لما كان الملك «شبس كاف»، الملك السادس والأخير للأسرة الرابعة، قد توفي دون أن يكون له وارث في الملك من الذكور. قامت اخته «خنت كاوس» بنت «منكاورع» وادعت لنفسها الملك بصفتها بنت ملك -أي يجري في عروقها الدم الملكي- ولتعزيز نفوذها، قيل إنها تزوجت من أحد علية القوم، أو من أحد أفراد الأسرة الذين لهم حق في وراثة الملك. لكنها قامت بنفسها بأعباء الملك مع زوجها -الذي لم يذكر اسمه على أي مما وصلنا من ذلك العصر- ولكنها رزقت ولدًا كان وريثا للعرش، وهذا الملك هو «وسركاف».
وفي موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي. يذكر الأثري المصري الكبير سليم حسن، في الفصل السادس عشر، أن العلماء لم يعرفوا إلا شيئا يسيرا عن الملك «وسركاف»، خلافًا لما ذكر في ورقة «وستكار» التي كتبت بعد نحو ألف سنة من موته.
أيضا، عثر على رأس ضخمة لتمثال من الجرانيت الوردي في سقارة بالقرب من هرم هذا الملك. وهذا الرأس يعتبر المثل الوحيد الذي وجد لتمثال ضخم أكبر من الحجم الطبيعي بكثير في الدولة القديمة.
قبل توليته العرش كان الملك «وسركاف»، كاهنًا أعلى لبلدة عين شمس. ويرجح البعض أن مدة حكمه لم تدم طويلًا، وزعم البعض أنه لم يحكم أكثر من سبعة أعوام، ولم يترك وراءه ما يستحق الذكر من الأعمال الجليلة في تاريخ البلاد.
وقد جاء في نقوش حجر «بلرم» أنه وهب أراضي من أملاكه الخاصة إلى معبد الإله «رع»، وأمده بالقرابين في أيام الأعياد الخاصة ﺑ «أرواح عين شمس». كما بنى محرابًا في معبد «حور» بمدينة «بوتو» -تل الفراعين- وخصص لعبادة البقرة «حتحور» ضِياعًا في الدلتا، باعتبارها أم الإله «رع»، وبنى معبدًا للإله «سبا» -الصقر الناشر جناحيه- وأوقف له ضيعة صغيرة. وعلى وجه عام، أظهر العناية اللازمة نحو آلهة عصره. وقد عثر على خاتم أسطواني الشكل -محفوظ الآن في المتحف البريطاني- منقوش عليه لقب ينم عن ميوله الدينية، وهو «محبوب الآلهة».
بالطبع، أقام الملك «شبس كاف»، مثل أخلافه، معبدًا للشمس، يحتمل أنه كان في «أبي صير» بالقرب من سقارة. لكن، تشير الموسوعة إلى أنه اختفى نهائيًّا مثل هرمه "ولا يبعد أنه استعمل، فيما بعد، موردًا ومحجرًا لمباني العصور التي تلت، واسم هذا المعبد «نخن رع» -بلاط قربان رع- وقد عثر على إناء من المرمر الأبيض منقوش عليه اسم معبده في «سريجو» مما يدل على أنه كانت هناك معاملات من نوع ما بين مصر وجزر بحر إيجه -اليونان- في هذه الفترة".
وتذكر الموسوعة مقبرة لأحد عظماء مصر في عهد هذا الفرعون، اسمه «نكعنخ» في بلدة طهنا -المنيا- ويحمل لقب "مدير القصر، وحاكم المدن الجديدة، والكاهن الأعظم للإلهة «حتحور»، وسمير الملك".
تقول: ولا شك في أن «وسركاف» كان محتاجًا في هذا الظرف الخاص إلى أن يستميل إليه عظماء بلاده، ولذلك منح «نكعنخ» وظيفتين عظيمتين؛ الأولى أنه نصبه كاهنًا للإلهة «حتحور» في نفس بلدته، وكذلك عينه كاهنًا مشرفًا على أوقاف «خنوكا» أحد عظماء البلاد وأشرافها في عهد «منكاورع» وقد خصص لذلك أراضي شاسعة تبلغ مساحتها نحو 120 ستاتا.
تضيف الموسوعة: ومما يذكر أن «نكعنخ» قد كان رب أسرة كبيرة يبلغ عدد أفرادها 13 شخصًا، وكتب وصيته بتقسيم هذه المنح الملكية بينهم على أن يقوموا بالواجبات التي تتطلبها هاتان الوظيفتان. وبعد تقسيم الضِّياع بين نسله نقش على قبره ما يأتي:
لقد كان جلالة الملك «وسركاف» الذي حباني بأن أكون كاهنًا للإلهة «حتحور» سيدة «قوص»، وكان كل ما يجبى للمعبد كنت أنا الكاهن «الذي يتسلم» كل شيء يدخل المعبد، والآن فإن أفراد أسرتي سيكونون من بعدي كهنة للإلهة «حتحور» سيدة «قوص» كما كنت، وإني سأذهب إلى الغرب الجميل رجلًا محترمًا تاركًا كل هذا في ذمة خَلَفِي من بعدي.