناسب مع قدسية المكان، وكان آخرهم "أحمد الصالحي" الذي اعتقل في 23 فبراير.
وتعقيبًا على هذا، أكد المرصد أن توجه الاحتلال لتقليص سلطة الأوقاف الإسلامية في الأقصى، يهدف من ورائه إلى الإجهاز على إدارة الأقصى وجعلها في يده؛ وما سيترتب على ذلك من استباحته وفتح أبوابه على مصراعيها أمام تدنيس المستوطنين، وتحقيق مطالبهم في تخصيص كنيس لهم في موضع مصلى "باب الرحمة".
أما عن المخاطر المُحدقة بالأقصى في الفترة المُقبلة، فتتمثل في تزايد الدعوات التحريضية التي أطلقتها منظمات الهيكل للمشاركة في العدوان على الأقصى فيما يُطلق عليه "عيد الفصح" في أبريل القادم، خاصة وأنه يوافق الأسبوع الثالث من شهر رمضان المعظم، حيث تسعى تلك المنظمات المتطرفة إلى إثبات تفوقها داخل الأقصى عند تقاطع المناسبات الإسلامية والصهيونية، كما يطمحون في استعراض قواهم بعد تولي الحكومة الجديدة ذات الطابع اليميني شديد التطرف، خاصة ضد الأقصى.
وكشف المرصد في تقريره عن الخطوات الفعلية التي اتخذتها منظمات الهيكل لحشد أكبر عدد من المستوطنين، ومنها توفير مزايا عدّة، مثل النقل المجاني، وتوفير مرشد داخل الأقصى بشكل مجاني، إضافة إلى إمكانية دمج الاقتحام مع زيارة إلى مركز لغربلة تراب الأقصى. كما سبق ودعت هذه المنظمات وزير الأمن القومي للكيان الصهيوني، "إيتمار بن جفير"، في يناير الماضي، إلى السماح لها بتقديم قربان "الفصح" داخل الأقصى.
وفي ذات السياق، قدمت شركة "تسيلمو" الاستيطانية طلبًا إلى شرطة الكيان الصهيوني من أجل تمكينها من تنفيذ مشاريع في المسجد؛ تساعد المستوطنين المتطرفين من ذوي الاحتياجات الخاصة في اقتحام الأقصى وتدنيس باحاته المشرفة.
ولم يتوقف التحريض عند هذا الحد، وإنما تجاوز ذلك ليصل إلى عدد من الشخصيات الاعتبارية التي تدافع عن الأقصى وتنافح عنه؛ حيث زعمت صحيفة "معاريف"، في تقرير عنونته بـ "محرضو القدس"، أن خطيب الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، يحرض على العنف ضد قوات الاحتلال الإرهابية والمستوطنين المتطرفين، مستهجنة بقاءه خارج أسوار السجن. كما تبعها في هذا التحريض، ضد الشيخ وعدد من الشخصيات الأخرى موقع "هقول هيهودي - الصوت اليهودي"؛ إذ اتهم 30 شخصية، من بينهم الشيخ عكرمة صبري، بالتسبب في التصعيد الحاصل في القدس المحتلة.
وردًا على ذلك، يؤكد المرصد أن الحملة الشعواء التي تشنها وسائل الإعلام الصهيونية على الشيخ "عكرمة"، تقف ورائها المنظمات والجماعات الصهيونية المتطرفة، التي تسعى بكل جهدها إلى القضاء على أي صوت يدافع عن الأقصى، ويدعو إلى الرباط فيه والتصدي لتدنيس المستوطنين، ومخططات تلك المنظمات المتطرفة.
وأمام ما تم رصده من تصعيد متعمد وانتهاك صارخ للمسجد الأقصى المبارك، فشدد مرصد الأزهر على أن الأقصى وقفٌ خالصٌ للمسلمين، رافضًا أي تغيير للوضع التاريخي والقانوني القائم داخله، كما يلفت إلى استمراره في فضح جرائم الاحتلال ومخططاته؛ للمساعدة في إعادة تشكيل الوعي لدى النشء والشباب العربي والمسلم حول الأقصى المبارك خاصة، والقضية الفلسطينية بشكل عام.