الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

سليم سحاب لـ«البوابة نيوز»: «مكاوي» أعاد أم كلثوم لمدرسة الطرب العصري.. و«بليغ» أسلوبه جديد.. وعدم تعاونها مع «الأطرش» حرمنا من النكهة الشامية.. وتخيلي لأغاني محمد فوزي للست «شابة وعاملة ريجيم»

سليم سحاب
سليم سحاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شارك فى صنع مجد كوكب الشرق أم كلثوم مجموعة متفردة من الشعراء والموسيقيين، فحظيت بكلمات رائعة، وألحان خالدة مجددة على مدار تاريخها الفنى الكبير، مع تمتعها بذكاء الاختيار الذى أعانها عليه نخبة من أفضل ما أنجبت مصر فى صناعة الموسيقى، لتخلد اسمها فى وجدان المصريين والعرب. 

ويصحبنا المايسترو الكبير سليم سحاب فى جولة موسيقية ساحرة حول المسيرة اللحنية لسيدة الغناء العربى أم كلثوم، ويفصح لنا عن قراءته لكل مرحلة من المراحل التى مرت بها على مستوى اللحن، كما يتطرق الحديث لعلاقته بموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب التى امتدت لبعد وفاته. 

وكان للخيال مساحة فى حديثنا مع المايسترو الكبير سليم سحاب ليرسم لنا تصوره لما ستكون عليه ألحان الفنانان المبدعان فريد الأطرش ومحمد فوزى لفنانة الشعب، وهل خطر بباله فى لحظة التعاون معها من قبل، كل هذه الموضوعات وأكثر نجدها فى حواره مع «البوابة ستار». 


■ محمد فوزى كان يأمل فى تقديم ألحان لأم كلثوم.. كيف كان شكل الموسيقى التى يقدمها لثومة إن عملا سويا؟ 

- لو قدر للفنان محمد فوزى التلحين لأم كلثوم لكانت ألحانه لها مليئة بالإشراق وحب الحياة والإقبال عليها وخفة الدم والبهجة، ولأبعدها بأسلوبه هذا عن الأسلوب التقليدى من القرن التاسع عشر، أسلوب زكريا أحمد، وعن الأسلوب التقليدى المتطور، أسلوب رياض السنباطي، فأغانى محمد فوزى لها أتخيلها "شابة وعاملة ريجيم". 

■ فريد الأطرش أيضا أسمع الست أغنية بعنوان "وردة من دمنا".. فهل كان من الصعب إقناعها بالعمل مع فنان جديد على فريق عملها؟ 

- الفنان الكبير المبدع فريد الأطرش لم يكن جديدا، لقد كان فى ذروة مجده وخبرته التلحينية والفنية، فعندما غنت أم كلثوم للملحن الجديد بليغ حمدي، كان يبلغ عمره ٢٩ عاما، وجال لحنه "حب إيه" الآفاق العربية ليلة غنائه على الهواء فى لقائها الشهرى مع الجماهير العربية. 

وقد تكون هناك أسباب كثيرة لعدم غنائها من ألحان فريد الأطرش، لكن النتيجة كانت واحدة، وهى حرمان المستمع العربي، بل تاريخ الغناء العربى من طعم جديد فى غناء سيدة الغناء العربي، طعم النكهة الشامية الجديدة عليها التى امتاز بها فريد الأطرش فى ألحانه له ولشقيقته العظيمة أسمهان والمطربين والمطربات الذين غنوا من ألحانه. 

■ كيف وجدت الألحان التى قدمها الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب لها؟ 

- ألحان محمد عبدالوهاب لكوكب الشرق أدخلتها مرحلة جديدة تختلف عما غنته سابقا، مدرسة الالتزام باللحن المدون المقنن، والابتعاد عن الارتجاليات الغنائية إلا نادرا فى مقاطع الغناء المرسل فقط، أدخلها أيضا عالم الأوركسترا المطعم بآلات غربية، مثل الجيتار والأورج والأوكورديون، وآلات الإيقاع المختلفة، مثل الرق والبانجوس والطبلة، بعد أن كان الإيقاع عندها مقتصرا على آلة الرق فقط للعازف إبراهيم عفيفي. 

أدخل عبدالوهاب أم كلثوم أيضا عالم الأوركسترا السيمفونى والتوزيع الأوركسترالى الكبير فى أغنياتها الوطنية "طريق واحد"، و"على باب مصر"، الدرامية الملحمية. 

■ كيف كانت علاقتك بموسيقار الأجيال عندما جئت لمصر؟ 

- علاقتى مع عبدالوهاب وجدانيا بدأت منذ طفولتي، واستمرت وكبرت فى أثناء دراستى الموسيقية فى روسيا، ثم بعد استقرارى فى مصر عام ١٩٨٨، عندما تعرفت عليه شخصيا، اتفقنا على أن أوزع أوبريت "مجنون ليلى" بأقسامها المعروفة، "قيس وليلى مع أسمهان"، و"جبل التوباد"، و"تلفتت ظبية الوادي"، والأقسام غير المعروفة التى غناها على العود والموزعة فى مجموعات خاصة عند أصدقائه العرب. 

وللأسف حالت وفاته دون ذلك، كذلك اتفقت معه على جمع معزوفاته الموسيقية العظيمة فى متتاليات سيمفونية موزعة، ووزعت منها حتى الآن المماليك والمعادي، وقمت بعد وفاته وبناء على طلبه، كما قالت لى أرملته المرحومة السيدة نهلة القدسي، بتوزيع لحنه الدينى "يا عاشق نور جمال النبي"، الدعاء الأخير، الذى سجله بصوته قبل وفاته ببضعة أيام، على أوركسترا سيمفونى مع أوركسترا عربي، وسجلته فى ستوديوهات الإذاعة المصرية، وطبع هذا التسجيل على كاسيت وأنتجته شركة صوت الفن، فمحمد عبدالوهاب شخصية فنية لا تنسى. 

■ من أهم الملحنين الذين قدموا للست موسيقى مختلفة جددت فى اختياراتها؟

- كل من لحن لكوكب الشرق قام بدور تاريخي، وساهم فى تطوير هذا الصوت التاريخى والإضافة له، ابتداء من أبوالعلا محمد الذى أسسها على الغناء الكلاسيكى التقليدى العربى النابع من مدرسة التجويد القرآنى من ناحية قوة الصوت ومخارج الألفاظ الصحيحة، والنطق العربى الصحيح والقدرة على الارتجال، وهى أهم صفة بالغناء فى القرن التاسع عشر، مرورا بزكريا أحمد الذى تابع معها فى هذه المدرسة، مدرسة القرن التاسع عشر، بكل عناصرها كونه تلميذا من هذه المدرسة، ثم أسلوب رياض السنباطى التقليدى المتطورالذى جاء بإضافات رائعة، ثم محمد القصبجى الذى خرج عن الأسلوب التقليدى وأدخل فى صلب أغانيها التوزيع الموسيقى والهارموني، والتى تطل على الغناء الأوبرالي، وذلك فى مونولوجاته العظيمة. 

ثم بليغ حمدى بأسلوبه العصرى الجديد، وسيد مكاوى الذى أعادها لمدرسة التطريب العصري، وأخيرا محمد عبدالوهاب الذى جمع كل هذه العناصر مضيفا إطلالة الأوركسترا السيمفونى الكبير، والتفكيرالأوركسترالى السيمفونى فى بعض أغانيها، مع تطوير فى الموسيقى التى تسبق المقاطع الغنائية التى تحولت معه إلى مقطوعات موسيقية صغيرة، وبالذات فى المقدمات العامة لأغانيها، فنرى الجمهوريسترجع هذه المقدمات الموسيقية مع أنها فى الأربعينيات رفضت لنفس السبب، مقدمة مونولوج "رق الحبيب" التى حولها ملحنها محمد القصبجى إلى معزوفة مستقلة سماها "ذكرياتي". 

■ وما أحب الألحان لقلبك من أغانى سيدة الغناء العربي؟ 

- من أغنيات القرن التاسع عشر أعشق بصوتها ألحان عبده الحامولى قصيدة "أراك عصى الدمع" التى تختصر كل عناصر المدرسة التى تخرجت منها صوت أم كلثوم، مع أننى أملك تسجيلين آخرين لنفس الأغنية لمطربين آخرين، من ألحان زكريا أحمد، لكن يصعب علىّ اختيار أغنية معينة، فهذا النوع التطريبى أحبه كثيرا، وكل أغانى زكريا أحمد لها من هذا النوع المحافظ على مكونات القرن الـ١٩. 

ومن النوع الجديد الذى أبدعه محمد القصبجى المطل على الغناء الأوبرالى لابد من ذكر "رق الحبيب" المليئة بالغناء الممدود على حروف العلة، الألف والواو والياء، وهذا ما يميز الغناء الأوبرالى المرسل والإلقائي، "Vocalise"، لكننى أحب كثيرا إنجازات القصبجى المتطورة فى استخدام التفكيرالموسيقى المعمق المطور الجريء، فى مونولوجاته لها الغنية جدا بالتلوينات والانتقالات المقامية، مثل أغنية "منيت شبابي" و"أخواتي" من فيلم "نشيد الأمل" وغيرها. 

ومن ألحان رياض السنباطى لها أعشق "يا ظالمني" و"رباعيات الخيام" و"الأطلال"، ومن ألحان بليغ حمدى أحب جدا "سيرة الحب"، أما من ألحان عبد الوهاب فمن القصائد أفضل "هذه ليلتي" ومن الزجل "فكروني". 

■ حدثنا عن ذكرياتك مع أغانى فنانة الشعب؟ 

- عاصرت الست كمستمع مثلى مثل ملايين العرب الذين أسعدهم الحظ بأن يعيشوا فى عصر أم كلثوم، وكان من حظى الاستماع إليها شخصيا فى حفلة فى لبنان قبيل سفرى لروسيا للدراسة الموسيقية سنة ١٩٦٥ التى استغرقت ١٢ سنة حتى ديسمبر من عام ١٩٧٧، وكدت أحضر شخصيا الحفلة المزمع إقامتها فى موسكو والتى ألغيت بسبب وفاة الزعيم جمال عبد الناصر. 

■ كيف وجدت التعاون بين قيثارة الشرق ورياض السنباطى الذى استمر على مدار ٤٠ عامًا؟ 

- التعامل الخاص بين أم كلثوم ورياض السنباطى يعد أهم مرحلة فى تاريخها الفني، بعد توقف زكريا أحمد ومحمد القصبجى عن التلحين لها، رياض يمثل المساحة الأكبر فى تاريخ أم كلثوم الفنى الكبير. 

■ هل تمنيت يوما معاصرة الست؟.. وكيف تتخيل شكل التعاون بينكما؟ 

مطلقا، لم يخطر ببالي، لأننى كنت أعتبر نفسى سعيدا ومحظوظا لكونى أعيش فى عصر أم كلثوم وحسب.